قمر العلماء ..
يستغرب كثيرون انغماسنا في عالم الرياضيات و الفيزياء ..
ذلك الانغماس المجنون الذي يتبدى في أعنف صوره في العلماء من كل مجال .. معتقدين أن ذلك العالم قاحل كصحراء .. بارد كثلوج القطب .. غير مدركين أن الانسان لا ينغمس في شئ مالم يجد جمالا من نوع ما ..
ذلك القمر الذي لا يراه سوى قلة .. كم هو مدهش !
ملون بألف لون .. كألف شمس تظهر فجأة في ليلة حالكة الظلام .. دعنا لا نحصره بالأرقام فهو أكثر من قدرتها على الارتفاع في القيمة .. كغموض وجمال وضرورة المالانهاية تلك التي حيرت علماء الرياضيات ..
ذلك العالم المدهش من الخيال الذي تجده في العلم ..
تلك الدهشة الطفولية التي لا تنتهي وأنت تكتشف أشياء وعوالم وآفاق جديدة كل مرة ..
نعم نحن أولئك المجانين الذين يقفز أصغرهم لحل مسألة استغلقت عليه .. ويجن أعمقهم عند اكتشاف كوكب جديد في مجرة لعلنا لا نصلها يوما !..
ونقفز محتفلين لأن الموجات الثقالية تم رصدها (جنت الصفحات العلمية عند نشر هذا الخبر قبل فترة) ..
نسرح بتفكيرنا لأننا لم نجد حلا لمسألة ..
أولئك الحالمون بالتخييم على سطح القمر .. الباحثون عن كائنات أخرى عاقلة تواسي غربتنا في هذا الكون .. الخائفون على مستقبل البشرية من أخطار التلوث ..
أولئك الذين يستمرون في افناء أعمارهم لجعل حياتنا أفضل ومستقبلنا أرقى وفهمنا لعالمنا أعمق ..
لماذا يتحرك البندول من أحد الاتجاهين إلى الاخر دون توقف في حالة عزله عن مقاومة الهواء ؟
هل هناك نقطة مرجعية واحدة هي المنتصف أم أن هناك نقاطا أخرى ..
أحقا حركة البندول بسيطة أم أنها عالم صغير يلخص قوانين وفوضى عالمنا الكبير في ايقاع بسيط في ظاهره تكمن قمة تعقيداته في بساطته المدهشة تلك ؟
لماذا تيارات الماء تسير هكذا ؟ ..
ويفتحون لنا بخيالهم ذاك عوالم في داخل عوالم .. نجوم تلمع وشموس تضئ .. ذلك هو جمال العلم ! ..
ويغير شغفهم عالمنا .. فنقود السيارات ونركب الطائرات ونغوص في أعماق البحار.
للعلم جمال يزداد كلما تعمقت فيه .. تماما كالبحر لن يمنحك لؤلؤه مالم تتعلم الغوص وتتحمل مخاطر المغامرة وآلامها ..
إن وجدت العلم جافا ورديئا فاعلم أنك لازلت على الساحل ! ..
وكلنا على الساحل لولا بعض حكايات يرويها الغواصون في وقت فراغهم !
العلم هو تلك القاعدة التي تعلمك أن الجمال يكمن حتى في الصخرة الجرداء .. وهو تلك المعادلة التي تصوغ لك كيفية استخراج جمال الصخرة ..
الفرق بين نظرتنا ونظرة العلماء هو أننا ننظر للصخرة فنراها جرداء باردة لكنهم ينظرون للتمثال الذي سيحولونها إليه فيرون الجمال الذي يمثله تمثال أم ترضع صغيرها !
المصدر