التعليم وأثره على النمو


التعليم تتضمن عملية التعليم العديد من الإجراءات التي تسهم في تحقيق التعلم في مجالات علمية مختلفة، من أجل الوصول إلى أفضل السبل المعرفية وذات قيمة ومهارة عالية تؤثر بشكل أساسي في المعتقدات والعادات الفردية والمجتمعية، وذلك وفقًا لمجموعة من الطرق التعليمية المتمثلة في التدريب العملي والتدريس النظري والمناقشات وإعداد الأبحاث العلمية والثقافية، ومن الجدير بالذكر أن للتعليم إمكانية ذاتية، فمن الممكن للفرد تعليم نفسه بنفسه أو تحت إشراف عدد من المدربين والمعلمين، ويحث التعليم وفقًا للعديد من سبل التفكير العقلي والإحساس، بالإضافة إلى مجموعة من الأفعال التدريبية والعملية المختلفة، وتعد أهمية التعليم في بناء المجتمع من أهم الفوائد الفردية والمجتمعية في التطوير العلمي والتكنولوجي.

يساهم التعليم في تقدم المجتمعات وتطويرها، فلا يمكن إصلاح أي مجتمع وجعله أكثر تحضراً وتقدماً إلا من خلال التعليم، وتعتمد ثقافة أي مجتمع بالأساس على تعليم أفرادها، حيث أن الأفراد المتعلمين أكثر إدراكاً لأهمية التخلص من القواعد النمطية، والتقاليد الغير مبررة من أجل تحقيق التنمية والتقدم للمجتمعات، كما يساهم الأشخاص المتعلمين في تقدم المجتمعات من خلال المشاركة في التصويت، والتقليل من نسب الطلاق والتدخين بالمجتمع، وبالتالي فإن التعليم عبارة عن قوة عظيمة لنشر الخير في المجتمعات، وهو السبيل للوصول إلى عمل أفضل بفائدة أكبر.

يساعد التعليم على نمو الفرد من خلال اكتساب المعرفة ومعلومات متنوعة من حول العالم؛ لأن التعليم يتيح للفرد القدرة على تلقّي المعلومات الّتي يمكن الحصول عليها من أكثر من مصدر، كما يخلق فرصة رائعة للنمو والتوسّع، بما في ذلك تنمية قدرة البحث عن المعرفة والمعلومة، ويدرب العقل البشري على زيادة الوعي والإدراك، وتنمية طريقة التفكير، وكيفية تمييز الصواب من الخطأ، وكيفية اتخاذ القرار، وما إلى ذلك، ويتلو ذلك قدرة التعليم على تعزيز الثقة بالنفس، والتطلّع إلى الأمور بنظرة إيجابية، ويساعد في تسهيل الحصول على الوظيفة المناسبة بسهولة؛ لأنه يفتح أبواب الوصول إلى الفرص الوظيفية الجيّدة، ويجلب ميّزات حياتية رائعة، إضافة إلى الحصول المتعلمين على رواتب أعلى.

يلعب التعليم دورًا مهمًا بالنسبة لنمو الفرد والمجتمع، إذ يعد الهدف الأساسي من التعليم هو مساعدة كل فرد على تنمية قدراته المعرفية والإدراكية الخاصة، كما يركز على تنمية القيم والمواقف والسلوكيات الّتي تُمكّن جميع أفراد المجتمع من تعلّم العيش بسلام معًا، وفي عام 1960 ميلاديًا أقرّت اليونيسكو بضرورة تكافؤ فرص التعلّم لدى جميع أفراد المتجمع لجميع الفئات العرقية والقومية والدينية، إذ يعد التعليم هو الطريقة السريعة لمساعدة الناس في تحسين معرفتهم وخبراتهم، إذ ينعكس التعليم على المجتمع كثيرًا، ومن أثآر التعليم في بناء المجتمع أنه يساعد في التركيز على الجانب الإنساني الاجتماعي، ويساعد بتحسين حال المواطنين؛ لأن عن طريق التعليم تنشر الثقافة والتوعية، كما يساعد في جعل المواطنين مسؤولين على القيام بواجباتهم الوطنية.

ويكمن أثر التعليم على النمو من خلال إصلاح الموقف والأفكار الخاطئة الّتي تكوّنت عند الأطفال، ومحو التصرّفات الخاطئة الّتي تؤثّر على المجتمع كالعنصرية، والكراهية، ويقوم بغرس القيم الثقافية والاجتماعية والوطنية، ومساهمته بتنمية التكافل الاجتماعي وجعل الأفراد يدركون أهمية التعاضد والتعاون لمحاربة أيّ ضرر يلحق المجتمع؛ وتنمية الوعي لأن الوعي يُعتبر اللبِنة الأساسية التي يُنتجها التعليم، حيثُ إنَّ الوعي السليم يُغيُّر من طريقة التفكير للأشخاص مما يؤدي إلى التقدم والنجاح ويكون ذلك من خلال تلقي التعليم المناسب الذي يؤثر في تحديد الطريقة الملائمة للتعامل مع البيئة المحيطة وما يحدث فيها بطريقة سليمة،  ومع التعليم المناسب يأتي الوعي المجتمعي السليم

بالإضافة لما سبق نذكر فيما يلي بعض النقاط التي تدل على أثر التعليم على النمو وهي:
• تحقيق الاحترام المُتبادل بين الأفراد.
• المساعدة على جني المال وتحقيق الاحتياجات الأساسية للأفراد.
• تحقيق المُساواة بين الجميع بغض النظر عن العقيدة أو العرق أو الجنس.
• استقلالية الأفراد وحصولهم على الحرية والحياة الكريمة.
• اتخاذ قرارات صائبة والابتعاد عن القرارات الخاطئة من خلال وضع معايير للحياة.
• مُساعدة الأشخاص غير المتعلمين وتحسين ظروف حياتهم من خلال تطبيق القوانين وفهم الأدوار والمسؤوليات لكل فرد لبناء مجتمع متماسك.
• تطوير القدرات والكفاءات والمؤهلات لدى الأفراد، حيثُ يُضيف التعليم للفرد تجارب عدة في مجالات مختلفة بما فيها التجارب الشخصية والخبرات المتعددة.

ويلعب التعليم دوراً هاماً في نمو الشخصية المتكاملة عند المتعلم، فلم يعد طلبة القرن الحادي والعشرين بحاجة لتعلم المهارات الأساسية من قراءة، وكتابة، وحساب، ومحادثة فقط، بل أصبحوا بحاجة لاكتساب مهارات عقلية مثل: حل المشكلات، وصنع القرار، والتفكير الإبداعي، وفهم منظور الشخص الآخر، والاستدلال، كما أنهم بحاجة لمهارات شخصية مثل: تقبل الذات وتقديرها، وإدارة الذات والانفعالات، وطرق الاتصال مع الآخرين. وبناءً على ذلك فقد أنيطت بالمدرسة أدوار جديدة تهدف إلى تقديم المساعدة، والمساندة، والدعم الذي يضمن للمتعلمين نمواً نفسياً سليماً، وتحقق لديهم تكيفاً شخصياً وأكاديمياً مثمراً، أي أصبح من الواجب أن تساهم العملية التعليمية – التعلّمية في بناء الشخصية المتكاملة، والتي توفر لصاحبها الشعور بالكفاية والثقة، وتزوده بالقدرة على الإنجاز، والتغلب على مشكلات الحياة. إن مثل هذه الشخصية لا تتحقق عن طريق المعرفة فقط، بل لابدّ من الاعتراف بالارتباط الوثيق بين المعرفة والسلوك. إذ أن التعلم المنشود لا ينفصل عن الشعور بالكفاية والاقتدار.

إنّ نمو الشخصية والأمور التي يؤمن بها الفرد يحكمها عدة نقاط ومن أهمها التعليم سواء في المدرسة أو الكلية أو الجامعة، صحيح أن للثقافة والدين العادات والتقاليد أثر في ذلك، لكن للتعليم دور أكبر في نمو الفرد، ومن الجدير بالذكر أيضاً أنّ التعليم يبني الثقة عند الأفراد بشكل واضح، فهو يجعل الإنسان أكثر ثقة بنفسه وبقدراته وبالتالي يصبح أكثر إنتاجية من غيره، فمن خلال التعليم يصبح أكثر قدرة على اتخاذ القرارات، ومن خلال التعليم يعلم ما هي القيم والأخلاق الحميدة التي يجب التحلي والاتصاف بها، ويصبح قادراً على الابتكار والريادة في الأعمال المختلفة، بالإضافة إلى تمكنه من بناء مستقبله كما يريد وكما يخدم المجتمع.

كما إن البرامج التعليمية الفعّالة هي التي تعمل على تطوير المهارات لدى الطلبة، كما أنها تعزز النمو الاجتماعي، والانفعالي، والمعرفي، والجسدي من خلال مساعدتهم على تطوير مفهوم ذات إيجابي، وتشجيعهم على التفكير المستقل، وتطوير مهارات حل المشكلات، وتحسين مهارات الاتصال مع الآخرين.

ومن البرامج التي وجدت لها تطبيقات على الصعيد التربوي والمدرسي: التربية العقلانية الانفعالية، وهي تشير إلى التعليم والتثقيف العقلاني عبر سلسلة من الدروس المنظمة والمخطط لها والتي تُقدم للطلبة داخل صفوفهم، وتهدف إلى تعليمهم مهارات التفكير العقلاني، وحل المشكلات بفعالية أكبر، وتطوير الاستبصار بالأبعاد الانفعالية لسلوكياتهم، وتعلم استراتيجيات التعامل والتكيف؛ لخفض المعاناة والاضطرابات الانفعالية التي قد يواجهونها.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-