تصنيف الوظائف


محتويات محاضرة تصنيف الوظائف
  • مفهوم تصنيف الوظائف
  • التطور التاريخي لتصنيف الوظائف العامة
  • أهمية تصنيف الوظائف
  • مشكلات تصنيف الوظائف
  • المبادئ الأساسية لتصنيف الوظائف
  • المراحل الرئيسة لتصنيف الوظائف

مفهوم تصنيف الوظائف

التصنيف، بصفة عامة، جزء أساس في التعاملات اليومية للإنسان. فنحن نلجأ إلى تصنيف الكائنات والأشياء، وتمييزها بعضها عن بعضاً، وفقاً لمعايير معينة، لتسهيل التعامل معها بما يؤدي إلى توفير الوقت والجهد والمال. وهكذا نقوم بتصنيف الناس وفقاً لخصائصهم الشخصية، ونصنف الأشياء إلى تصنيفات رئيسة وتصنيفات فرعية، وفقاً لنوعها، أو قيمتها، أو شكلها، أو لونها، أو حجمها، أو وزنها، ووفقاً للعديد من المعايير الأخرى التي تيسر لنا التعامل معها.

 وعلى هذا الأساس يتم تصنيف الكتب في المكتبات إلى تصنيفات رئيسة وفرعية: فهناك الكتب التاريخية، والكتب الجغرافية، والكتب العلمية. وهذه الكتب تصنف إلى تصنيفات فرعية، فكتب العلوم تصنف إلى: كتب الكيمياء، وكتب الفيزياء، وكتب الأحياء. كما أن كتب الكيمياء تصنف إلى تصنيفات فرعية أخرى، مثل: كتب الكيمياء العضوية، وكتب الكيمياء الحيوية، وكتب الكيمياء الهندسية. ويمكن أن يستمر ذلك التصنيف إلى تصنيفات فرعية أدق.

وحتى الكتب نفسها تصنف إلى أبواب، والأبواب إلى فصول، والفصول إلى موضوعات رئيسية وفرعية. وهكذا بالنسبة لمختلف التصنيفات التي نواجها في تعاملاتنا اليومية، مثل: تصنيف الأدوية في الصيدليات، وتصنيف الأنواع المختلفة التي تعرض في محلات البقالة، والملابس، والأجهزة الكهربائية.

ومثل تصنيف الكائنات والأشياء في مجال الحياة اليومية، يتم تصنيف الوظائف في الأجهزة الإدارية لتحقيق العديد من الأغراض. وبوجه عام، فإن عملية تصنيف (أو ترتيب) الوظائف تعني في الأساس بتجميع الوظائف بشكل منظم في مجموعات رئيسة، ثم تقسيم هذه المجموعات إلى مجموعات فرعية أخرى، وفقاً لتشابهها في نواح معينة، وذلك على أساس واجباتها ومسؤولياتها والمؤهلات المطلوبة لشغلها. 

ويتم ذلك التصنيف من خلال تجميع الوظائف في مجموعات رئيسة أو عامة (على أساس خصائص عريضة مشتركة بينها، مثل: التشابه في مجال العمل، أو في ظروف العمل، أو في المؤهلات المطلوبة لشغلها). ثم تقسيم تلك المجموعات العامة إلى مجموعات نوعية (تشمل كل مجموعة نوعية مهنة محددة أو نوعاً واحداً متخصصاً من العمل).

ثم تقسم المجموعات النوعية إلى مجموعات فرعية تسمى مجموعات (أو سلاسل) فئات تتضمن كل مجموعة منها الوظائف التي تنتمي إلى تخصص فرعي داخل المهنة الواحدة، ولكن تختلف عن بعضها من حيث درجة صعوبة العمل ومسئوليته). 

ثم تقسم كل مجموعة من مجموعات الفئات إلى فئات بحيث تضم كل فئة جميع الوظائف التي تتشابه في نوع العمل، ومستوى صعوبته ومسؤولياته، ومطالب التأهيل اللازمة لأدائه، ومن ثم تعطى كل فئة اسماً وظيفياً موحداً، وتعامل معاملة واحدة بالنسبة لكافة أمور إدارة الموارد البشرية.

ولتوضيح مفهوم تصنيف الوظائف، قد يكون من المفيد إلقاء بعض الضوء على المصطلحات الأساسية المستخدمة في هذا المجال:

الوظيفة: الوحدة الأساسية للتصنيف، وتضم مجموعة من المهام المتجانسة التي تتطلب معارف ومهارات وقدرات معينة للقيام بها، وتشكل واجبات ومسؤوليات العمل الموظف واحد.

الفئة الوظيفية: مجموعة من الوظائف المتشابهة في نوع المهام الرئيسية، ومستوى صعوبة الواجبات وأهمية المسؤوليات، ومطالب التأهيل اللازمة لأداء العمل. الأمر الذي يبرر إعطاءها المزايا نفسها، وتطبيق جميع إجراءات إدارة الموارد البشرية عليها بصورة متساوية.

المرتبة أو الدرجة أو المستوى: مستوى من الأجر في سلم الرواتب (الذي يتكون من عدد من المراتب التصاعدية)، وتمثل درجة معينة من الصعوبة والمسؤولية. وتشمل كل مرتبة فئات وظائف متساوية في درجات الصعوبة ومستوى المسؤولية، ومستوى مطالب التأهيل، ولكنها تختلف في طبيعة العمل. وهكذا فإن المرتبة الثامنة في سلم الموظفين العام في المملكة يوجد بها وظائف محاسبا، مفتش إداري، مهندس مدني، وغيرها من الوظائف التي تختلف في طبيعة العمل ولكن تتساوى في مستوى الصعوبة والمسؤولية.

مجموعة (سلسلة) الفئات: تتضمن كل مجموعة فئات، فئات الوظائف التي تتشابه من حيث نوع العمل، ولكن تختلف من حيث درجة الصعوبة ومقدار المسؤولية.

المجموعة النوعية: تقسيم رئيس للوظائف التي تنتمي إلى مهنة واحدة، وتشمل مجموعات من الفئات التي تمارس نشاطاً متماثلاً، مثل: الأعمال الهندسية، والطبية، والقانونية.


التطور التاريخي لتصنيف الوظائف العامة

لم يظهر تصنيف الوظائف بالمفهوم العصري القائم على تحليل واجبات الوظائف ومسؤولياتها والمعارف والقدرات والمهارات اللازمة لشغلها، إلا في أوائل القرن التاسع عشر، وذلك في مجال إدارة الأعمال في الولايات المتحدة الأمريكية، حين بدأت الشركات الأمريكية الكبرى بتنظيم عملية التوظيف فيها من خلال تصنيف وظائفها بناء على ما تتضمنه من واجبات ومسؤوليات ، بعد تزايد حجم أنشطتها وأعداد موظفيها بشكل كبير، ثم بدأت الفكرة في الانتقال إلى الأجهزة الحكومية الأمريكية في منتصف القرن التاسع عشر، وبعدها أخذت في الانتقال تدريجياً إلى بقية أرجاء العالم.

وكانت أول محاولة لتصنيف الوظائف العامة في الولايات المتحدة على المستوى الفيدرالي تلك التي أقرها الكونغرس الأمريكي سنة ۱۸۰۱ م. ففي تلك السنة أصدر الكونغرس قراراً دعا فيه الأجهزة الفيدرالية الرئيسة إلى صياغة خطط لتصنيف الموظفين الكتبة (clerks) لتحديد أجورهم وفقاً لخدماتهم. وبعد سنتين، في عام 1853م، أصدر الكونغرس قانوناً، تم بموجبه تصنيف الموظفين الكتبة في الأجهزة الفيدرالية الرئيسية وفقاً لرواتبهم في أربع درجات. 

(1) وهكذا فإن التصنيف وفقاً لذلك القانون كان تصنيفاً للموظفين أنفسهم وفقا لرواتبهم، لا تصنيفاً للوظائف نفسها على أساس واجباتها ومسؤولياتها. كذلك فإن خطة التصنيف السابقة لم تؤد إلى توحيد أسماء الوظائف أو أوصافها الوظيفية. لذلك فإن العديد من الوظائف المختلفة حملت الاسم ذاته، الأمر الذي أدى إلى أن يكون للوظيفة نفسها عشرة أو عشرون اسماً ومعدلات أجور متباينة، حيث لم يكن للأجر علاقة حقيقية بالأداء . 

(۲) ونتيجة لسلبيات هذا الوضع الذي غدا أكثر بروزاً مع نمو عدد الموظفين، أصبحت الحاجة ملحة إلى إعادة النظر في نظام التصنيف القائم.

وهكذا بدأت أولى المحاولات التي تهدف إلى تصنيف الوظائف بغية معالجة حالات الإسراف والمحاباة السياسية والشخصية والفوضى القائمة في تحديد واجبات ورواتب موظفي الحكومة الفيدرالية. ففي عام ۱۸۸۳ م صدر قانون بندلتون للخدمة المدنية (Pendleton Civil Service Act)، الذي كان مستمدة من تجربة إصلاح الخدمة المدنية البريطانية في الفترة ما بين ۱۸٥ م-۱۸۷۰ م. 

(۳) وبمقتضى ذلك القانون تم إنشاء جهاز مركزي مستقل للإشراف على شؤون الخدمة المدنية الفيدرالية (هيئة الخدمة المدنية (Civil Service Commission). كما أدى ذلك القانون إلى إنشاء فئات للوظائف غرض معاملة الموظفين بأسلوب موحد. وفي حين أن القانون أشار فقط إلى تصنيف موظفي الأعمال المكتبية، إلا أنه خول السلطة التنفيذية توسيع نطاق تطبيق القانون على فئات أخرى من الموظفين.

وفي عام ۱۸۸۸ م قام الرئيس غروفر كليفلاند (Grover Cleveland) بتصنيف جميع الموظفين الفيدراليين في عشر فئات وفقا لرواتبهم، ولكن لم يصاحب التصنيف أية محاولة المساواة الأجور أو ربطها بالمهام المؤدات فعلا. 

(4) ولم تبد الحكومة الفيدرالية الأمريكية اهتماماً بتقديم برنامج حديث لتصنيف الوظائف إلا بحلول عام ۱۹۲۰ م. ففي تلك السنة دعت هيئة الخدمة المدنية في تقريرها السنوي إلى تصنيف الوظائف على أساس المهام المؤداه، وإلى تحديد أجور متساوية لنفس النوع من الأعمال.

وفي سنة ۱۹۱۲ م كانت مدينة شيكاغو في ولاية إلينوي أول وحدة حكومية أمريكية تقوم بوضع خطة لتصنيف الوظائف وفقاً لواجبات الوظائف ومسؤولياتها. وتبعتها حكومة ولاية إلينوي، التي أصبحت أول ولاية أمريكية تقوم بتصنيف الوظائف على أساس واجبات الوظائف ومسؤولياتها. أما على المستوى الفيدرالي الأمريكي فقد شكل الكونغرس عام ۱۹۱۹م اللجنة المشتركة لإعادة تصنيف الأجور (Joint Commission on Reclassification of Salaries). وقد أصدرت تلك اللجنة تقريراً في عام ۱۹۲۰ م يدعو إلى تصنيف وظائف الحكومة الفيدرالية على أساس واجباتها ومسؤولياتها. علاوة على ذلك، قدمت اللجنة عدداً من المبادئ التي غدت تشكل المبادئ الأساسية لنظم تصنيف الوظائف. وتكونت تلك المبادئ مما يلي:

1. يجب أن يكون التصنيف للوظائف وليس للأشخاص.
2. يجب ألا تؤثر الخصائص الشخصية للموظفين على تصنيف الوظائف التي يشغلونها.
3. يجب أن تشكل واجبات الوظائف ومسؤولياتها الخصائص الأساسية التي يتم على أساسها تحديد التماثل بين الوظائف واختلافها بعضها عن بعض.
4. يجب أن تشكل الواجبات والمسؤوليات الوظيفية الأساس لتحديد المعارف والقدرات والمهارات اللازمة لأداء الوظائف وما يتعلق بها من مؤهلات علمية وخبرات عملية.
5. يجب أن يحمل الأشخاص الذين يشغلون وظائف في فئة وظيفية واحدة القدر نفسه من التأهيل المطلوب لأية وظيفة أخرى في تلك الفئة.

وبناء على توصيات اللجنة صدر قانون التصنيف (Classification Act) الفيدرالي في عام ۱۹۲۳ م، وبدأ تطبيقه سنة ۱۹۲٤ م، وذلك بهدف تحقيق الأجر المتساوي للعمل المتساوي. وكان ذلك القانون أول قانون لتصنيف الوظائف على أساس واجباتها ومسؤولياتها، ومطالب التأهيل اللازمة لشغلها. ولكن القانون لم يغط سوى الوظائف العامة الموجودة في واشنطن العاصمة ولم يمتد إلى وظائف فروع الأجهزة الفيدرالية. 

(5) كما لم تعهد إدارة النظام إلى هيئة الخدمة المدنية، وإنما أنشئت وحدة حكومية جديدة هي مجلس تصنيف الموظفين (Personnel Classification Board) وعهد إليها بإدارة خطة التصنيف الجديدة. وقد ألغي هذا المجلس في عام ۱۹۳۲ م، وأنيطت مهمة إدارة نظام التصنيف إلى هيئة الخدمة المدنية.

ولقد نشرت معظم إجراءات التصنيف المطبقة في تلك الفترة سنة 1941 م، في دراسة مشهورة، أعدتها لجنة تصنيف الوظائف وخطط الأجور في الخدمة العامة، المنبثقة عن جمعية الخدمة المدنية في الولايات المتحدة وكندا (حالياً جمعية إدارة الأفراد العموميين). ولقد تمخض عن تلك الدراسة تقرير سنة 1941 م، الذي كثيراً ما يشار إليه بتقرير باروخ (Baruch) رئيس اللجنة، وكان عنوان التقرير تصنيف الوظائف في الخدمة المدنية". ولا يزال هذا التقرير مرجعاً أساساً في مجال تصنيف الوظائف. وبالرغم من أن باروخ أقر بأن تصنيف الوظائف ما يزال فتا آخذاً في التطور إلا أن تصنيف الوظائف لم يتغير كثيراً منذ ذلك الحين. 

(6) وفي عام 1949 م بادرت الحكومة الأمريكية إلى تقديم برنامج شامل لتصنيف الوظائف، حيث صدر في تلك السنة قانون التصنيف (Classification Act) لعام ۱۹۹۹م ليحل محل قانون سنة ۱۹۲۳ م. ومثل القانون الأساس الحقيقي لنظام التصنيف الوظيفي الفيدرالي. وقد قام القانون بإنشاء جدولين، الأول أطلق عليه اسم الجدول العام (General Schedule) وتكون من ۱۸ مرتبة وظيفية، شملت جميع الموظفين المدنيين ذوي الياقات البيضاء في الحكومة الفيدرالية. وشمل الجدول الثاني الحرفيين وعمال الصيانة والحراسة. 

وفوض القانون مسؤولية تصنيف الوظائف في المراتب الخامس عشرة فما دونها للأجهزة الحكومية وفقاً للمعايير التي تضعها هيئة الخدمة المدنية (تسمى الآن مكتب إدارة الأفراد (Office of Personnel Management). وظلت الهيئة مسؤولة عن الإشراف على النظام ومراقبة تنفيذه، للتأكد من توحد عمليات التصنيف. " *

وقد قام قانون التصنيف لسنة 1949 م على الفلسفة نفسها التي قام عليها قانون عام ۱۹۲۳ م. وكانت تلك الفلسفة متسقة مع مبادئ الإدارة العلمية وأدت إلى نظام غير مرن كان مناسباً لتلك الفترة. 

(7) فقد كانت الحكومة الفيدرالية في ذلك الوقت تتكون من موظفين معظمهم من الكتبة يؤدون نطاقاً محدوداً من الأنشطة الموحدة نسبياً. 

(8) ومنذ ذلك الحين ظلت معايير التصنيف كما هي تقريباً، ولم تحدث إلا تغيرات ثانوية في الجدول العام في سنة ۱۹۰۸ م، وذلك في تعاريف الدرجتين الخامسة والسابعة من الجدول العام، وذلك بمقتضى قانون زيادة رواتب الموظفين الفيدراليين.

وفي سنة ۱۹۷۰ م أصدر الكونغرس قانونين مهمين لتصنيف الوظائف الحكومية. تضمن القانون الأول، قانون علاقات الموظفين الحكومية  بنداً يلزم حكومات الولايات والحكومات المحلية التي تطلب الحصول على إعانات من الحكومة الفيدرالية، تطوير نظم التصنيف الوظائف. 

والقانون الآخر هو قانون سياسة تقويم الوظائف (Job Evaluation Policy Act) الذي كلف هيئة الخدمة المدنية بإجراء دراسة عن تصنيف الوظائف، وتقديم تقرير عن نتائجها إلى الكونغرس. ونتيجة لذلك، وبعد سنتين من الدراسة، تم تطوير وتطبيق طريقة النقاط التقويم الوظائف. وأصبحت هذه الطريقة نموذجاً يحتذى به لتصنيف الوظائف في القطاع العام. 

وفي سنة الذي أقر الحاجة إلى اللامركزية في إدارة الموارد البشرية، من خلال منح سلطات كبرى في مجال إدارة الموارد البشرية، بشكل عام، إلى الأجهزة الحكومية والمديرين المسؤولين عن إنجاز أهدافها.

وفي سنة ۱۹۹۰ م صدر قانون التوافق في الأجر للموظفين الفيدراليين (Federal Employees Pay Comparability Act)، وبالرغم من أن هذا القانون أبقى على الجدول العام للرواتب، إلا أنه زاد من مرونة الجهات الإدارية في تحديد الأجور وتصنيف الوظائف وفقاً لظروف كل منها، ولكن مع الالتزام باتباع الخطوط العريضة التي يحددها مكتب إدارة شؤون الموظفين الفيدرالي. 

وفي سنة ۱۹۹۳ م صدر تقرير مراجعة الأداء الوطني بعنوان "إعادة ابتكار إدارة الموارد البشرية " (Reinventing Human Resource Management)، الذي تضمن عدة توصيات تنصب في الأساس على نقل سلطة إدارة الموارد البشرية مباشرة إلى الأجهزة الإدارية بعيداً عن مكتب إدارة الأفراد الفيدرالي.

وقد تبني مكتب إدارة الأفراد تلك التوصيات وتم تنفيذها. وحالياً فإن مكتب إدارة الأفراد يملك سلطة تصنيف الوظائف الفيدرالية، فيما عدا بعض الوظائف المستثناة قانونية. 

ويتولى المكتب تطوير وإصدار معايير وسياسات التصنيف النظام الأفراد الفيدرالي، وتقوم الأجهزة الفيدرالية باستخدام هذه المعايير والسياسات التصنيف الوظائف، وذلك تحت إشراف ومراجعة مكتب إدارة الأفراد. 

أما في بريطانيا فيرجع تطور تصنيف الوظائف إلى سنة ۱۸۵4 م، حين تشكلت في تلك السنة لجنة نورثكوت-تريفلان لإصلاح الخدمة المدنية

وأصدرت تلك اللجنة تقريراً لتنظيم الخدمة المدنية الدائمة - أدى إلى الأخذ بمبدأ دائميه الخدمة المدنية، وتصنيف الموظفين على أساس شخصي حسب مؤهلاتهم الدراسية. وبناء على توصية اللجنة تم تقسيم الوظائف العامة إلى ثلاث درجات (إدارية، وتنفيذية، وكتابية). 

وقد عكست تلك الدرجات الهيكل الاجتماعي القائم في ذلك الوقت في إنجلترا، والمكون من: طبقة عليا ووسطى وطبقة عاملة. وهكذا فقد كانت الدرجة الإدارية تتولى التفكير، والدرجة التنفيذية الإشراف، بينما تضطلع الدرجة الكتابية بمهمة تنفيذ الأعمال الروتينية.

(9) وقد شكل إنشاء هيئة الخدمة المدنية (Civil Service Commission) في عام 1855م، مرحلة جديدة من الإصلاح في الخدمة المدنية الإنجليزية. وفي عام ۱۸۷۵م، تم تشكيل لجنة بلاي فير (play fair) لدراسة جداول الرواتب في الخدمة المدنية، واستناداً إلى توصية اللجنة، تم إنشاء أربع فئات للموظفين تتفق مع المستويات التعليمية الأربع القائمة (الابتدائي، والإعدادي، والثانوي، والجامعي). 

وفي عام، 1886 م تشكلت لجنة ريديل (Ridley) لدراسة نظم الخدمة المدنية. وقدمت اللجنة تقريراً أوصت فيه بتقسيم كل مجموعة من مجموعات الوظائف العامة إلى درجات داخلية، مع تحديد راتب معين لكل منها، على أن يتم التعيين في الدرجة الأدنى لكل منها. فضلاً عن ذلك، أوصت اللجنة بتقليص عدد شاغلي درجات الفئة العليا، توفيراً للنفقات، وأن يكون الانتقال من فئة إلى أخرى مقصوراً على الأكفاء وحدهم.

وفي سنة ۱۹۱۲ م تم تشكيل لجنة ماكدونل الملكية (MacDonnell Royal Commission) الدراسة الخدمة المدنية، وبناء على توصيات اللجنة تم إخضاع الأجهزة الحكومية لنظام موحد للخدمة المدنية. ولكن توصيات اللجنة بإعادة تصنيف المجموعات الوظيفية لم يؤخذ بها. وفي سنة 1920 م تم تشكيل لجنة (هويتلي) لدراسة جهاز الخدمة المدنية، وقدمت اللجنة تقريراً قامت فيه بتقسيم الوظائف العامة إلى أربع فئات: الإدارية، والتنفيذية، والكتابية، والكتابية المساعدة.

وفي فبراير 1966 م أعلن رئيسين الوزراء البريطاني هارولد ويلسون تشكيل لجنة للخدمة المدنية، أصبحت تعرف فيما بعد بلجنة فولتون لدراسة الخدمة المدنية وتقديم توصياتها بهذا الخصوص. وأصدرت اللجنة تقريرها في سنة 1968م، وأشارت فيه إلى أن الخدمة المدنية قائمة في الأساس على مجموعة من الموظفين العموميين غير المهنيين. 

ويظهر ذلك جلياً على وجه الخصوص في الفئة الإدارية التي تشكل غالبية الخدمة. ووصفت موظفي الفئة الإدارية بالهواة؛ لأنهم كانوا دائمي التنقل من وظيفة إلى أخرى، ولم يكن لديهم تعليم مهني أو تدريب رسمي لأداء أعمالهم. وانتقد تقرير اللجنة نظام التصنيف القائم واعتبرته معيقة لعمل الخدمة المدنية ، وأوصت بإنشاء هيكل موحد للدرجات في الخدمة المدنية من الأسفل للأعلى، ولكن لم يتم إنشاء درجات موحدة إلا للوظائف العليا في الخدمة .

ومع مجيء مارغريت تاتشر إلى الحكم في ۱۹۷۹ م تم تنفيذ برنامج إصلاحي جذري، غيّر في كثير من القيم التقليدية للخدمة المدنية الإنجليزية، حيث تم إلغاء إدارة الخدمة المدنية (Civil Service Department) سنة ۱۹۸۱ م، كما تم تبني أسلوب إدارة الأعمال في الحكومة، ولم يعد وجود للسلم الوظيفي المركزي الموحد للخدمة المدنية، وبات من الصعب نقل الموظفين بين الجهات المختلفة في الخدمة المدنية. وأصبح تصنيف الوظائف في بريطانيا في الوقت الحالي يقوم على أساس تجميع الوظائف في مجموعات عريضة: كتابية، علمية، فنية، تنفيذية، إدارية..

أما فرنسا فقد كانت من أوائل دول أوربا الغربية التي سعت إلى العمل بنظام تصنيف الوظائف في القطاع الحكومي، وذلك إبان الحرب العالمية الأولى. ويقوم التصنيف الحكومي الفرنسي على أساس تقسيم عريض للموظفين العموميين إلى مجموعات متميزة ومجموعات فرعية وفقاً لمؤهلاتهم العملية.

وقد تبنت العديد من الدول العربية فكرة تصنيف الوظائف. ففي مصر يطبق نظام تصنيف الوظائف منذ عام 1964 م. وقد أخذت الكويت بتصنيف الوظائف على أساس الواجبات والمسؤوليات منذ عام ۱۹۷۹ م. وفي الأردن بدأ تصنيف الوظائف على أساس واجبات الوظائف ومسؤولياتها منذ عام 1966 م. وفي لبنان يتم تصنيف الوظائف وفقاً لواجباتها ومسؤولياتها. كما أن التصنيف على أساس الدرجات المالية والمؤهلات العلمية للموظفين تأخذ به كل من سورية، والعراق وليبيا والمغرب والجزائر.

وفي المملكة العربية السعودية بدأ تطبيق مفهوم تصنيف الوظائف على أساس تحليل واجباتها ومسؤولياتها عام ۱۳۹۱ هـ (۱۹۷۱ م)، أما قبل ذلك، فلم يكن ثمة تصنيف للوظائف قائم على أساس تحليل أعمال الوظائف وما تشتمل عليه من واجبات ومسؤوليات، بل ثمة تصنيف للموظفين العموميين أنفسهم. 

ويتطلب النظام الحالي للخدمة المدنية أن يتم تصنيف الوظائف بتجميعها في فئات تتضمن كل فئة منها الوظائف المتماثلة في طبيعة العمل ومستوى الواجبات والمسؤوليات والمؤهلات المطلوبة لشغلها.


أهمية تصنيف الوظائف

تنبع الأهمية الرئيسية لتصنيف الوظائف أساساً من النشطات الواسعة التي تضطلع بها الأجهزة الحكومية، وما تتطلبه تلك النشاطات من درجات متنوعة من المعارف والمهارات والقدرات، ومستويات متباينة من الواجبات والمسؤوليات. 

لذا فإن فكرة تصنيف الوظائف تقوم على أساس تجميع الوظائف المتماثلة في نوعية الواجبات ومستوى المسؤوليات والمؤهلات اللازمة للأداء في فئات متماثلة، حتى يمكن تحديد قواعد موحدة لكل فئة فيما يتعلق بكافة أمور إدارة الموارد البشرية، الأمر الذي يسهم في تحقيق العدالة في إدارة الموارد البشرية، ويساعد على تحقيق الاستقرار وحسن سير العمل في الأجهزة الإدارية. 

وبصفة عامة، يحقق تصنيف الوظائف العديد من المزايا في مجالات متعددة لإدارة الموارد البشرية، يمكن تلخيص أهمية تصنيف الوظائف كالآتي:

1- استحداث الوظائف

يساعد تصنيف الوظائف على تنظيم عملية استحداث الوظائف وقيامها على أسس موضوعية ومعايير منطقية ترتبط بواجبات الوظائف ومسؤولياتها، بأسماء ومراتب مناسبة حسب الحاجة الفعلية إليها. الأمر الذي يساعد على وضع الوظائف في موقعها المناسب في سلم الرواتب، والقضاء على الازدواجية والتداخل في الأعمال، أو احتمال استحداث وظائف تؤدى الواجبات والمسؤوليات نفسها، بأسماء مختلفة.

2- فاعلية الأداء

إن تجميع الوظائف في فئات بناء على التماثل في واجباتها ومسؤولياتها، يساعد المشرفين على توزيع العمل على نحو منظم وموضوعي، ويسهل الرقابة والإشراف على أداء الأعمال بشكل فاعل. إضافة إلى أنه يساعد العاملين في معرفة واجبات ومسؤوليات وظائفهم، وبالتالي معرفة المطلوب منهم أداؤه. وهكذا فإن التصنيف الوظيفي يسهم في تحسين العلاقة بين الموظفين والإدارة، وذلك لوجود نظام عادل يوضح الواجبات والمسؤوليات والصلاحيات لكل من الإدارة والعاملين.

3- توحيد الأسماء الوظيفية

يؤدي تصنيف الوظائف إلى توحيد المصطلحات والأسماء الوظيفية وتعميمها، حيث إن أسماء الوظائف تعكس طبيعة واجباتها ومستوى مسؤولياتها، يساعد في القضاء على التباين في أسماء الوظائف المتماثلة في طبيعة واجباتها ومسؤولياتها، وما قد يثيره ذلك من لبس، ومن ثم يسهم في خلق لغة إدارية مشتركة داخل الأجهزة الإدارية وفيما بينها، ويسهل التفاهم والاتصال بينها.

4- التنظيم الموضوعي للأجور

يساعد التصنيف الوظيفي على تنظيم الأجور والمزايا المادية للموظفين بشكل موضوعي وعادل، وذلك من خلال تطبيق مبدأي الأجر على قدر العمل والأجر المتساوي للعمل المتساوي. إذ إن تصنيف الوظائف يؤدي إلى تقسيم الوظائف في فئات متدرجة وفقاً لصعوبتها وأهمية مسؤولياتها، الأمر الذي يساعد على تحديد أجور ومزايا مالية مناسبة للوظائف وفقاً لمستوى صعوبة وطبيعة واجبات أعمالها والمؤهلات اللازمة لشغلها.

وهكذا، يمكن بناء هياكل موحدة لمرتبات مجموعات الوظائف المتشابهة، الأمر الذي يمكن مقارنة أجور الوظائف بعضها ببعض للتأكد من أن الأجهزة الإدارية تقدم أجوراً متساوية للأعمال المتساوية، ويقضي على احتمال وجود فجوات في الأجور المحددة للأعمال المتماثلة في مستوى صعوبتها وأهمية مسؤولياتها والمؤهلات اللازمة لشغلها.

5- تسهيل التخطيط للقوى العاملة وإعداد موازنات الوظائف

يساعد التصنيف الوظيفي على تخطيط القوى العاملة بشكل منظم وعلى مرتكزات سليمة. إذ يمكن من خلال تصنيف الوظائف تحديد عدد ونوعية الوظائف التي تحتاجها الأجهزة الإدارية لإنجاز أهدافها وتحديد المؤهلات المطلوبة لشغلها، ومن ثم وضع الخطط المناسبة للموارد البشرية في الأجهزة الحكومية. إضافة إلى ذلك، فإن التصنيف الوظيفي يسهل من التخطيط للقوى العاملة من خلال مساعدة المؤسسات الأكاديمية والتدريبية على وضع الخطط والبرامج التعليمية والتدريبية المناسبة من خلال تكييف مناهجها لتتمشى مع الاحتياجات الفعلية للوظائف التي يحددها نظام التصنيف، ومن ثم تحقيق نوع من الترابط والتكامل بين الهياكل الوظيفية والبرامج التعليمية والتدريبية.

علاوة على ذلك، فإن تحديد أسماء موحدة للوظائف في أجهزة الدولة بناء على ما تتضمنه من واجبات ومسؤوليات، ومعرفة الوظائف الشاغرة والمشغولة ونوعيتها والمؤهلات المطلوبة لمن يشغلها، والرواتب اللازمة لها، يمكن من إعداد ميزانيات الوظائف على أسس سليمة، ويساعد على تفادي احتمالات المبالغة في تقدير الميزانيات من حيث العدد والمستوى الوظيفي.

6- تحقيق مبادئ الجدارة

من الغابات الأساسية لتصنيف الوظائف إقامة نظام لإدارة الموارد البشرية قائم على مبادئ الجدارة، ويحقق العدالة والمساواة بين الموظفين، بحيث تكون قرارات إدارة الموارد البشرية مرتكزة إلى مرتكزات موضوعية ومحددة مسبقاً، ومرتبطة بواجبات الوظائف ومسؤولياتها، يخضع لها الأفراد بصورة متساوية.

وهكذا، ففي مجال شغل الوظائف العامة يساعد تصنيف الوظائف على تنظيم وتيسير عملية التوظيف وفقاً لمبادئ الجدارة، حيث إن التصنيف يؤدي إلى تجميع الوظائف المتشابهة في نوع العمل ومستوى الصعوبة ومطالب التأهيل في فئات واحدة. الأمر الذي من شأنه تسهيل عملية استقطاب الأفراد للوظائف الشاغرة، حيث يمكن وضع إعلانات شاملة للوظائف تعبر عن طبيعة واجبات الوظائف الشاغرة ومسؤولياتها. 

كما يمكن من تصميم إجراءات موحدة للاختيار للمتقدمين للوظائف المتماثلة في الواجبات والمسؤوليات. وهكذا يمكن وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وفقاً لمعايير موضوعية موحدة. علاوة على ذلك، فإن التصنيف الوظيفي يساعد المتقدمين للوظائف على دراسة الوظائف المتقدمين عليها من حيث طبيعة أعمالها وصعوبتها ومتطلباتها والمزايا التي يحصلون عليها ومقارنتها بالوظائف الأخرى، الأمر الذي يساعدهم على اتخاذ القرار المناسب في تحديد الوظيفة المناسبة التي يمكنهم التقدم عليها، ويسهل لهم التكيف مع الوظائف بعد تعيينهم عليها.

وفي مجال النقل الوظيفي، فإن وجود قواعد موحدة لتصنيف الوظائف يؤدي إلى تيسير عملية النقل بين الوظائف سواء داخل الجهاز الواحد أم بين الأجهزة المختلفة. حيث إن التصنيف يؤدي إلى تقسيم الوظائف في فئات وفقاً لمسؤولياتها وواجباتها، الأمر الذي يسهم في توحيد الأسماء الوظيفية وتوحيد الهيكل التنظيمي للأنشطة في الجهات المختلفة، وتوحيد نوع ومستوى الواجبات والمسؤوليات المتجانسة، وكذلك الشروط المطلوبة لشغل الوظائف المتماثلة. الأمر الذي من شأنه تسهيل النقل من وظيفة لأخرى عند الحاجة على أسس سليمة وموضوعية.

وفي مجال الترقية، يساعد تصنيف الوظائف على بناء نظام موضوعي للترقية، حيث يتم تجميع الوظائف المتشابهة في مجموعة واحدة وترتيبها تصاعدياً، الأمر الذي ييسر من عملية الترقية ويجعلها قائمة على مرتكزات موضوعية عادلة. كما أن فرص الترقي المتاحة للموظف تكون واضحة، فطريق الترقية للموظف يكون من فئة إلى فئة أعلى ضمن مجموعة الفئات التي تنتمي إليها وظيفته.

وفي مجال تقويم الأداء الوظيفي يساعد تصنيف الوظائف على وضع معايير موضوعية للتقويم مرتبطة بمهام الوظيفة، الأمر الذي يسهم في دقة التقويم واستبعاد العوامل الشخصية فيه.

وفي مجال التدريب الوظيفي، فإن توضيح تصنيف الوظائف لواجبات الوظائف ومسؤولياتها، يساعد على تحديد الاحتياجات التدريبية بأسلوب موضوعي، ويسهل من تخطيط وتصميم برامج التدريب والتطوير للموظفين على أساس تلك الواجبات والمسؤوليات.

7- إجراء الدراسات والمسوحات

يمكن التصنيف الوظيفي من إجراء الدراسات والمسوحات وعقد المقارنات الإحصائية بين الوظائف سواء داخل الجهات، أم بينها، وبين قطاعات العمل المختلفة، وحتى بين الدول فيما يتعلق بشؤون الموارد البشرية، الأمر الذي يساعد على إظهار العديد من الاتجاهات والمؤشرات العامة من حيث التوظيف والترقية والنقل والتدريب وتقويم الأداء الوظيفي وغيرها من الأمور التي يمكن تبادل المعلومات بشأنها والإفادة منها في مجالات متعددة.

مشكلات تصنيف الوظائف

بالرغم من المزايا العديدة التي يحققها تصنيف الوظائف، إلا أنه يثير عدداً من المشكلات التي يجب التنبه إليها والعمل على التخفيف من آثارها السلبية. ويمكن تلخيص أهم هذه المشكلات فيما يلي:

۱. إن عملية تصنيف الوظائف شاقة ومعقدة، وتستلزم الكثير من الوقت والمال والجهد. كما تستلزم توافر الكفاءات المناسبة لإعدادها وتنفيذها ومتابعة تطبيقها.

٢. جمود الهيكل الوظيفي، وافتقاره إلى المرونة الكافية للوفاء بالاحتياجات الخاصة بكل منظمة، ومقابلة التغيرات التي تطرأ في مجال الوظائف العامة. فبالرغم من المزايا العديدة التي يوفرها التصنيف في وضع قواعد موحدة لإدارة الموارد البشرية، إلا أنه من ناحية أخرى، قد يتجاهل الفروق الفردية بين الموظفين والحاجات الخاصة للمنظمات. فعلى سبيل المثال، فإن عملية نقل الأفراد بين الوظائف تتقيد بتوافر شروط الوظائف التي ينتقل إليها الأفراد، بغض النظر عن القدرات الفعلية لديهم، الأمر الذي قد لا يؤدي إلى الاستفادة الكاملة من مهارات وقدرات الأفراد.

فإذا كانت لوائح الخدمة المدنية تشترط توافر مؤهل في الحاسب الآلي لوظيفة مبرمج حاسب آلي، فلا سبيل إلى نقل موظف إلى هذه الوظيفة إلا إذا توافر لديه الحد الأدنى من المؤهلات المطلوبة لشغل هذه الوظيفة، فلا سبيل إلى نقله إلى هذه الوظيفة رغم أنه يستطيع القيام بمهامها بكل كفاءة واقتدار. لذلك، فثمة وجهة نظر ترى أن تصنيف الوظائف " يجري ضد فكرة التنظيم كهيكل انسيابي قادر على التكيف وسرعة التغير، وموجه نحو حل المشكلات وتحفيز الأفراد ".

٣. من بين الانتقادات التي توجه لتصنيف الوظائف أنه قد يجرد الموظف من الصفة الإنسانية. ففي كثير من الأحيان فإن تصنيف الوظائف لا يأخذ في الحسبان البعد الإنساني للوظائف، حيث يتم النظر إلى المنظمات على أنها مجموعة من الوظائف أو التخصصات التي يتم التنسيق فيما بينها عن طريق التدرج الهرمي، بصرف النظر عن الأفراد الذين يشغلون الوظائف. ...

4. قد يتمخض عن تصنيف الوظائف تخفيض بعض الوظائف إلى مستوى أدنى مما هي عليه في الهيكل التنظيمي الحالي، الأمر الذي يعني تقليل المزايا التي يتمتع بها شاغلو هذه الوظائف، ومن ثم التأثير سلبياً على روحهم المعنوية.

5. إن تصنيف الوظائف، مثله مثل أي نظام آخر، قد يتقادم ويصبح محدود الفائدة، وذلك بفعل تقادم أوصاف الوظائف نتيجة لما يطرأ على الوظائف من تغييرات بسبب التغيير في طبيعة الأعمال وأساليب وأدوات الأداء فيها والعلاقات التنظيمية بين الوظائف..

6. كثيراً ما يفتقر نظام التصنيف إلى الوضوح في الناحية العملية بالقدر نفسه من الوضوح من الناحية النظرية الأمر الذي قدي يترتب عليه ظهور نوع من المقاومة ضد نظام التصنيف من قبل الموظفين.


المبادئ الأساسية لتصنيف الوظائف

لتجنب الكثير من المشكلات التي قد يثيرها تصنيف الوظائف، ولتحقيق الغايات المرجوة منه، هناك عدد من المبادئ الأساسية التي ينبغي مراعاتها في هذا المجال، حتى يقوم التصنيف على أساس سليم يكفل له النجاح ويمكنه من التغلب على المصاعب والعقبات التي قد تعترض سبيله. ومن أهم هذه المبادئ ما يلي:

1. يجب تصنيف الوظائف وليس الأشخاص. فالتصنيف يكون للوظيفة، بصرف النظر عمن يشغلها، وينبغي ألا يتأثر تصنيف الوظيفة بالصفات الشخصية لمن يشغلها.

۲. يجب أن يتم تجميع الوظائف في فئات بناء على نوعية واجباتها ومدى صعوبة مسؤولياتها. وينبغي أن تؤلف الواجبات والمسؤوليات لأية وظيفة الخصائص الأساسية التي تميزها عن غيرها من الوظائف أو تجعلها مشابهة لها. كما يجب أن يؤدي تصنيف الوظائف إلى إنشاء مستويات دقيقة ومتناسقة من المراتب للوظائف، بحيث يتم تحقيق مبدأ الأجر المتساوي للأعمال المتشابهة، وبحيث يزيد الأجر بزيادة صعوبة العمل، والعكس صحيح. وبصورة عامة، ينبغي أن يؤدي التصنيف إلى معاملة الوظائف المتماثلة أو المتشابهة في طبيعة العمل ومستوى الصعوبة والمسؤولية ومطالب التأهيل معاملة واحدة في كافة مجالات إدارة الموارد البشرية.

3. يجب أن يكون نظام التصنيف عملياً وقابلاً للتطبيق، ومفهوماً من قبل المديرين والموظفين، ومرتبطاً بالنشاطات الأخرى لإدارة الموارد البشرية واعمالها. كما ينبغي أن يتصف بالمرونة، حتى يمكن مراعاة المتغيرات المستجدة في مجال الوظائف، وحتى يمكن بالتالي إجراء التغييرات اللازمة عليه وتطويره عند الحاجة بسهولة.


المراحل الرئيسة لتصنيف الوظائف

تهدف عملية تصنيف الوظائف في الأساس إلى تجميع الوظائف في مجموعات وفئات بحيث تضم كل فئة جميع الوظائف التي تتشابه في نوع العمل، ومستوى الصعوبة ومقدار المسؤولية، ومطالب التأهيل اللازمة لأداء مهامها. ولتحقيق ذلك فإن تصنيف الوظائف يتم وفقاً لعدد من المراحل المتتابعة. ففي البداية يتم جمع المعلومات عن الوظائف، ثم تحليلها ووصفها، يلي ذلك تكوين المجموعات والفئات الوظيفية، وإعداد مواصفات لكل فئة، يلي ذلك مرحلة إلحاق الفئات بالمراتب المناسبة لها، ثم إلحاق الوظائف بالفئات المناسبة لها، ثم ترميز الوظائف، وبعد ذلك يتم إصدار دليل التصنيف، وتنفيذ نظام التصنيف، وأخيراً متابعة تنفيذه.

المرحلة الأولي: جمع الحقائق والمعلومات عن الوظائف

تبدأ عملية التصنيف بجمع المعلومات اللازمة عن الوظائف لتحديد واجباتها ومسؤولياتها والمؤهلات اللازمة لشغلها. وتعد هذه المرحلة عنصراً أساساً في عملية تصنيف الوظائف، فكل المراحل التالية تكون عديمة القيمة إذا كانت مبنية على معلومات غير مناسبة.

المرحلة الثانية: تحليل الوظائف

في هذه المرحلة يتم تحليل المعلومات التي تم جمعها عن الوظائف من حيث واجباتها ومسؤولياتها، حتى يمكن الوقوف على خصائصها ومقوماتها الأساسية.

المرحلة الثالثة: تحديد أوصاف الوظائف ومواصفاتها

تمثل الأوصاف والمواصفات الوظيفية السجل الرسمي للواجبات والمسؤوليات والمؤهلات اللازمة لوظيفة معينة أو مجموعة من الوظائف. وبما أن الوظيفة هي التي يتم تصنيفها، وليس الشخص الذي يشغلها، لذا فإن فهم الوظيفة موضع التصنيف يعد أساسياً العملية التصنيف. لذا ينبغي إعداد الأوصاف والمواصفات الوظيفية بعناية لتعكس الملامح الهامة والمتطلبات الأساسية للوظائف حتى يمكن تصنيفها على نحو سليم ومناسب.

المرحلة الرابعة: إنشاء مجموعات الوظائف وفئاتها

يتم إنشاء المجموعات والفئات الوظيفية من خلال خطوتين رئيستين: الخطوة الأولى تتضمن تقسيم الوظائف على أساس نوع العمل، أما الخطوة الثانية فتتضمن تصنيف تلك الوظائف على أساس مستوى صعوبة العمل وأهمية المسؤوليات، وتتم هاتين الخطوتين على النحو التالي:

أولاً - تقسيم الوظائف على أساس نوع العمل

في هذه الخطوة يتم تقسيم الوظائف على أساس نوع العمل فقط (بصرف النظر عن درجة الصعوبة أو مستوى المسؤولية)، ويتم ذلك وفق الخطوات الفرعية التالية:

۱. تقسيم الوظائف إلى مجموعات عامة عريضة واسعة المدى، بحيث تمثل كل مجموعة إحدى مجالات النشاطات الأساسية في الخدمة المدنية. وهكذا يمكن تقسيم وظائف الخدمة المدنية على هذه الأساس إلى مجموعة عامة للوظائف الإدارية، ومجموعة عامة للوظائف التعليمية، ومجموعة عامة للوظائف الدبلوماسية، ومجموعة للوظائف الحرفية، ... إلخ..

۲. تقسيم كل مجموعة عامة إلى مجموعات فرعية تسمى مجموعات نوعية، تضم كل مجموعة منها جميع الوظائف التي تدخل في نطاق مهنة معينة أو خدمة متماثلة أو أوجه نشاطات متقاربة ومترابطة. وهكذا يمكن تقسيم المجموعة العامة للوظائف التخصصية، على سبيل المثال، إلى المجموعة النوعية للوظائف القانونية، والمجموعة النوعية للوظائف الهندسية، والمجموعة النوعية للوظائف الطبية، .... إلخ.

٣. تقسيم كل مجموعة نوعية إلى مجموعات متخصصة تسمى مجموعات أو سلاسل فئات، تتضمن كل مجموعة منها الوظائف التي تتميز بتخصص فرعي داخل المهنة الواحدة. وهكذا يمكن تقسيم المجموعة النوعية للوظائف الهندسية، على سبيل المثال، إلى مجموعة فئات وظائف الهندسة المدنية، ومجموعة فئات وظائف الهندسة المعمارية، ومجموعة فئات وظائف الهندسة الكيميائية، ... إلخ.

وهكذا فإنه بتكوين مجموعات الفئات تتكون مجموعات للوظائف تتشابه كل منها في نوع العمل، ولكن تختلف في مستوى صعوبة المسؤوليات. فعلى سبيل المثال، في داخل مجموعة فئات الوظائف الإدارية توجد فئات وظائف، مثل: مدير فرع، مدير إدارة، رئيس قسم، مدير شعبة، وكل فئة من هذه الفئات تتشابه في نوع العمل، إلا أنها تختلف من حيث مستوى صعوبة المسؤوليات. لهذا، فإن الخطوة التالية لعملية إنشاء مجموعات الوظائف وفئاتها، تتضمن تقسيم كل مجموعة من مجموعات الفئات، وفقاً لمستوى صعوبتها وأهمية مسؤولياتها، إلى عدد من الفئات تمثل كل فئة منها مستوى معين من الصعوبة والمسؤولية.

ثانياً - تقسيم الوظائف وفقاً لمستوى صعوبة العمل وأهمية المسؤوليات

بعد الانتهاء من الخطوة التي تم فيها تقسيم الوظائف على أساس نوع العمل إلى مجموعات عامة رئيسة، ثم إلى مجموعات نوعية (مهن)، ثم إلى مجموعات أو سلاسل فئات (تخصصات)، تبدأ الخطوة الثانية من تكوين مجموعات الوظائف، التي تتضمن تقسيم كل مجموعة فئات (سلسلة فئات) إلى عدد من المستويات المتجانسة في مستوى صعوبة العمل وأهمية مسؤولياته. ويتم تنفيذ هذه الخطوة على النحو التالي:

1. ترتيب الوظائف التي تتضمنها كل مجموعة فئات في نظام رأسي متدرج وفقاً لمستوى صعوبة أعمالها وأهمية مسؤولياتها، وذلك بمقارنة أعمال كل وظيفة من وظائف مجموعة الفئات الواحدة بأعمال الوظائف الأخرى في المجموعة نفسها. وينتج عن ذلك ترتيب الوظائف الداخلة مجموعة فئات من الوظائف الأقل صعوبة ومسؤولية إلى الوظائف الأكثر صعوبة ومسؤولية.

۲. يلي ذلك تقسيم الوظائف، بعد أن تم ترتيبها وفقاً لمستوى صعوبتها ومسؤولياتها، إلى عدد من المستويات يسمى كل مستوى منها فئة. وينتج عن ذلك أن تكون الوظائف داخل كل مجموعة فئات مقسمة وفقاً لمستوى صعوبتها ومسؤولياتها إلى عدد من المستويات، وكل مستوى من هذه المستويات ممثل فئة معينة.

والآن تكون كل مجموعة فئات مكونة من فئات متدرجة وفقاً لدرجة صعوبتها من أدنى فئة إلى أعلى فئة في تخصص واحد. وهكذا فإن وظائف الهندسة المدنية تقسم إلى فئات رئيسة متدرجة، فتكون هناك فئة وظائف مهندس مساعد، وفئة وظائف مهندس، وفئة وظائف مهندس مشرف، وفئة وظائف كبير مهندسين، وفئة وظائف مهندس مستشار.

فبالرغم من تشابه هذه الفئات في طبيعة العمل، إلا أن كل منها يختلف في المسؤوليات. كذلك فإن الوظائف الفنية تتضمن عدداً من المستويات المتدرجة من حيث المسؤولية والصعوبة، تبدأ بفئة فني مساعد، ثم فني ثاني، ثم فني أول، ثم رئيس فنيين ثاني، وتنتهي بفئة رئيس فنيين أول. وكل فئة من هذه الفئات تضم جميع الوظائف التي تتشابه في نوع العمل ومستوى الصعوبة والمسؤولية، ومطالب التأهيل اللازمة لأداء العمل، ويطلق عليها اسما وظيفياً واحداً، وتخضع لقواعد ومعاملة موحدة في كافة شؤون الموارد البشرية.

ونتيجة لتقسيم مجموعات الفئات في فئات متدرجة حسب درجة الصعوبة والمسؤولية يتكون نطاق أو مدى معين من الصعوبة والمسؤولية لكل مجموعة فئات. ويمثل نطاق الصعوبة والمسؤولية المسافة بين أول مستوى وآخر مستوى في مجموعة الفئات. ومن ثم فإن نطاق الصعوبة والمسؤولية يمثل سلسلة المستويات التي تحتوي عليها مجموعة الفئات. وهكذا فإن مجموعة الفئات تصبح هي المسار الطبيعي للترقية، حيث يتكون السلم الطبيعي للترقيات من وظيفة إلى وظيفة أعلى منها داخل مجموعة الفئات الواحدة.

ولما كانت مستويات الصعوبة والمسؤولية بالنسبة لأعمال الوظائف في مجموعة الفئات الواحدة متدرجة، وليس ثمة حدود أو فواصل واضحة تماماً بين هذه المستويات، فإنه يمكن، من الناحية النظرية، أن يتكون عدد كبير من الفئات حسب تدرج مستويات تلك الفئات. وليس هناك معايير محددة تماماً لعدد مستويات الفئات داخل كل مجموعة من مجموعات الفئات، إذ إن ذلك يخضع للسلطة التقديرية للمختصين.

خطوات تكوين المجموعات الوظيفية وفئاتها

1. تكوين المجموعات العامة
يتم تجميع جميع الوظائف في مجموعات عامة، بحيث تتضمن كل مجموعة عامة الوظائف التي تشترك في خصائص عريضة مشتركة فيما بينها. مثلاً، يتم تقسيم الوظائف إلى: المجموعة العامة للوظائف التخصصية، والمجموعة العامة للوظائف التعليمية، والمجموعة العامة للوظائف الدبلوماسية..

۲. تكوين المجموعات النوعية
يتم تقسيم كل مجموعة عامة إلى مجموعات نوعية، بحيث تشمل كل مجموعة نوعية الوظائف التي تنتمي إلى مهنة محددة. مثلاً يتم تقسيم المجموعة للوظائف التخصصية إلى: المجموعة النوعية للوظائف الهندسية، والمجموعة النوعية للوظائف الطبية، والمجموعة النوعية للوظائف القانونية..

3. تكوين مجموعات الفئات
يتم تقسيم كل مجموعة نوعية إلى مجموعات فئات، بحيث تتضمن كل مجموعة فئات الوظائف التي تنتمي إلى تخصص واحد داخل المهنة الواحدة، ولكن تختلف عن بعضها من حيث درجة صعوبة العمل ومسؤولياته. مثلاً، يتم تقسيم المجموعة النوعية للوظائف الهندسية إلى مجموعة فئات وظائف الهندسة المدنية، ومجموعة فئات وظائف الهندسة الميكانيكية، ومجموعة وظائف الهندسة الكيمائية ...

4. تكوين الفئات الوظيفية
يتم تقسيم كل مجموعة فئات إلى فئات، بحيث تضم كل فئة جميع الوظائف التي تتشابه في نوع العمل ومستوى صعوبته ومسؤولياته وواجباته ومطالب التأهيل اللازمة لأدائه، وبالتالي تعطي اسماً وظيفياً واحداً، وتعامل معاملة واحدة بالنسبة لكافة أمور إدارة الموارد البشرية. مثل، تقسيم مجموعة فئات وظائف الهندسة المدنية إلى: فئة مساعد مهندس، وفئة مهندس، وفئة رئيس مهندسين.


المرحلة الخامسة: إعداد مواصفات الفئات الوظيفية

بعد الانتهاء من مرحلة تكوين الفئات الوظيفية، تأتي مرحلة تحديد المواصفات لكل فئة منها. ومواصفات الفئات عبارة عن بيان مكتوب لكل فئة وظيفية يتضمن وصف إجمالي عام للوظائف التي تتضمنها، ويُظهر الخصائص التي تتسم بها الفئة وتميزها عن غيرها من الفئات الأخرى. ومواصفات الفئات مهمة لتصنيف الوظائف بقدر أهمية مواصفات الوظائف لعملية التوظيف؛ لأن هذه المواصفات تشكل المعيار الأساس الذي يتم على أساسه تحديد الاسم، والفئة، والمرتبة المناسبة لكل وظيفة.

وتنبغي الإشارة إلى أن مواصفة الفئة هي وصف عام وإجمالي للجوانب الأساسية التي تشترك فيها الوظائف التي تشتمل عليها الفئة، وليس وصفاً تفصيلياً لكل وظيفة تشتمل عليها الفئة الواحدة. حيث إن الوصف التفصيلي لكل وظيفة يتم في وثيقة "وصف الوظيفية " الخاصة بكل وظيفة مفردة. وثمة عوامل أساسية ينبغي مراعاتها، قدر الإمكان، عند إعداد مواصفات الفئات، ومن أهمها، ما يلي:

۱. أن تعبر بإيجاز عن خصائص وظائف الفئة.
۲. أن تبرز الخصائص التي تميز وظائف الفئة عن غيرها من وظائف الفئات الأخرى.
٣. أن تبرز الجوانب التي تشكل الأساس لتحديد المرتبة المناسبة للفئات، وتحديد الفئة المناسبة للوظائف.
4. أن تقتصر على ذكر أمثلة عن الأعمال الشائعة في وظائف الفئة، دون السرد التفصيلي لجميع الأعمال التي تتضمنها وظائف الفئة.
5. أن تتصف بالمرونة بحيث تسمح للرئيس المباشر بإسناد بعض الأعمال ذات العلاقة إلى المرؤوس، إذا اقتضت ظروف العمل ذلك...

ومن أهم العناصر التي تشتمل عليها مواصفات الفئة ما يلي:
١. اسم الفئة: يطلق على كل فئة من الفئات اسماً معيناً يعبر عن الطبيعة الأساسية لنوع العمل للوظائف التي تتضمنها الفئة، ويميزها عن الفئات الأخرى، ويكون دالا على المستوى النسبي لصعوبة أعمال وظائفها. ويطلق هذا الاسم على الفئة وعلى كل وظيفة تدخل فيها.

۲. تعريف عام للفئة: هنا يتم وصف الخصائص العامة الأساسية المميزة للوظيفة، بتقديم شرح موجز لواجبات الوظيفية ومسؤولياتها، ونوع الإجراءات والمهام التي ينبغي اتباعها، ومقدار الإشراف المتلقي.

٣. الملامح الأساسية المميزة للفئة: يقصد بالملامح المميزة لعمل الفئة الخصائص الأساسية التي تؤكد على الحدود الفاصلة بين وظائف كل فئة وغيرها من الفئات الأخرى، من حيث مستوى الصعوبة. ويتم ذلك عن طريق إظهار الجوانب التي تبرز مستوى الصعوبة في أعمال وظائف الفئة وأهمية مسؤوليات تلك الأعمال. ومن أهم هذه الجوانب التي ينبغي إبرازها في هذا الصدد، ما يلي:

(أ) نوع الإشراف الواقع على وظائف الفئة.
(ب) نوع الإشراف الذي تمارسه وظائف الفئة على الأعمال الأخرى، وعدد العاملين أو الوحدات التنظيمية التي يقع عليها الإشراف، وأنواع الأعمال التي يباشرها هؤلاء العاملون.
(ج) نوع المراجعة التي تخضع لها أعمال وظائف الفئة، ومدى تكرارها، ومن الذي يقوم بها، والغرض منها.
(د) ما يستلزمه أداء أعمال وظائف الفئة من إصدار قرارات أو تعليمات أو التقدم بتوصيات.
(هـ) الاتصالات التي يستلزمها أداء العمل والغرض منها ومدى تكرارها. او
(و) المسؤوليات التي تتضمنها وظائف الفئة من النواحي المالية أو مسؤوليات حفظ الأصناف أو الوثائق، وما إلى ذلك.
(ز) ما ينتج من مسؤوليات عن الأخطاء في العمل.
(ح) ظروف العمل ومخاطرة.

٤. امثلة تصويرية للأعمال التي تتضمنها وظائف الفئة: يفصل هذا الجزء، إلى حد بعيد، الوصف العام للفئة، ويتضمن عينة ممثلة للواجبات والمسؤوليات، وليس كل الأعمال. ويراعي في اختيار الأمثلة أن تكون من النوع الذي يصور الأعمال الشائعة في معظم وظائف الفئة، وأن تكون من النوع الذي يوضح السمات المميزة لهذه الأعمال، ويبرز مستوى الصعوبة وأهمية المسؤولية فيها. ومن الضروري الاهتمام بالواجبات التي تشغل معظم الوقت وإهمال الأعمال التي تكون بصفة مؤقتة أو طارئة.

5. الحد الأدنى من المهارات والقدرات والمعارف، وما تتطلب من مؤهلات علمية وخبرات عملية لازمة لشغل وظائف الفئة.

مثال: فئة وظائف باحثي تخطيط القوى العاملة
اسم الفئة:
باحث تخطيط قوى عاملة.
تعريف عام بالفئة.

تختص وظائف هذه الفئة بإعداد الأبحاث والدراسات في مجال تخطيط وتطوير القوى العاملة في الخدمة المدنية، ومصادرها المختلفة، وذلك بهدف تطوير كفاءاتها وزيادة إنتاجها، وما يستدعيه ذلك من التنسيق مع تلك المصادر. كما تتضمن تحديد المعايير والقواعد المناسبة لاحتياجات الجهات الحكومية من القوى العاملة، والقيام بالأعمال الأخرى ذات العلاقة بهذا المجال.

الملامح الأساسية المميزة للفئة:
يتضمن العمل الأساسي للفئة القيام بإجراء الدراسات والأبحاث في مجال القوى العاملة. وتخضع الفئة الإشراف عام، ومراجعة عامة لنتائج الأعمال، ولا تمارس مسؤوليات إشرافيه. ويتطلب عمل الفئة تقديم توصيات لتطوير العمل. وتتطلب إجراء اتصالات دورية مع وحدات تنظيمية داخل الجهة وخارجها لتبادل المعلومات في مجال القوى العاملة. ويتم أداء العمل فيها في ظروف عادية.

امثلة تصويرية لأهم واجباتها ومسؤولياتها:
- إعداد الدراسات والأبحاث عن مصادر القوى العاملة داخل المملكة وخارجها، ومدى ملاءمتها للعمل الحكومي ومحاولة نشر الوعي الوظيفي.

- إعداد الأبحاث والدراسات عن الأنظمة واللوائح في الخدمة المدنية، واقتراح التعديلات عليها والعمل على تطوير أنشطتها في مجال القوى العاملة.

- إعداد الخطط التطويرية للقوى العاملة في الجهات الحكومية لمواجهة احتياجات خطط وبرامج التنمية، مع شرح تلك الخطط والبرامج ومتابعة مدى تقدمها ومعالجة سلبياتها.

- تحليل مشكلات الوظائف في الجهات الحكومية، واستنتاج احتياجاتها من القوى العاملة، وتقديم المقترحات المناسبة لسد تلك الاحتياجات، واقتراح الأعداد المناسبة من الوظائف التي يجب اعتمادها وفق المعايير المناسبة.

- الاتصال بمصادر القوى العاملة والتنسيق معها، وتوضيح أهمية العرض والطلب لأخذ ذلك في الحسبان..

امثلة للمعارف والقدرات والمهارات المطلوبة للفئة:
- معرفة بالأسس والمفاهيم والمبادئ النظرية وتطبيقاتها في مجال تطوير القوى العاملة في الخدمة المدنية.
- معرفة بأنظمة الخدمة المدنية ولوائحها التنفيذية في مجال التوظيف.
- معرفة بالتعليمات والتوجيهات وإجراءات العمل.
- معرفة بمصادر القوى العاملة وأنواعها ومستوياتها.
- قدرة على إعداد الدراسات والأبحاث في مجال القوى العاملة.
- قدرة على اقتراح الخطط والبرامج والبدائل المتنوعة لكيفية الاستفادة من القوى العاملة.
- قدرة على عرض النتائج والتوصيات بطريقة مقبولة.
- قدرة على التنسيق والاتصال بمصادر القوى البشرية أو الجهات التي تحتاج إلى تلك القوي.
- قدرة على إعداد الإحصائيات وتحليلها واستخراج مؤشراتها.
- قدرة على إقامة علاقات عمل فاعلة مع الآخرين والمحافظة عليها.
- قدرة على تطبيق المعارف السابقة بمهارة.

الحد الأدنى من المؤهل العلمي:
درجة جامعية في تخصص الإدارة العامة، أو الاقتصاد.
الخبرة العملية
خبرة في مجال فئات وظائف تخطيط القوى العاملة.
التدريب
دورة تدريبية في مجال القوى العاملة، أو الدراسات، أو البحوث، لمدة لا تقل عن ستة أسابيع.

المرحلة السادسة: ترميز المجموعات الوظيفية

يتم ترميز المجموعات الوظيفية بتخصيص رمز رقمي يدل عليها، ويميزها عن غيرها من المجموعات الوظيفية الأخرى. ويهدف ترميز المجموعات الوظيفية إلى تسهيل المعاملات الإدارية في مجال إدارة الموارد البشرية، وذلك بتوضيح العلاقة، من حيث صعوبة العمل ومسؤوليته، بين كل فئة وغيرها من الفئات، سواء الداخلة معها في مجموعة الفئات نفسها، أم الوقعة ضمن مجموعات الفئات الأخرى. علاوة على تسهيل تحديد مجموعة الفئات، والمجموعة النوعية، والمجموعة العامة، والمرتبة التي تنتمي إليها كل فئة وظيفية، من خلال الرجوع إلى رموزها المحددة.

ويتم ترميز المجموعات الوظيفية من خلال تخصيص الخانة الأولى من الأرقام التي يتكون منها الرمز الوظيفي للمجموعة العامة للوظائف (وإذا زاد عدد المجموعات العامة عن تسع، فيتم تخصيص الخانتين الأوليتين للمجموعات العامة). وتخصص الخانتين التاليين للمجموعة النوعية، ويساعد هذا على تحديد موقع الوظيفة على نحو دقيق. ويخصص الرقمين التاليين لمجموعة الفئة التي تقع ضمن هذه المجموعة النوعية، ويساعد هذا على تحديد موقع الوظيفة على نحو أكثر دقة، ويتم تخصيص الرقمين الأخيرين للمرتبة الوظيفية. وهكذا، على سبيل المثال، نجد أن ترميز المجموعات الوظيفية في المملكة، تم وفقاً للنظام التالي:

1. رموز المجموعات العامة من.۰-۹.
۲. رموز المجموعات النوعية تبدأ من 00 ويمكن أن تستمر إلى 99.
٣. رموز مجموعات الفئات تبدأ من 00 ويمكن أن تستمر إلى 99.
4. رموز المراتب تبدأ من المرتبة الأولى حتى الخامسة عشرة.

فعلى سبيل المثال، إذا علمنا أن الرمز ۳ مخصص للمجموعة العامة للوظائف الإدارية والمالية، وأن الرمز ۳ مخصص للمجموعة النوعية لوظائف شؤون الموظفين، وأن الرمز 16 مخصص لمجموعة فئات وظائف باحثي وأخصائي تخطيط القوى العاملة، وأن سلم المراتب في المملكة يتدرج من المرتبة الأولى حتى الخامسة عشرة، فعند قراءة الرمز الوظيفي ۳۰۳۱۹۱۱ الوارد بدليل تصنيف الوظائف بالمملكة ، نستدل بأن الرمزي يشير إلى وظيفة تقع ضمن فئة أخصائي تخطيط قوى عاملة بالمرتبة الحادية عشرة، الداخلة في مجموعة فئات وظائف باحثي وأخصائي تخطيط القوى العاملة، التابعة للمجموعة النوعية لوظائف شؤون الموظفين، التابعة للمجموعة العامة للوظائف الإدارية والمالية.

المرحلة السابعة: تحديد العلاقات بين الفئات

في المرحلة الرابعة، مرحلة تكوين المجموعات الوظيفية وفئاتها، تم تحديد العلاقة بين الفئات الوظيفية من حيث نوع العمل، وعلى هذا الأساس تم تقسيم الوظائف، وفقاً لنوع العمل، إلى مجموعات عامة، ثم إلى مجموعات نوعية، ثم إلى مجموعات فئات. كذلك تم في تلك المرحلة تحديد العلاقة بين الفئات الواقعة في مجموعة فئات واحدة على أساس مستوى صعوبة العمل ومسئوليته، حيث تم ترتيب الوظائف الواقعة في كل مجموعة فئات ووفقاً لمستوى صعوبتها ومسؤولياتها، ثم تقسيمها إلى عدد من الفئات، بحيث إن كل فئة تتشابه من حيث نوع العمل ومستوى الصعوبة والمسؤولية. ونتيجة لذلك، تحدد النطاق الكامل للصعوبة والمسؤولية في كل مجموعة من مجموعات الفئات من الفئة الأقل صعوبة ومسؤولية إلى الفئة الأكثر صعوبة ومسؤولية في مجموعة الفئات نفسها.

غير أن المراحل السابقة لم تحدد العلاقة بين الفئات الواقعة في مجموعات فئات مختلفة، من حيث مستوى صعوبة ومسؤولية العمل. لهذا، يتم في المرحلة الحالية تحديد العلاقة بين الفئات الواقعة ضمن مجموعات فئات مختلفة، من خلال تحديد القيمة النسبية الكل فئة ومستواها بالنسبة إلى الفئات الأخرى الواقعة في مجموعات الفئات الأخرى، بعد أن تم تحديد العلاقات بينها على أساس نوع العمل. وهكذا، على سبيل المثال، يمكن تحديد الأهمية النسبية للفئات الواقعة ضمن مجموعة فئات وظائف الحاسب الآلي، مقارنة بالفئات الواقعة ضمن مجموعة فئات وظائف التدريب، ومقارنة بالفئات الواقعة ضمن مجموعة فئات وظائف المحاسبة، ومقارنة ببقية فئات الوظائف الواقعة في مجموعات الفئات الأخرى.

ويتم تحقيق ذلك من خلال تقسيم النطاق الكلي للصعوبة والمسؤولية الذي يغطي جميع مجموعات فئات الوظائف موضع التصنيف، إلى عدد من المستويات أو المراتب (تسمى مراتب التصنيف)، التي يتم تعريف كل منها ما يبرز خصائص الفئات التي تلحق بها، وبحيث تشمل كل مرتبة منها مستوى معين من الصعوبة والمسؤولية. وينتج عن ذلك الحصول على هيكل متدرج يتكون من عدد من المراتب تمثل كل منها مستوى معين من الصعوبة ويكون لكل منها تعريف معين يبين حدود هذه الصعوبة.

بعد ذلك يتم إلحاق الفئات بمراتب التصنيف المناسب لها، وذلك على أساس درجة صعوبة الواجبات وأهمية المسؤوليات، ومطالب التأهيل اللازمة لأداء أعمال الوظائف في كل فئة، والذي يماثل مستوى الصعوبة والمسؤولية والمؤهلات التي تتضمنها المرتبة التي تلحق بها. وهكذا يتم وضع الفئة ذات الوظائف الأكثر صعوبة ومسؤولية بالمرتبة الأعلى، ويتم وضع الفئة ذات الوظائف الأقل صعوبة ومسؤولية بالمرتبة الأدنى. وينتج عن ذلك أن تتضمن كل مرتبة جميع فئات الوظائف التي تتماثل في مستوى صعوبة العمل ومسئوليته، ومستوى المؤهلات اللازمة لأداء العمل، رغم اختلافها في نوع العمل. ويتم إلحاق الفئات بمراتب التصنيف المناسبة لها من خلال إجراء مقابلة بين مواصفة أعلى فئة في كل مجموعة للفئات وتعاريف المراتب التي سبق إعدادها، ثم تحدد المرتبة المناسب للفئة الأعلى المشار إليها وتدرج فيها. بعد ذلك تعقد المقابلة نفسها بالنسبة لأدنى فئة في مجموعة الفئات نفسها مع تعاريف المراتب ثم تحدد المرتبة المناسبة للفئة الأدنى المشار إليها.

ثم تسند باقي فئات مجموعات الفئات التي تقع فيما بين الحدين الأعلى والأدنى، إلى المراتب المناسبة تباعاً، وبالتالي، وبالأسلوب السابق نفسه، بعد التحقق من تقريبها إلى أحد الحدين الأعلى أو الأدنى الذي تكون الفئة أقرب إليه، أو إلى الفئة التي ثبتت المرتبة المناسبة لها وفقاً للأسلوب نفسه، على أن يتم كل ذلك في ضوء المعرفة الدقيقة لعوامل تصنيف الوظائف، والفهم الواضح لتعاريف المستويات، والقدرة على الموازنة والمقابلة والحكم السليم.

وتلحق الفئات بمراتب التصنيف المناسبة لها على أساس مجموعات الفئات التي تنتمي إليها، مجموعة تلو الأخرى. فعلى سبيل المثال، يتم البدء بإلحاق فئات مجموعة فئات وظائف الطب البشري بالمراتب المناسبة لها، ثم مجموعة فئات وظائف الطب البيطري، ثم مجموعة فئات وظائف الصيدلة، وهكذا يستمر إلحاق الفئات بالمراتب المناسبة لها مجموعة تلو الأخرى إلى أن يتم إلحاق كل فئات الوظائف بالمراتب المناسبة لها. وبعد استكمال إسناد الفئات إلى مراتب التصنيف المناسبة لها على النحو السالف، يعد جدول بالمراتب والفئات الوظيفية، بحيث تتضمن كل مرتبة جميع فئات الوظائف التي تتماثل في درجة الصعوبة وأهمية المسؤولية رغم اختلافها في نوع العمل ومجال التخصص فيه.

وتنبغي الإشارة إلى أن مراتب التصنيف ليست بالضرورة المراتب التي يتضمنها سلم الرواتب. إذ إن تحديد الراتب المناسب لكل فئة تدخل فيه عوامل أخرى، مثل الأجور السائدة في سوق العمل، إلى جانب صعوبة ومسؤولية العمل. من ناحية أخرى، يمكن تحديد العلاقات بين الفئات باستخدام الأساليب الكمية لتقويم الوظائف، على النحو الذي سيتم توضيحه في الفصل القادم..

المرحلة الثامنة: إلحاق الوظائف المفردة بالفئات المناسبة لها

في هذه المرحلة يتم تحديد الفئة المناسبة لكل وظيفة وإلحاقها بها، وذلك من خلال مقابلة أوصاف الوظائف، التي تم تحديدها في عملية تحليل الوظائف، بمواصفات الفئات. والأساس في إلحاق الوظيفة بفئتها المناسبة هو نوع العمل، ومستوى صعوبة الواجبات وأهمية المسؤوليات، ومطالب التأهيل اللازمة لأداء العمل في الوظيفة. ولكن التقدير الشخصي للقائمين بالتصنيف يلعب دوراً أساساً في تحديد الوظائف المناسبة لكل فئة، ولكن هذا التقدير ليس عشوائياً، بل يعتمد على خبرة المختص بالتصنيف وقدرته على مقارنة أوصاف الوظائف بمواصفات الفئات.


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-