أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

تحليل البيئة التسويقية



محتويات مقال تحليل البيئة التسويقية
1- تحليل البيئة التسويقية المحلية
  • تحليل المتغيرات الاجتماعية والثقافية
  • تحليل المتغيرات السياسية والقانونية والاقتصادية
  • تحليل المتغيرات التكنولوجية ومتغيرات المنافسة
2- تحليل البيئة التسويقية الدولية
  • تحليل البيئة الاقتصادية الجزئية والكلية للتسويق الدولي
  • تحليل البيئة السياسية للتسويق الدولي
  • تحليل البيئة التشريعية للتسويق الدولي


تحليل البيئة التسويقية المحلية 

يقصد بالبيئة التسويقية مجموعة المتغيرات الداخلية والخارجية بالنسبة للمنظمة والمؤثرة عليها والمحددة للأنشطة التسويقية، وتنقسم إلى البيئة الداخلية للمنظمة وتشتمل على عدة متغيرات يمكن التحكم فيها بواسطة إدارة المنظمة ،والبيئة الخارجية للمنظمة وتتمثل في المتغيرات الخارجية ذات العلاقة المستمرة والمباشرة مع المنظمة وتجدر الإشارة إلى أن بعض الكتاب يعتبر عناصر البيئة الخارجية الخاصة بالمنظمة القوى المباشرة والعناصر العامة للبيئة بالقوى غير المباشرة، وتخضع البيئة التي تعمل فيها المنظمة للكثير من التغيرات التي تؤثر على عملها إما إيجابا أو سلبا.

لذا يجب على الشركة أن تنظر إلى الأمام وتنمي خططها الاستراتيجية لمقابلة الظروف المتغيرة والمتجددة في البيئة الخارجية ولا توجد استراتيجية تعتبر مثلى لكل الشركات وعل كل شركة أن تحدد الخطة التي تحسن من موقفها وفرصها وأهدافها ومواردها، ويتوقف ذلك على القدرة على متابعة التغيرات البيئية والتي تتصف بالديناميكية والتعقد وسرعة التغير في نفس الوقت.ويمكن القول بصفة عامة أن المنظمات تستطيع أن تسيطر على بيئتها الداخلية وتتحكم فيها ولكنها لا تستطيع أن تتحكم في عناصر بيئتها الخارجية سواء العامة أو الخاصة وقد تتمكن من التأثير على بعض عناصرها ولكن بشكل محدود ويكون ذلك على المدى الطويل مثل التأثير على المنافسة من خلال الاندماج.

وتؤكد الدراسات التسويقية الحديثة على أن مفتاح النجاح لأي مؤسسة يرتبط بدرجة كبيرة بمدى موائمة سياساتها مع التغيرات البيئية المحيطة ولا يتم هذا التكيف إلا إذا استطاعت إدارة التسويق أن تحليل الفرص والمخاطر المتاحة، والفرص التسويقية هي المجال التسويقي الذي تتمتع فيه مؤسسة معينة بميزة تفضيلية بالنسبة للمؤسسات المنافسة لها وتنبع هذه الفرصة من خلال التعرف على الفرص المتاحة في البيئة التي تعمل فيها المؤسسة من خلال وجود احتياجات لا تشبعها بالسلع والخدمات المعروضة حاليا، وغالبا ما تأتي الفرص التسويقية نتيجة لحصول المؤسسة على مزايا تنافسية خاصة بمقتضاها تضيف المؤسسة قيمة مضافة للزبائن بشكل يزيد أو يختلف عن ما يقدمه المنافسون في السوق وبما يمكن للمؤسسة تقديم مجموعة من المنافع تزيد عن باقي المنافسين أو تقديم نفس المنافع بمزايا إضافية كأن تكون بسعر اقل قليلا، ونجد في السوق المزايا التنافسية في صورتين اولهما الميزة التنافسية التسويقية وهي قدرة المنتجات من السلع والخدمات على تقديم إشباع أفضل للحاجات والرغبات والتوقعات الخاصة بالعملاء المرتقبين، وثانيها مزايا نقص التكلفة وهي ميزة تعني انخفاض تكلفة منتجات المؤسسة عن تكلفة منتجات المنافسين.

وتعمل الشركة على فحص تلك الفرص في السوق ومواءمة الموارد المتاحة لديها بإمكانياتها في إشباع تلك الفرص ويشكل التغير في البيئة المحيطة مخاطر متعددة تحد من قدرة الشركة على النمو والنجاح، والمخاطر التسويقية هي العقبات التي تحد من تحقيق الأهداف التسويقية المستقبلية أو التقليل من حركة النمو التسويق، وهي غالبا ما تنتج عن عوامل ضعف هيكلية آو عوامل مرتبطة بقوة المنافسين في السوق.

ويتكون تحليل البيئة التسويقية المحلية من تحليل مجموعة من العوامل أو القوى التي تؤثر بطريقة مباشرة على مدى قدرة الشركة في الحصول على المدخلات وهذه القوى على نوعين داخلية وخارجية فالقوى الداخلية هي بحكم المسيطر عليها نسبيا من قبل الشركة وتشمل عناصر المزيج التسويقي، والأهداف التنظيمية، والمصادر المالية، والمهارات الإدارية، ونقاط القوة والضعف في الشركة، و مركبات التكلفة. 

أما العوامل الخارجية وهي متشعبة وواسعة النطاق في كثير من الحالات ويصعب السيطرة عليها بشكل كلي من قبل الشركة فهي تشتمل على العوامل القانونية والاجتماعية والتنظيمية والاقتصادية والسياسية والثقافية والديمغرافية والتنافسية والتكنولوجية والعوامل الطبيعية.

و من خلال هذا المبحث نتطرق إلى تحليل البيئية التسويقية المحلية، وتحليل المتغيرات الاجتماعية والثقافية، والمتغيرات السياسية والقانونية والاقتصادية، والمتغيرات التكنولوجيا ومتغيرات المنافسة وذلك في المطالب التالية.

تحليل المتغيرات الاجتماعية والثقافية

تعد البيئة الاجتماعية متغير هام من متغيرات البيئة الخارجية للمنظمات،حيث أنها تؤثر بدرجة ملموسة في جانب الطلب على منتجات المنظمة وكذلك على القيم والقواعد وممارسات العاملين داخل المنظمة وتتمثل عناصر هذه البيئة في مستوى التعليم والقيم والقواعد و المسئولية الاجتماعية والدور الحديث للنساء في المجتمع والتغيرات السكانية،وعند دراسة هذه البيئة يلاحظ ؛أن الزيادة السكانية تمثل فرصا للشركات حيث يزداد الطلب على منتجاتها ،كما أن زيادة متوسط أعمار الأفراد وزيادة أعداد المواليد يفتح أسواق جديدة أمام العديد من المنظمات،وتوسع نطاق اختيار المنظمات للأفراد العاملين فيها.

ويؤدي زيادة مستوى التعليم إلى زيادة الطموحات والتطلعات لدى الأفراد سواء نحو المنتجات أو نحو العمل وتوفير بيئة عمل جديدة ومستقرة وزيادة الدخول والطلب.كما أن زيادة الاهتمام بمفهوم المسئولية الاجتماعية للمنظمات يفرض عليها رؤية استراتيجية معينة للجوانب التي تمس السلامة والآمان في المنتجات ،حماية البيئة ،وممارسات المنظمات فيما يتعلق بالإعلانات والحملات الدعائية وغيرها.

وتؤثر الثقافة بما تشمله من عادات وتقاليد ومعتقدات وقيم على قدرة المنظمات على التفاعل مع مختلف المجتمعات وتوضح تجارب الكثير من المنظمات الأثر الكبير الذي تحدثه الثقافة السائدة في المجتمع على نشاط المنظمات خاصة وان بعض جوانب الثقافية تعكس الأخلاق العامة السائدة في المجتمع والتي تحكم تصرفات الأفراد العاملين بها.

كما تؤثر البيئة الاجتماعية والثقافية في القرارات التسويقية الخاصة بالمؤسسة مثل قرارات صياغة سياسات المنتجات أو السعر أو منافذ التوزيع أو الترويج، تتضمن هذه البيئة القوى الاجتماعية والثقافية المتمثلة في المتغيرات التي تحدث في الخصائص الديمغرافية للمجتمع ونمط الحياة ودور المرأة في المجتمع وغيرها، ويدرس رجال التسويق المتغيرات التي تتعلق بما يعتبره الأفراد والجماعات طرقا مرغوبة ومقبولة للعيش، إذ أن هذه المتغيرات لها فاعليتها في التأثير على اتجاهاتهم نحو المؤسسة ونحو أنشطة التسويق، من حيث التأثير في الأنماط الاستهلاكية للأسر والجماعات والتأثير على توزيع الدخل الحقيقي وهذه الأمور لها تأثير على حجم أعمال المؤسسة حاليا وفي المستقبل. 

وتعني الخصائص الديمغرافية التغيرات التي تطرأ على بنية المجتمع وتؤثر على اتجاهات إفراده مثل حجم الأسرة ومعدل العمر، والدخل والحالة الاجتماعية والتوزيع الوظيفي لأفراد، والمستوى التعليمي والتوزيع السكاني وكثافته. وتعتبر دراسة الخصائص الديمغرافية من الأمور التي تحدد أشكال التغير في المجتمع ومدى تأثيره على نوع وحجم الطلب إذ أن زيادة الدخل يمكن أن تؤثر في الإقبال على السلع والخدمات فمثلا تؤدي زيادة التعليم إلى الإقبال على الخدمات الثقافية والصحية.

وتعني الثقافة تراث المجتمع الموروث الذي يجعل للمجتمع نمط معين في الحياة والعلاقات الاجتماعية ومدى إمكانية التكيف مع البيئة و يتأثر النشاط التسويقي إلى حد كبير بهذا التراث الذي ينعكس في شكل قيم وعادات وتقاليد ويعكس العلاقات الإنسانية بين الأفراد وآمالهم في الحياة المستقبلية، كما ينعكس أيضا على نوعية السلع والخدمات المستهلكة وكمياتها وزمان استهلاكها، ويهتم رجال التسويق بهذا التراث وتحليله عند تقسيم السوق إلى فئات يمكن التعامل معها وعند معالجته لدرجة النمو المستقبلية في تلك الصفات.

تحليل المتغيرات السياسية والقانونية والاقتصادية

لا تعمل المنظمات بمعزل عما يحدث في البيئة السياسية المحيطة بها، والقوانين والتشريعات التي تصدرها الدولة والجهات المنظمة للعمل السياسي والاقتصادي في المجتمع، فعلى سبيل المثال قرار منع أو إتاحة أو استيراد بعض المواد الخام أو السلع النهائية يؤثر إما إيجابا أو سلبا على عمل المنظمة وقرار التحول إلى الخصخصة في قطاع الأعمال أو قوانين الحماية البيئية قد تفرض ممارسات معينة على المنظمة، مثل قوانين تشجيع الاستثمارات ومنح التسهيلات والقروض والإعفاءات.

وتتكون البيئة السياسية من متغيرات متعددة أهمها؛ الجماعات ذات المصالح أو الاهتمامات الخاصة فهناك الجماعات التي تدافع عن البيئة وجماعات الأرض وجماعات حماية الحيوان وظهور هذه الجماعات يقلل من حرية مدير التسويق؛ والحكومة ودرجة الحماية التي تفرضها على الصناعة المحلية والقيود التي توضع على الاستيراد؛و الحركة الاجتماعية للمستهلكين فبالرغم من ارتباطها بالظروف الاجتماعية والبيئية إلا أن دعم الحكومات لهذه الحركات جعلها تؤثر في الحياة السياسية وظهر نتيجة لذلك مجموعة من التشريعات تطلق عليها تشريعات المستهلكين وذلك بغرض حماية المستهلكين في شكل وجود هيئات ومصالح حكومية وغير حكومية تسعى لحماية المنتجين المنافسين من بعضهم البعض.

وتتضمن البيئة القانونية أو التشريعية مجموعة القوانين المؤثرة على الأنشطة التسويقية مثل المواصفات القياسية التي يجب الالتزام بها بالنسبة لبعض المنتجات، والأسعار الجبرية والمجددة، وقوانين النقل والتأمين، والاشتراطات الخاصة بالتعبئة والتغليف، والقيود والقوانين الخاصة بالإعلان، والقوانين الخاصة بالتوزيع واستخدام الوكلاء، وقواعد وقوانين حماية المستهلك والبيئة، وقوانين الأغذية والأدوية، وقوانين النظافة والحفظ السليم؛ وكل ما يتعلق بالقوانين والإجراءات الحكومية التي تؤثر في أعمال المؤسسات، وتكون هذه القواعد ملزمة وتمثل قيودا يجب أن تؤخذ في الحساب عند رسم السياسة التسويقية.

إضافة إلى تدخل الدولة مي مختلف المجالات من اجل مراقبة الأسعار وحماية الصحة العامة وضمان الأمان وحماية مصالح أصحاب الاختراعات وتنظيم المنافسة وكذا فرض الرقابة على الدخول في مجالات أعمال معينة تكون لها صبغة استراتيجية.

وتشير البيئة الاقتصادية إلى خصائص وعناصر النظام الاقتصادي الذي تعمل فيه المنظمة ،ومن أمثلتها :الدخل والطلب ومدى توافر عوامل الإنتاج ومعدلات التضخم وأسعار الفائدة ،السياسات النقدية والمالية ،المناخ العام للاستثمار ودورة الأعمال

ونستعرض هنا بنوع من الاستفاضة لدورة الأعمال حيث تمثل عنصرا هاما ومؤثرا على عمل المنظمة إما إيجابا أو سلبا، وتشير دورة الأعمال إلى تلك التقلبات الدورية التي تحدث في اقتصاد ما ،وتتكون من مرحلة الرخاء ثم مرحلة الركود فمرحلة الكساد وأخيرا مرحلة الانتعاش، وتوجد علاقة واضحة بين كل من دورة الأعمال بمراحلها المختلفة واتجاهات المنظمات نحو التوسع والانكماش.

فعادة تبدأ المنظمات الجديدة بمحاولة البقاء ولا تعنى كثيرا بالتوسع ولكن مع النمو التدريجي للمنظمة تتفاعل مع ما يحدث من تقلبات دورية، فإذا كانت الدولة تعيش مرحلة الانتعاش والرخاء تبدأ المنظمات في التوسع لمواجهة الزيادة في الطلب خلال هذه الفترات، ومن الأهمية بمكان مراعاة توقيت اتخاذ القرار بالتوسع، حيث أن تأخر هذا القرار قد يترتب عليه سبق المنافسين في احتلال مواقع القمة في السوق نظرا لاستفادتهم من الظروف الاقتصادية المواتية في البيئة الخارجية، وينبغي مراعاة عدم التوسع أكثر من اللازم حيث أن التكاليف سترتفع وتتعقد المنظمة مزايا اقتصاديات الحجم والواقع أن معظم المنظمات تقع بين حالة التوسع والانكماش وفقا لاتجاه دورة الأعمال.ومن المتغيرات الاقتصادية التي تلعب حاليا دورا ملموسا ومؤثرا على البيئة الاقتصادية هو الاتجاه نحو العولمة، وتحرير الاقتصاد في الكثير من الدول و الاتجاه نحو الخصخصة، واتفاقيات اللغات والسوق الأوربية المشتركة وبدأ التعامل بالعملة الأوروبية الموحدة.

للبيئة الاقتصادية تأثير مباشر وقوي على الأنشطة التسويقية فحالة الرخاء الاقتصادي تختلف تماما عن ظروف الركود حيث تنشط الجهود التسويقية في الحالة الأولى بدرجة قوية نظرا لزيادة وضخامة حركة الطلب في السوق.وهناك مجموعة من العوامل الاقتصادية تساهم في تكوين البيئة الاقتصادية بشكل عام أهمها الدخل القومي ونسبة التضخم واتجاه تغييرها وقيمة النقود، ونسبة البطالة ومدى توفر الموارد ودرجة العجز أو نقص فيها، ولكل ذلك انعكاس على مستوى وتكاليف المعيشة ومن ثم السلوك الشرائي. وتؤثر حالات الرواج الاقتصادي على حجم أرقام الأعمال وتسعى المؤسسات إلى دراسة الدورات الاقتصادية وذلك لاقتناص الفرص التسويقية، فعندما ترتفع الأسعار وبالذات لمنتجات يكون الطلب عليها مرنا ينخفض الطلب وتعاني المؤسسة المنتجة لهذه المنتجات وغالبا ما يتأثر الطلب على سلع وخدمات أخرى مرتبطة بالمنتجات التي ارتفع سعرها، وعموما تتميز البيئة الاقتصادية بالتحرك والتقلب السريع ولذلك يجب على مدير التسويق معايشة هذه البيئة وتغيير استراتيجيات التسويق وفقا لمتطلباتها.


تحليل المتغيرات التكنولوجية ومتغيرات المنافسة

تشهد الاقتصادات الحديثة تطورا فنيا وتكنولوجيا بالنسبة للمهارات البشرية وبالنسبة للمعدات الآلية لم تشهدها من قبل، وأصبحت أنشطة البحوث والتطوير تساهم في التقدم التكنولوجي بدرجة أساسية وبالذات عندما تساعد الحالة الاقتصادية على الإنفاق على هذه الأنشطة والأجهزة القائمة بها.

وتفرض البيئة التكنولوجية نفسها على النشاط التسويقي فالمؤسسة التي تطبق التكنولوجيات الحديثة يتأثر سلوكها الشرائي بذلك ومن غير المتصور قبولها مستويات تكنولوجية مختلفة، وبالنسبة للفرد الذي يستخدم الأجهزة الحديثة في حياته نجده يتأثر في سلوكه الشرائي بذلك، ويصعب عليه الإقدام على شراء واستهلاك سلع ذات مستوى تكنولوجي وفني أقل مما تعود عليه، ولا يمكن للمؤسسة التي لا تستطيع مواكبة التقدم التكنولوجي فيما تقدمه من سلع وخدمات الاستمرار في السوق مقارنة مع بالفرص المتاحة أمام المؤسسات الأخرى التي تواكب التكنولوجيا.

ويلاحظ أن التطورات الكبرى التي يشهدها ميدان الإعلام الآلي والاتصال تمثل أهم مميزات البيئة التسويقية التكنولوجية من بين المتغيرات الهامة والمؤثرة على عمل معظم المنظمات تلك التغيرات التي تحدث على البيئة الفنية والتغيرات الحديثة في التقنية مثل زيادة الاعتماد على الحاسبات الآلية والإنترنت.

و تؤثر التكنولوجيا على نشاط المنظمات حيث قد تؤدي إلى زيادة الطلب أو انخفاضه إلى بعض المنتجات كما قد تؤثر أيضا على العمليات الإنتاجية للمنظمة وجودة المخرجات النهائية، وقد يترتب على ذلك ضرورة إعادة تدريب العاملين بالمنظمة على كيفية استخدام التقنيات الحديثة، ويلاحظ في السنوات الأخيرة زيادة الاهتمام بمفهوم الجودة الشاملة وتنافس المنظمات على الحصول على شهادات الجودة العالمية مثل الآيزو 9000 و 9001 وغيرها.

ويجب على رجال التسويق تحديد الفرص التسويقية الواجب استغلالها وتحديد ما يعتبر مناسبا من الناحية التكنولوجية للمجتمع، فقد حققت الكثير من الشركات أرباحا ضخمة من تطبيق أفكار تكنولوجية جديدة وفي مقدمتها شركات الألعاب الإلكترونية والألعاب الهاتفية، وقد تعددت صور التكنولوجيا التي تدعم الأنشطة التسويقية وفي مقدمتها شبكة الانترنت التي أضافت أبعادا ضخمت في تبادل المعلومات التسويقية على نطاق واسع وعقد الصفقات بملايين الدولارات وخاصة مع الجهود التي تجعل الشبكة أكثر أمانا.

بالرغم من أنه يصعب التحكم في عوامل المنافسة وتصرفات المنافسين إلا أنه يجب على مدير التسويق الإلمام بظروف المنافسة وموقف منظمته وكيفية التصرف والتحكم في هذه الظروف، فنجد الكثير من المؤسسات تنتج سلعا وخدمات مماثلة أو بديلة مما يعني وجود بدائل لمعظم ما تنتج المؤسسات من سلع وخدمات، وحتى تضمن المؤسسة مكانة مميزة في السوق فإن على جهاز التسويق أن يعلم جيدا ماذا يفعله المنافسون وما هي أنشطتهم و بماذا تتميز منتجاتهم عن منتجات المؤسسة وما يقدمونه من أسعار وما يتخذون من منافذ توزيع أو وسائل ترويج وخدمات.

كما أنه على المؤسسة أن تدرس هيكل المنافسة من وجهة النظر الاقتصادية وتحدد العلاقة بين الطلب والعرض مع ترتيب المنافسين وتحديد أيهما يمثل تهديد حقيقي للمؤسسة من غيره، ومن العوامل الهامة التي يجب فحصها هي كيفية تطور هيكل المنافسة، و المنافسون الجدد في السوق، والمنافسين الذين تركوا السوق، ولماذا؟ وهل استفادت المؤسسة من الحصة السوقية التي تركها المنافسين المغادرين للسوق؟ هذا من جهة، ومن جهة ثانية عليها الاهتمام بمدى ولاء المستهلك للمؤسسة و لعلامتها التجارية، أو لأصناف معينة من المنتجات والخدمات، والاهتمام بحجم الأعمال الحالي الذي تغطيه المؤسسة ومدى تحقيقها لاقتصاديات الحجم الكبير، ومدى كفاءة منافذ التوزيع للمؤسسة وقدرتها على مواجهة المنافسة، وسياسة المؤسسات المنافسة في مواجهتها وما إذا كانت تريد مسايرة المنافسة الحالية أو مواجهتها.

ويجب على المؤسسة أن تعتني بدراسة المنافسين من حيث نقاط القوة والضعف والمشاكل التي تواجههم وإعداد سياسات لضرب نقاط الضعف والتي قد توجد في السعر أو في منافذ التوزيع أو في المنتجات نفسها.

نلاحظ أن المركز التنافسي للمؤسسة يتأثر بالمنافسة في قطاعات أخرى وذلك مثل تأثر شركة النقل بالمنافسة في قطاع المحروقات وبالتالي فإن على المؤسسة أن لا تدرس المنافسة داخل الصناعة فقط ولكنها عليها أن تدرس المنافسة في الصناعات المكملة والمغذية وكذا المنافسة الآتية من خارج الدولة فقد تكون منتجات أرخص وأجود ولها ميزات تنافسية أكثر، وإذا أرادت المؤسسة إجراء تحليلا كاملا لبيئتها المنافسة فإن عليها القيام أولا بضرورة تحديد السوق الذي تعمل فيه وتحديد مجال الإنتاج الخاص بها من سلع وخدمات وأفكار وع تحديد حجم السوق ومعدل النمو المنتظر ومتطلبات النجاح في المستقبل والاختلافات الجوهرية مثل نوعية المستهلكين.ثم تحديد المنافسة بدءا من تقييم الأداء الكلي للصناعة وتحديد الاختلافات بين المؤسسة وبين المنافسين و المغريات البيعية لكل منهم وسياستهم التسويقية والإنتاجية.

ثم تقييم السياسات والبرامج الإنتاجية والتسويقية للمؤسسة ومقارنتها بالمؤسسات المنافسة وتحديد نقاط القوة والضعف في كل منها ومدى مواءمتها للسوق.كما يتم تحديد هيكل الخطة الاستراتيجية الخاصة بالمؤسسة لمواجهة المنافسة.



تحليل البيئة التسويقية الدولية

خلال العقد الماضي، بدأت المنظمات تتأثر بالعديد من التغيرات على مستوى البيئة العامة مثل ارتفاع أسعار الطاقة ،التغيرات في أسعار صرف العملات الأجنبية ،وتذبذب أسعار الفائدة وظهور حركات حماية المستهلك وحماية البيئة ،وزيادة الاعتماد على الحاسبات الآلية وثورة المعلومات وظهور شبكة الإنترنت ،وتغير اتجاهات العاملين تجاه العمل ،وغير ذلك من التغيرات التي أثرت ومازالت تؤثر على عمل المنظمات في مختلف الدول فالعالم الذي نعيشه اليوم هو عالم التغيرات والمتغيرات .وتشمل البيئة العامة كل من البيئة الاقتصادية، الاجتماعية، الفنية (التكنولوجيا)، السياسية والتشريعية.

تتكون البيئة الخارجية الخاصة من البيئة الخاصة بالمنظمة ذاتها والصناعة التي تنتمي إليها وتشمل كل من المنافسين والموردين والمستهلكين والحكومة والنقابات المهنية والعمالية.وتساعد دراسة بيئة الصناعة على التعرف على مكوناتها والعوامل التي تؤثر فيها، فالصناعة تتأثر بالعديد من المتغيرات، منها التغيرات التي تحدث في هيكل الصناعة ذاته وطرق تمويل الصناعة ومدى تدخل الحكومة فيها والخامات والمنتجات المستخدمة، والاستراتيجيات التسويقية المتبعة في الصناعة، ويلاحظ أن تفهم البيئة الخارجية الخاصة يجب أن يبدأ بأساسيات العرض والطلب اللذان يؤثران على تحديد هيكل الصناعة ويؤثر هيكل الصناعة بدوره على تنفيذ الاستراتيجيات المختلفة ،وفي النهاية يؤدي إلى التأثير على أداء الصناعة ككل.

الواقع أن البيئة الدولية المحيطة بممارسة نشاط التسويق الدولي قد تغيرت بدرجة كبيرة في السنوات القليلة الماضية بشكل أدى إلى تغير نمط السياسات التسويقية التي كانت تتبناها معظم الشركات في الماضي، فالشركات الأمريكية بدأت تستخدم المزيج التسويقي على نطاق واسع لتعميق ومواجهة المنافسة في الأسواق الدولية فضلا عن القيام بنقل النشاط الإنتاجي ذاته إلى تلك الأسواق عن طريق الاستثمارات المباشرة أو المشروعات المشتركة أو التراخيص، وذلك بهدف محاولة السيطرة على الأسواق الخارجية، أما الشركات الألمانية فقد اعتمدت على الوكلاء والموزعين الأجانب بصفة أساسية للوصول إلى الأسواق الخارجية، أما اليابانيون فقد اعتمدوا بشكل رئيسي على شركات التجارة اليابانية لتركيز عناصر المنافسة الدولية واختراق الأسواق العالمية بسهولة ويسر.وسوف نتناول بالتحليل والدراسة مفهوم وطبيعة هذه البيئة وكيفية تأثيرها وتأثرها بالقرارات التسويقية المختلفة.

البيئة الاقتصادية الجزئية والكلية للتسويق الدولي

قد أدت المنافسة الشديدة في الأسواق العالمية إلى الاتجاه معظم الشركات إلى استخدام مناهج تسويقية حديثة إلى جانب المناهج التقليدية في التسويق الدولي، والتغيير الجوهري في هذا المجال هو الاستخدام المتزايد من قبل الشركات للتعاون المشترك أو الاندماج الاستراتيجي بين الشركات لتنفيذ واحد أو أكثر من العوامل الخاصة لنشاط التسويق الدولي.ومن ثم فان الشركات المتنافسة من مختلف الدول قد اتحدت مع بعضها في الإنتاج وتطوير المنتجات ودخول الأسواق والتوزيع والترويج والعلامات وترتيب خدمات ما بعد البيع ويرجع ذلك في الواقع إلى أنه من الصعب على أي شركة بمفردها أن تمارس الأنشطة التسويقية في بيئة دولية شديدة التنافس وتتجه عموما نحو العالمية أو الكونية وما يدعم هذه الاتجاهات عالميا هو محاولة الشركات الدولية في البحث عن شركاء والتعاون معهم، وهذه العملية في حقيقة الأمر (التعاون) حتمتها الظروف والمصلحة المشتركة وهذه الضرورة هي محاولة البقاء على قيد الحياة في بيئة دولية شديدة التغيير. ومن التحليل السابق نستنتج أن البيئة الدولية تنطوي على عناصر متعددة وهي البيئات الفرعية التي تتعرض لتغيرات شديدة وغيرت كثيرا من شكل الاستراتيجيات التسويقية التي تبعتها معظم الشركات التي تعمل أو تمارس أنشطتها في هذه البيئات.

أولاً: البيئة الاقتصادية الجزئية للتسويق الدولي: 

يقصد بالبيئة الاقتصادية الجزئية كافة الظروف الاقتصادية المحيطة بشركة معينة وتؤثر في أنشطتها اليومية وقراراتها الإنتاجية والتسويقية وتدفعها إلى إعادة صياغة استراتيجياتها التسويقية بصفة مستمرة وذلك لمواجهة التغيرات التسويقية التي تحدث في تلك البيئة ويدخل كذلك في إطار البيئة الاقتصادية الجزئية دراسة مواد الشركة المتاحة والمحتملة بالإضافة إلى تحديد أهدافها الطويلة والقصيرة الأجل.وسوف نناقش في هذا الجزء الطبيعة الديناميكية للبيئة الاقتصادية المحيطة بالشركة وسرعة تغير أنماط التجارة عبر الزمن ودور نفقات البحوث والتطوير ونمو ظاهرة التدويل للأنشطة التسويقية إلى غير ذلك من المتغيرات المؤثرة على نشاط شركة معينة في دولة معينة .

1- الطبيعة الديناميكية للبيئة الاقتصادية: تتعرض البيئة الاقتصادية بصفة مستمرة للعديد من التغيرات التي تطرأ على الساحة الدولية وتؤثر على مسار واتجاهات التجارة الدولية من ناحية، وأنماط التجارة من ناحية ثانية، والمزايا النسبية لمختلف الدول من ناحية ثالثة. وتستطيع أي شركة ترغب في التصدير للخارج إتباع هذا المنهج في ترتيب الدول من حيث ترتيب حجم وارداتها الكلية، ومن حيث مستوى دخلها القومي، ومن حيث حجم وارداتها من السلع التي تدخل في حيز اهتمام تلك الشركة وترغب في تصديرها، وتعتبر هذه الخطوة في حقيقة الأمر من أولى خطوات دراسة الأسواق الخارجية ومحاولة اكتشاف الفرص التسويقية المتاحة على المستوى العالمي، وبالإضافة إلى ذلك فإن التعرف على تطور حجم الطلب الكلي على سلعة معينة في كل دولة يعتبر من الأمور الهامة لإعداد خطة التسويق الدولي وتجنب الأخطار المحتملة والخاصة بتقلص حجم الطلب على سلعة معينة.

إن التغيرات في المراكز التنافسية النسبية للدول الرئيسية المصدرة والدول حديثة العهد بالتصنيع تشير إلى تغير مصادر المنافسة العالمية فضلا عن تزايد حدتها بين الدول، ومن ثم فان الشركات التي ترغب في التصدير أو النفاذ بمنتجاتها إلى الأسواق العالمية فعليها أن تعي جيدا هذه التطورات وتضع استراتيجياتها التسويقية التي تتناسب مع الأوضاع العالمية الجديدة.وواقع الأمر فإننا عندما نتحدث عن الاستراتيجية التسويقية التي يجب أن تتبناها الشركات التي ترغب في العمل في البيئة الدولية شديدة التغير، فإننا نفترض هنا أن هذه الشركات قد استوفت الشروط الكافية لمواجهة المنافسة الدولية من جميع الزوايا ونقصد بذلك مواجهة كافة عناصر المنافسة المرتبطة بالسعر والمواصفات الفنية للمنتج والترويج والتوزيع، ذلك أن الاستراتيجية التسويقية المناسبة أمر ضروري ولكنه غير كاف لاختراق الأسواق الدولية.

أما فيما يتعلق بأنماط التجارة فان قانون الميزة النسبية يوفر الأساس النظري لتحديد الفرص المتاحة في الأسواق الدولية،ويستطيع رجل التسويق الدولي في الشركة أن يتعلم ببساطة كل شيء عن الفرص المتاحة من خلال التعرف على الاتجاهات والأنماط السائدة في التجارة الدولية، ومدى ما يطرأ على هذه الأنماط من تغيرات دورية راجعة إلى انتقال الميزة النسبية لإنتاج سلعة معينة من دولة إلى أخرى أو من شركة إلى أخرى.والجدير بالذكر أن أنماط التجارة التقليدية قد تغيرت ولم يعد الشكل التقليدي للتخصص هو السائد، بل إن النمط الحديث للتجارة الدولية هو التنويع الشديد للمنتجات الجديدة وأصبح الاتجار في المكونات الصناعية هو المحور الأساسي للتجارة متعددة الأطراف، وزادت كثافة التبادل بين الدول المتقدمة وزادت حدة المنافسة في الكثير من السلع المتشابهة، وبدأت الدول الأقل تقدما وحديثة العهد بالتصنيع في تصدير السلع المصنعة إلى الدول المتقدمة، ومثال ذلك قيام بعض الدول النامية كالمكسيك وتايوان وهونج كونج والفيليبين وكوريا الجنوبية وماليزيا و سنغافورة وتركيا والجزائر بإنتاج الملابس والتلفزيونات والمكونات الالكترونية ومنتجات أخرى عديدة وتقوم بتصديرها إلى أسواق أوربا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها السوق الرئيس لمنتجات هذه الدول.

ومن ثم فإن ظاهرة التنويع في التجارة العالمية في السلع المصنوعة أصبحت سببا ونتيجة للتغيرات الجوهرية المرتبطة بكيفية دخول الأسواق الأجنبية، إذ اعتمدت استراتيجيات دخول الأسواق الدولية على نقل العمليات الإنتاجية بالكامل إلى تلك الأسواق بالاعتماد على الاستثمارات الدولية المباشرة أو الدخول في مشروعات مشتركة مع الأفراد أو الحكومات في تلك الأسواق، أو منح تراخيص لإنتاج السلع المختلفة وتسويقها هناك، وربما القيام بتصديرها بعد ذلك إلى مناطق أخرى قد تكون دول متقدمة ومنتجة لهذه النوعية من السلع غير أن تكلفة إنتاجها في الدول المتقدمة أعلى من تكلفة الإنتاج في الدول الأخرى.

من هذا التحليل نستنتج أن الميزة النسبية أصبحت ظاهرة ذات طبيعة ديناميكية، ونقصد بذلك أن الدول تختلف في مقدرتها على إنتاج السلع والخدمات المختلفة، حيث تتمتع بعض الدول بميزة نسبية في إنتاج سلعة معينة وتصدرها لبقية دول العالم. وقد تكون هذه الميزة طبيعية راجعة إلى توافر عناصر الإنتاج المستخدمة بكثافة في إنتاج تلك السلعة، أو ميزة مكتسبة راجعة إلى التقدم التكنولوجي واتساع نطاق السوق بما يحقق ظاهرة اقتصاديات الحجم فضلا عن توافر عنصر رأس المال البشري.ولكن مع مرور الوقت تبدأ الميزة النسبية المكتسبة لدولة معينة في التدهور وتصبح تلك الدولة غير قادرة على مواجهة المنافسة بإنتاج وتصدير تلك السلعة، وربما تبدأ في استيرادها من الخارج، نظرا لتوافر مقومات إنتاجها في دول أخرى وبتكلفة نسبية اقل، وهذه الطبيعة المتغيرة للميزة النسبية تجد أساسها في نموذج دورة حياة المنتجات.

والتساؤل المطروح في هذا المجال هو ما تعنيه الطبيعة المتغيرة للميزة النسبية للشركات التي تمارس أنشطتها في الأسواق الدولية؟، إن هذا القول في الميزة النسبية قد يعني في الواقع: أن هناك منافسين جدد وطرق جديدة للمنافسة في الأسواق الدولية.وأن هناك أسواق جديدة، حيث ترتفع الدخول في الدول الأخرى نتيجة تقليد وإنتاج وتصدير المنتج.

أن هناك مصادر جديدة لخفض تكاليف المنتجات.وأن هناك ضرورة أمام الشركة لمحاولة تكثيف نفقات البحوث والتطوير للبحث عن إمكانية إنتاج سلع جديدة أو تقديم طرق فنية جديدة للإنتاج لاكتساب ميزة نسبية جديدة بدلا من الميزة التي فقدتها.وأن هناك ضرورة أمام الشركة لتطوير استراتيجياتها في دخول الأسواق الخارجية مع زيادة درجة تدويل عمليات الإنتاج والتسويق.

2- نمو ظاهرة تدويل الأنشطة الإنتاجية والتسويقية: لقد تغيرت استراتيجيات الذهاب إلى الأسواق الخارجية لمعظم الشركات عما كانت عليه في الخمسينيات من القرن الماضي، وأصبح الشكل الرئيسي لهذه الاستراتيجيات هو المشروعات المشتركة، ومن المعروف أن الشكل الرئيسي للتصدير في الفترة ما قبل الخمسينيات كان يعتمد على قيام الشركات القومية بنفسها بعملية التصدير إلى الأسواق الخارجية، غير أن نمو ظاهرة الشركات الدولية بعد ذلك أدى إلى تغير هذه الاستراتيجيات والاتجاه نحو تدويل الأنشطة الإنتاجية والتسويقية من حلال الاستثمارات الأجنبية أو الدخول في مشروعات مشتركة أو منح تراخيص الإنتاج بالدول الأخرى أو غير ذلك من استراتيجيات الدخول إلى الأسواق الأجنبية، وهناك العديد من النظريات المفسرة لظاهرة التدويل وتعتمد هذه النظريات في تفسيرها لظاهرة الأنشطة الإنتاجية والتسويقية على تحليل محددات ودوافع الشركات الدولية للاستثمار في الخارج.

ومن هذه النظريات نذكر؛ نظرية عدم كمال الأسواق والتي تفترض غياب المنافسة الكاملة في أسواق الدول النامية، ويقصد من ذلك أن الدافع الأساسي لقيام الشركات دولية بالاستثمار في أسواق الدول النامية أو امتلاكها للموارد المالية والتكنولوجية والإدارية التي لا تتوافر في معظم الأحيان للشركات الوطنية بالدول المضيفة، ومن ثم فان الشركات الأخيرة لن تستطيع منافسة الشركات الدولية عند ممارسة أنشطتها المختلفة بالدول المضيفة. ونظرية الحماية تفترض كذلك أن دوافع الشركات الدولية في القيام بالاستثمارات الأجنبية في الأسواق الأجنبية ترتبط أساسا برغبة هذه الشركات في حماية أنشطتها المرتبطة بالبحوث والتطوير(R.D) أو الأنشطة الإنتاجية والتسويقية الأخرى.

أما نظرية أو نموذج دورة حياة المنتجات فإنها تقدم تفسيرا لنمو ظاهرة الاستثمارات الأجنبية المباشرة من خلال تقسيم دورة حياة أي منتج جديد يتم تقديمه إلى السوق، تبدأ المرحلة الأولى ويطلق عليها مرحلة المنتج الجديد عندما تتمخض أنشطة البحوث والتطوير في إحدى الشركات عن تقديم سلعة جديدة ذات خصائص تكنولوجية متميزة، وتقوم الشركات في هذه المرحلة ببيع السلع في السوق المحلي وحيث يحدث تشبع للسوق المحلي بهذه السلعة تبدأ الشركة بتصديرها إلى الخارج في المرحلة الثانية، ورغبة منها في الاحتفاظ بالميزة الاحتكارية لإنتاج هذه السلع فإنها تعتمد في تصديرها على القيام باستثمارات أجنبية بالأسواق الخارجية أو منح تراخيص لإنتاجها في تلك الأسواق، وهذا مع استمرار الشركة الأم في إنتاج وتغطية السوق المحلي لها، وبمرور الوقت فانه يمكن إنتاج السلعة في الدول الأخرى وإعادة تصديرها إلى الدولة موطن الاختراع.وذلك في المرحلة الثالثة حيث نلاحظ أن إنتاج السلعة في الدول الأخرى يتميز بانخفاض التكلفة نتيجة لوفرة عناصر الإنتاج ورخص أسعارها.

ونخلص من التحليل السابق إلى إن هناك مجموعة متباينة من العوامل التي ساعدت في نمو ظاهرة التدويل لعل من أهمها:

1-احتدام المنافسة على المستوى الدولي: إذ أنه من المعروف أن المنافسة في عدد كبير من المنتجات أصبحت أشد حدة من ذي قبل، ويرجع ذلك إلى دخول منافسين جدد إلى حلبة المنافسة ممن ينتمون إلى مجموعة الدول حديثة العهد بالتصنيع فضلا عن نمو ظاهرة تنويع المنتجات وقصر دورة حياتها.

2-ارتفاع نفقات البحوث والتطوير: يرجع ذلك في حقيقة الأمر إلى أن التغيرات التكنولوجية أصبحت اليوم أكثر سرعة من الأمس، ومحاولة تتبع التغيرات التكنولوجية والحفاظ على المزايا الاحتكارية لأي شركة، فان هناك ضرورة لزيادة حجم الإنفاق على البحوث والتطوير بهدف تحديث خطوط الإنتاج وتطوير وتهيئ المنتجات غير أن هذا الوضع يحتوي على مخاطر كثيرة، مما دفع بالكثير من الشركات إلى البحث عن صورة من صور التعاون في مجال البحوث والتطوير على مستوى العالم بحيث أصبح من الأمور العادية أن نجد عددا من الشركات الأوروبية واليابانية تشترك معا في برنامج لتطوير إنتاج محركات الطائرات أو قيام شركة فيليبس بالاشتراك مع شركتين فرنسيتين في الإنفاق على برنامج لتطوير أجهزة الاتصال الحديثة لنقل الموجات القصيرة وذلك بهدف مواجهة المنافسة اليابانية.

كذلك الحال بالنسبة لشركات صناعة السيارات العالمية إذ تشترك الآن الشركات لإنتاج أجزاء من السيارات، كما نلاحظ كذلك قيام بعض الشركات بالحصول على مكونات مطلوبة لمنتجاتها من شركة أخرى بدلا من الإنفاق على إنتاج هذه المكونات أو محاولة تطويرها داخل نفس الشركة، وهذا طريق أسرع وأقل تكلفة للحفاظ على الوضع التنافسي للمنتجات التي تقوم الشركة بإنتاجها، من الأمثلة الدالة على نمو هذا الاتجاه هو قيام شركة honywell في أمريكا وشركة ICL في بريطانيا بمبادلة بعض مكونات الكمبيوتر بالتعاون مع اليابان، وقيام شركة كوداك kodak بالحصول على كاميرا الفيديو من شركة ماتسوشيتا MATSUSHITA إلى غير ذلك من الأمثلة التي أدت إلى نمو ظاهرة التدويل.[ix]

3- صعوبة النفوذ إلى الأسواق الخارجية: وكان نتيجة لارتفاع حواجز الدخول للأسواق الخارجية أمام الشركات بسبب احتدام المنافسة وارتفاع تكاليف البحوث والتطوير، والمشاكل الناجمة عن التوزيع والنقل والترويج، إذ بدأت هذه الشركات في البحث عن وسائل جديدة للدخول إلى الأسواق الخارجية، ومن أهم هذه الوسائل هو التعاون المشترك مع الشركات الأخرى. لتخفيض نفقات البحوث والتطوير من ناحية، وتوسيع نطاق السوق ومنه محاولة تخفيض نفقات الإنتاج للحفاظ على الوضع التنافسي للشركة في الأسواق العالمية.

4- الحاجة إلى التكامل الأفقي والرأسي بين الشركات: إن زيادة التكامل الأفقي والرأسي بين الشركات الأمر الذي يشير إلى وجود نوع جديد من تقسيم العمل بين الشركات الدولية، إذ لا توجد شركة مهما كانت تستطيع بمفردها اختراق الأسواق الدولية والحفاظ عليها، فمعظم الشركات اليابانية تعاونت مع الشركات غير اليابانية في البلدان الأخرى وتكاملت معها من أجل المصلحة المشتركة لكل منها، والتعاون هنا لا يحل محل المنافسة فتقسيم العمل كما قال آدم سميث محدود بحجم السوق، ونظرا لان أسواق اليوم أصبحت عالمية فان التخصص وتقسيم العمل على نحو دقيق أصبح أكثر أهمية عن ذي قبل نتيجة لتعاظم أهمية تحقيق وفورات الحجم، ومن ثم فإن الشركات وهي في إطار رسم سياساتها التسويقية أصبحت مجبرة على التعاون بشكل أو بآخر مع غيرها من الشركات لتحقيق درجة من درجات التكامل الأفقي أو الرأسي وترشيد تكاليف الإنتاج وقد أدى هذا الاتجاه إلى نمو ظاهرة التدويل.

5- الاستفادة من المواهب البحثية المنتشرة في العالم: يعتبر هذا العنصر من أهم العوامل المسئولة عن نمو ظاهرة التدويل في الفترة الراهنة، إذ أن المواهب البحثية منخفضة التكاليف قد تكون منتشرة في دول أخرى غير الدولة ألام للشركة الدولية، ويتوافر بهذه الدول العديد من المهارات البشرية بتكاليف اقل، فالهند على سبيل المثال لديها اكبر عدد من المهندسين في العالم بعد أمريكا وروسيا، ولهذا السبب فان بعض شركات الالكترونيات مثل تكساس الأمريكية TEXAS INSTRUMENTS قد نقلت نشاط البحوث والتطوير إلى هناك للاستفادة من المهارات البشرية منخفضة التكاليف.

3- ظاهرة التدويل و عناصر المزيج التسويقي: إن ظاهرة العالمية أو التدويل باتت أمرا واقعا، والشركات الناجحة لا تتجه لإنتاج كل شئ، وعليها أن تختار التكنولوجيا، والمنتجات والأسواق، وعلى أساس ضيق نطاق التخصص طبقا لما تتمتع به من مزايا تؤدي إلى خفض تكاليف الإنتاج ومواجهة المنافسة العالمية، بتطوير وتعديل المنتجات من خلال التعاون المشترك مع الشركات المنافسة، أما فيما يتعلق باتجاهات الأسعار فإن شدة المنافسة واتجاهات التدويل واقتصاديات الحجم سوف تؤدي في النهاية إلى انخفاض الأسعار ومن ثم فإن سياسة الأسعار المرتفعة لاسترداد نفقات البحوث والتطوير في اقل وقت ممكن لم تعد سياسة ناجحة، مع استثناء حالات قليلة مثل BMW.هذا ولم تقتصر ظاهرة التدويل في تأثيرها على تطوير المنتجات والأسعار فقط بل امتد هذا التأثير ليشمل كذلك عنصر التوزيع والترويج وبحوث التسويق.

بالنسبة لعنصر التوزيع فإن الشركات تحاول أن تتغلب على مشاكل الدخول إلى الأسواق الخارجية عن طريق التعاون أيضا، ويرجع ذلك إلى أن الدخول إلى سوق معينة لتوزيع المنتجات يتطلب ضرورة التعرف على أشياء كثيرة يصعب على أي شركة مهما كانت ناجحة ومهما كان حجمها أن تتعرف عليها دون اللجوء للشركات الوطنية والتعاون معها في مجال دخول السوق وتوزيع المنتجات، وذلك أن الشركات الوطنية تكون أكثر اطلاعاً على الأسواق المحلية، وتعرف كيفية تفادي الحواجز الحمائية ودوافع الاستجابة لدى كافة المستهلكين، ومستويات الدخول وهيكل توزيعها ومرونة الطلب على هذه المنتجات فضلا عن طبيعة الأعراف التجارية والعادات والتقاليد السائدة.

وفي مجال الترويج ومحاولة حفز وترغيب المستهلك في شراء منتجات الشركة الراغبة في الدخول إلى الأسواق الدولية، فإن الأمر يتطلب تقديم المنتج المناسب بالسعر المناسب وفي الوقت المناسب، والتعاون المشترك كأسلوب للترويج هو الذي يمكن الشركة من تحقيق ذلك، وفي إطار الترويج فإنه من الأفضل لأي شركة الدخول في مشروعات مشتركة مع شركات ذات سمعة عالمية طيبة وماركة تجارية مشهورة إذ أنه من الصعب في العالم اليوم محاولة الشركات تكوين اسم أو ماركة جديدة وتدعيم أركانها في الأسواق العالمية، وتعتبر المشروعات المشتركة في حد ذاتها شكل من أشكال الترويج فإذا احتاجت الحكومة الفرنسية مثلا توريد أجهزة اتصال من مورد محلي، فإن شركة فيليبس المشتركة شركة فرنسية CSF-Thompson تصبح وسيلة فعالة لحفز الحكومة الفرنسية على الشراء من فيليبس.ويشير ذلك إلى الترويج كأحد أنشطة التسويق قد دخل حيز التدويل رغم الجدل الدائر حول تنميط الوسائل الإعلانية عبر العالم، وما يدعم اتجاهات التدويل الحالية هو تكامل ونمو الوكالات الإعلانية على المستوى العالمي من ناحية، وزيادة درجة تقسيمات الأسواق العالمية إلى قطاعات أو شرائح ذات خصائص متجانسة إلى حد كبير من ناحية ثانية، واتجاه الرسائل والأوساط الإعلانية إلى العالمية من الناحية الثالثة، ومثال ذلك المجلات الجرائد العالمية، والراديو والتلفزيون، والأقمار الصناعية، فضلا عن تقدم وسائل الاتصال كالتلفون المرئي والمرئي المحمول والفاكس، والانترنت.

ثانيا: البيئة الاقتصادية الكلية للتسويق الدولي: 

تعتبر مرحلة النمو الاقتصادي وسياسات الإصلاح التي تتبعها الدول المختلفة من الأمور ذات التأثير المباشر على بيئة التسويق الدولي للشركة، وتعبر مرحلة النمو الاقتصادي عن مستويات الدخول والمعيشة و من ثم عن حجم الطلب ومرونته على السلع والخدمات المختلفة.

ذلك أن مستوى الدخل وهيكل توزيعه في أي دولة يعكس أنماط الاستهلاك وحجم الطلب ومستواه في أسواق تلك الدولة، ووفقا لتقديرات البنك الدولي عن متوسط دخل الفرد في مختلف دول العالم فانه تم تقسيم العالم إلى مجموعات متباينة من حيث متوسط دخل الفرد على النحو الآتي:
-اقتصاديات منخفضة الدخل وهي التي يبلغ متوسط نصيب الفرد فيها من الناتج القومي الإجمالي 480 دولار أو اقل.
-اقتصاديات متوسطة الدخل وهي التي يبلغ نصيب الفرد فيها من الناتج القومي أكثر من 480 دولارا واقل من 6000 دولارا، ويراعى أن البنك الدولي بدأ في تقسيم هذه المجموعة إلى فئتين الأولى وتسمى اقتصاديات الدخل المتوسط الأدنى، والثانية هي اقتصاديات الدخل المتوسط الأعلى.
-اقتصاديات مرتفعة الدخل وهي التي يبلغ نصيب الفرد فيها من الناتج القومي 6000 دولار أو أكثر من ذلك.ويختلف هذا التقسيم عن التقسيم التقليدي الخاص بمجموعات الدول الصناعية المتقدمة، ومجموعة الدول النامية المصدرة للنفط ومجموعة الدول النامية المثقلة بالديون ومجموعة دول التخطيط المركزي.

ولأغراض التحليل الخاصة ببيئة التسويق الدولي فانه يمكن إعادة التصنيف وفقا لمستوى الدخل من ناحية وهيكل التصنيع من ناحية أخرى ومرحلة النمو الاقتصادي من ناحية ثالثة. وعليه يمكن تقسيم دول العالم إلى:
1- دول صناعية متقدمة وذات قوة شرائية مرتفعة(الدخل+السكان)
2- دول صناعية متقدمة وذات قوة شرائية منخفضة(الدخل+السكان)
3- دول نامية وذات قوة شرائية مرتفعة(دخل+السكان)
4- دول نامية وذات قوة شرائية منخفضة(الدخل+السكان)
5- دول نامية وحديثة العهد بالتصنيع.

فالدول الصناعية المتقدمة يمكن تقسيمها إلى مجموعتين لأغراض القرار التسويقي، المجموعة الأولى ذات هيكل تصنيع متقدم ومتوسط دخل مرتفع وكثافة سكانية مرتفعة الأمر الذي يخلق سوقا في تلك الدول ذات طبيعة محددة تفيد صانع القرار التسويقي في تحديد أهدافه التسويقية على نحو واضح. المجموعة الثانية وهي الدول الصناعية المتقدمة ذات القوة الشرائية المنخفضة فإنها تتميز بهيكل صناعي متقدم ومتوسط الدخل مرتفع غير أن الكثافة السكانية منخفضة، الأمر الذي يضع مؤشرا لصانع القرار التسويقي في الشركات الراغبة في الدخول إلى هذه الأسواق مؤداه ارتفاع أخطار الدخول نتيجة لضعف مستوى الطلب الكلي في تلك الدول وتقع الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وأسبانيا وألمانيا واليابان في المجموعة الأولى، وتقع كل من أيرلندا ونيوزيلندا والنمسا وبلجيكا وفنلندا والدنمارك والسويد والنرويج وسويسرا في المجموعة الثانية. وهذه مجرد أمثلة تضع إطارا عاما يمكن الاسترشاد به عند تحليل هيكل الطلب في الأسواق المختلفة.

كما تقسم أسواق الدول النامية أيضا إلى مجموعتين بحيث تتميز المجموعة الأولى بهيكل تصنيع منخفض ومتوسط دخل مرتفع وكثافة سكانية مرتفعة وهذه الخصائص قد تجعل منها سوقا كبيرة وحجم الطلب مرتفع ليس فقط على سلعة معينة ولكن على جميع السلع والخدمات كنتيجة لضعف الهيكل الصناعي بها، أما المجموعة الثانية فإنها مجموعة الدول ذات الكثافة السكانية المنخفضة ومتوسط الدخل منخفض إلى جانب ضعف الهيكل الصناعي أيضا.وتقع على سبيل المثال في المجموعة الأولى كل من الهند والصين والباكستان ونيجيريا ومصر والمكسيك والبرازيل وإثيوبيا وإيران والجزائر وليبيا وعمان والسعودية والجزائر وإسرائيل والكويت والإمارات العربية المتحدة بينما تقع في المجموعة الثانية معظم دول إفريقيا جنوب الصحراء.

أما مجموعة الدول الحديثة العهد بالتصنيع فإنها تتميز بمجموعة مختلفة من الخصائص ولعل أهمها تقدم الهيكل الصناعي وقوة شرائية مرتفعة.

ونخلص مما سبق إلى أن هيكل السوق في كل مجموعة من الدول يختلف عن غيرها بدرجة تبرير اتخاذ قرارات تسويقية متباينة وصياغة استراتيجية تسويقية تناسب كل مجموعة على حدا.وتؤثر سياسات الإصلاح الاقتصادي التي تتبعها كل دولة على هيكل الإنتاج والتصنيع ومستوى المعيشة ومن ثم على مستوى الطلب واحتمالات تغيره عبر الزمن إذ أن تبني مجموعة من السياسات النقدية والمالية لتنفيذ سياسات الإصلاح الاقتصادي قد تؤدي إلى اتجاه الكل إلى الانكماش لفترة من الزمن، وهذه الفترة قد تكون طويلة بدرجة تؤدي إلى تعثر مسار المشروعات المختلفة الأمر الذي يرفع من مخاطر الدخول إلى أسواق تلك الدول ومن ثم فإنه من الضروري لصانع القرار التسويقي في إحدى الشركات أن يعي جيدا طبيعة المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها الدول المختلفة مثل البطالة والتضخم والركود والمديونية الخارجية وغيرها، وان يعي كذلك طبيعة سياسات الإصلاح الاقتصادي التي تتبناها تلك الدول.

من خلال التحليل السابق نستنتج أن البيئة الدولة ترتبط أساسا بالمنتج الاقتصادي الذي تمارس في ظله أنشطة التسويق الدولي وتؤثر هذه البيئة على كفاءة الأداء بالنسبة لمختلف الشركات، وانتهينا إلى أن البيئة الاقتصادية الجزئية تتسم بالتغير المستمر فضلا عن ارتباطها بنمو ظاهرة تدويل الأنشطة الإنتاجية والتسويقية فان البيئة الاقتصادية الكلية تشكل الإطار العالمي الذي تتغير في ظل البيئة الاقتصادية الجزئية.وعلى ذلك فإن البيئة الاقتصادية الكلية تشكل القواعد الدولية متعددة الأطراف لممارسة أنشطة التسويق الدولي، ونقصد بذلك كل من النظام التجاري الدولي متعدد الأطراف والنظام المالي الدولي وكيفية تمويل التجارة الدولية والاستثمار، والنظام النقدي العالمي وأسعار صرف العملات وأخيرا التكتلات الدولية والإقليمية المختلفة.وسوف نتناول فيما يلي تحليل كافة عناصر البيئة الاقتصادية الكلية بما يتفق مع أبعاد التسويق الاستراتيجي والعولمة الاقتصادية.

1- النظام التجاري الدولي المتعدد الأطراف: لقد بدأ النظام التجاري الدولي يتشكل في نهاية الحرب العالمية الثانية، وقد اختلف في مكوناته وخصائصه عن النظام التجاري في الفترة السابقة على الحرب، ونقصد هنا بالنظام التجاري الدولي مجموعة القواعد والاتفاقيات والإجراءات والمؤتمرات والقرارات والمنظمات التي تحكم تدفقات السلع الخدمات بين دول العالم، إضافة إلى توجيه وتقييم السياسات التجارية لهذه الدول وبما يكفل تحقيق استقرارا مناسبا ونموا مقبولا لحجم التجارة الدولية.وتتكون العناصر الأساسية للنظام التجاري الدولي في الفترة الراهنة من الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة( الجات GATT )*، ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ( الانكتاد UNCTAD)، والمنظمة التجارة العالمية (WOT)

إن البيئة التجارية للتسويق الدولي بيئة سريعة التغير ومن ثم فان مخاطر الدخول إلى الأسواق الدولية، تتزايد نتيجة لذلك وقد تعصف بمستقبل أي شركة إذا لم تراع هذه التغيرات وتتعلم كيف تعدل من مواقفها بما يتلاءم مع الظروف الدولية المتغيرة.

2- النظام النقدي الدولي وأسعار الصرف:يشير النظام النقدي الدولي إلى مجموعة القواعد النقدية التي تحكم اتجاهات العلاقة بين أسعار صرف العملات المختلفة، وتتأثر التجارة الدولية انتعاشا وانكماشاً بمدى ما يطرأ على أسعار صرف العملات المختلفة من تغيرات قد تتسم بقدر من التقلب المستمر أو الاستقرار.ولكي يستطيع رجل التسويق الدولي أو الشركات التي تعمل في الأسواق الدولية تفهم طبيعة العلاقات النقدية الدولية وتأثير أسعار الصرف المختلفة على أنشطتها التجارية، فلابد من التعرف على الكيفية التي تتحدد بها أسعار الصرف وطبيعة ومصدر القواعد التي تحكم هذه الأسعار والاتجاهات المتوقعة في المستقبل بالنسبة لتغيرات أسعار الصرف.

ونظرا لان أسعار صرف العملات أصبحت تتحدد وفقا لقوى الطلب والعرض لتلك العملات، أصبحت تتعرض أسعار العملات لتقلبات مستمرة تؤثر على قرار رجل التسويق بشأن محاولة العمل في الأسواق الدولية، وتؤدي عموما إلى زيادة المخاطر التي تواجهه؛ ولتجنب هذه المخاطر يمكن الاعتماد على:-نقل المخاطر لأطراف أخرى في الصفقة الدولية، وذلك بقيام الشركات المحلية بقبول عملتها المحلية فقط لسداد مستحقاتها لدى الغير، ويتحمل بذلك المشتري مخاطر تقلب العملات، ولكن هذه الطريقة لتغطية المخاطر ليست طريقة عملية وتؤدي إلى ضيق نطاق السوق، والهروب من المشاكل بدلا من مواجهتها.

القيام بتغطية المخاطر المتعلقة بتقلبات أسعار الصرف عن طريق التعامل في السوق الآجل للصرف الأجنبي.-القيام بدراسة أوضاع العملات المختلفة ومدى ضعفها أو قوتها وأسباب ذلك ومن ثم اختيار الأسواق التي يمكن دخولها واختيار استراتيجيات الدخول في ضوء حجم المخاطر المرتبطة بقيمة العملات.إذ يمكن نقل الإنتاج بالكامل في أسواق الدول التي تتمتع عملاتها باستقرار نسبي وقوة في مواجهة العملات الأخرى، في حين يكتفي بالتصدير غير المباشر للأسواق الأخرى ذات العملات الضعيفة.

3- النظام المالي الدولي وتمويل التجارة: من الضروري على رجل التسويق الدولي التعرف على كيفية تمويل صفقات التجارة الخارجية التي يتولى إدارتها، ومنه عليه معرفة ماهية النظام المالي الدولي وعناصره الأساسية حتى يمكنه اختيار الأسلوب الامثل لتمويل أنشطته الدولية.

وفي ضوء دراسة العناصر المختلفة للنظام المالي فان القرار التسويقي المرتبط بدخول سوق معينة سوف يعتمد إلى حد كبير على الاستراتيجية المختارة والتي تتناسب مع مدى توافر الموارد التمويلية الكافية لتمويل أنشطة التسويق التي تتطلبها هذه الاستراتيجية.وقد تتراوح درجة الاستفادة من النظام المالي الدولي بين مجرد تمول وضمان الصادرات بالاعتماد على بعض هيئات التمويل العالمية للصادرات وتحسين الشروط المالية التي يمكن على أساسها عقد صفقات التصدير بإعطاء تسهيلات زمنية معينة في السداد، وتمويل هذه الصفقات باللجوء إلى الهيئات المتخصصة في تمويل الصادرات، أو الدخول في مشروعات مشتركة أو القيام باستثمارات مباشرة في الأسواق الدولية أو اللجوء لهيئات التمويل الخاصة والرسمية لتمويل هذه الأنشطة في تلك الأسواق.وعلى رجل التسويق أن يكون مدركا لطبيعة النظام المالي الدولي وتغيراته المحتملة حتى يمكنه تحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذا النظام وتجنب المخاطر المحتملة.

4- التجمعات الاقتصادية الإقليمية: يشهد العالم في الفترة الراهنة اتجاهات قوية نحو تشكيل تجمعات إقليمية، ذات أهداف اقتصادية متباينة وقد حققت بعض هذه التجمعات خطوات كبيرة من التقدم تجاه تحقيق أقصى درجة من درجات التكامل الاقتصادي، ولاشك أن رجل التسويق أو اي شركة ترغب في اختراق الأسواق الأجنبية يجب أن تدرك تماما طبيعة ودرجة كل تجمع من هذه التجمعات حتى يمكنه صياغة الاستراتيجية التسويقية التي تناسب هذه التجمعات الإقليمية دون الوقوع في مخاطر الجهل بطبيعة هذه التجمعات.والميزة الأساسية لأي تجمع إقليمي هي خلق سوقا واسعة تؤدي إلى تحقيق وفورات اقتصادية من ناحية وتسهم في تحقيق كفاءة استخدام وتخصيص الموارد المتاحة لكافة دول التكتل، وهي نقطة بالغة الأهمية بالنسبة لرجل التسويق إذ يجب أن يتوقع من وجود تكتل إقليمي معين منافسة شديدة وقائمة على أسس اقتصادية دقيقة راجعة أساسا إلى اتساع نطاق السوق لدول التجمع، ومن ناحية أخرى فإنه سيواجه حواجز جمركية عند دخول منتجاته إلى إحدى دول هذا التجمع، الأمر الذي يفقده جانب كبير من المزايا التنافسية وربما يصعب عليه تماما دخول أسواق هذه الدول بطرق التسويق التقليدية. ومن ثم فإنه يجب تطوير استراتيجيات الدخول التي يمكن بواسطتها تجنب هذه الحواجز ومواجهة المنافسة المحتملة.

البيئة السياسية للتسويق الدولي

يعتبر الاستقرار السياسي والاقتصادي من أهم الشروط اللازمة لممارسة أنشطة التسويق الدولي، ومن ثم فان رجل التسويق الدولي يجب أن يدرك تماما الإطار السياسي والتشريعي الذي يمارس نشاطه في ظله، ونقصد هنا بالإطار السياسي هيكل وفلسفة النظم السياسية الحاكمة، والمواقف العامة تجاه الأنشطة الأجنبية في كل دولة من الدول التي يتوقع رجل التسويق الدولي أن بها فرصة تسويقية كامنة ويمكن استغلالها، أما البيئة التشريعية فيقصد بها مجموعة النظم والقوانين والقرارات السيادية ذات العلاقة بأنشطة التسويق الدولي، وسوف نناقش في هذا الجزء من كافة العناصر المرتبطة بهاتين البيئتين السياسية والتشريعية ومدى تأثيرها على أنشطة التسويق الدولي.

أولاً: طبيعة الهيكل السياسي لمختلف الدول: الواقع أن التعرف على شكل الحكومة يوفر أساسا مناسبا لتحديد الهيكل السياسي للدولة المعنية، فضلا عن إمكانية تقييم المناخ السياسي السائد بها، وإحدى الطرق المناسبة للتعرف على طبيعة الهيكل السياسي هي النظر إلى تكوين وإدارة الحكومة، ويلعب الهيكل السياسي دور واضح في تحديد الفلسفة السياسية للدولة، وهي من الأمور الهامة لرجل التسويق الدولي، فهناك حكومات تتجه غلى صياغة سياساتها بدرجة تشجع فيها دور القطاع الخاص في الحياة الاقتصادية مع أقل قدر من القيود على ممارسة النشاط، في حين أن حكومات أخرى تركز على الاهتمام بالملكية العامة وتتجه لوضع العديد من القيود التنظيمية لممارسة الأنشطة المختلفة، وكذلك الحال بالنسبة لأنظمة الحكم المتباينة في العديد من الدول إذ أن الفلسفة السياسية لبعض هذه الأنظمة قد تنطوي على عدم الترحيب بأي استثمارات أجنبية، أو فرض قيود عديدة عليها، وهي أمور هامة ينبغي على الشركات الراغبة في العمل في البيئة الدولية أن تعيها جيدا قبل اتخاذ قرارات هامة في هذا الشأن.

ثانياً: الاتجاهات القومية للدول المختلفة: يقصد بالاتجاهات القومية تولد الإحساس لدى المجتمعات المختلفة بالوحدة القومية أو الولاء المجتمعي، هي بذلك تعتبر قوى قومية توجه السياسات تجاه تحقيق مصالح معينة في مواجهة كل ماهر أجنبي أو غير قومي، وهذه المواقف أو أي اتجاهات تخلق نوعان من التأثير على قرارات الشركات الدولية التي ترغب في ممارسة الأنشطة التسويقية أو الإنتاجية على النطاق العالمي، والنوع الأول المؤثر على تلك القرارات يرجع إلى طبيعة البيئة القانونية التنظيمية التي تعكس مواقف قومية متباينة، أما النوع الثاني فانه يرجع إلى التأثير العاطفي للمواطنين تجاه المشروع الأجنبي بشكل عام.

ويجب على رجل التسويق الدولي أن يقوم بتقييم الاتجاهات القومية في الأسواق المستهدفة، وذلك بإعداد خطة كاملة توضح كافة الحقائق السياسية والنظم الاقتصادية والفلسفات السائدة، والتي تؤثر على القرارات التسويقية للشركات وفي هذا الإطار فإنه يمكن طرح تحليل مجموعة من العناصر مما يسهم في بناء استراتيجية تسويقية آمنة من مخاطر دخول الأسواق الأجنبية وتساعد الشركات في تحليل عناصر البيئة وتقييم كافة الاتجاهات القومية السائدة، وهذه العناصر هي:-
1- الهيكل السياسي للدولة وممكن السلطة، و الكيفية التي يشارك بها المواطنون والأحزاب السياسية، ومجموعات المصالح في عملية صنع القرار السياسي.
2- طبيعة الفلسفة السياسية التي تتبناها الحكومة، وفلسفات القوى السياسية المعرضة.-الدور الذي تتوقعه الحكومة من الأنشطة الأجنبية وطريقة التعامل معها مقارنة بالأنشطة المحلية.
3- تاريخ وخبرة الدولة في مجال معاملة الشركات والأنشطة الأجنبية والاتجاهات الحالية والمتوقعة في العلاقات السياسية والاقتصادية بين تلك الدول والدولة التي تنتمي إليها الشركات القائمة.
4- الدور الذي ترى الحكومة أن القطاع الخاص يجب أن يلعبه في الحياة الاقتصادية وطبيعة القيود المفروضة على تحويلات الموارد دوليا وتأثير تلك القيود على عمل الشركة في تلك الدولة.
5- الاتجاهات الرئيسية المرتبطة بتنظيم البيئة المحلية، وطبيعة الحوافز التي تمنحها الحكومة للقطاع الخاص والمستثمر الأجنبي، والقطاعات التي تعتبر حساسة أو استراتيجية في أسواق الدولة، وكيف تدافع الحكومة عنها وعن السيادة الاقتصادية.
6- ماهي مخاطر ضياع آو فقدان الملكية والتحكم في الأصول، ومصادر الإزعاج أو الانتهاك السياسي المحتملة، والأدوات التي يمكن استخدامها لبناء علاقة مصالح متبادلة مع حكومة تلك الدولة وتجنب الصراعات القومية، واحتمالات التغير في الحكومة وحالات عدم الاستقرار السياسي، ومدى ارتباط الشركة أو الصناعة أو السلع المراد تسويقها بأي حالات سياسية أو اقتصادية.
7- أساس النظام القانوني للدولة ومدى انتهاك أنشطة الشركة القواعد القانونية في تلك الدولة، والمناطق الجغرافية التي يمكن تتأثر فيها استراتيجية التسويق بالتنظيم القانوني في تلك الدولة.

البيئة التشريعية للتسويق الدولي

نتعرف فيما يلي على مفهوم البيئة التشريعية للتسويق وتأثيرها على النشاط التسويقي الذي تمارسه المؤسسات في ظلها.

مفهوم وأهمية البيئة التشريعية
يقصد بالبيئة التشريعية للتسويق الدولي تلك القوانين أو التشريعات والتنظيمات والقرارات واللوائح المؤثرة على أنشطة التسويق الدولي وقد تكون البيئة القانونية بيئة محلية أو بيئة خارجية أو بيئة دولية.

والبيئة القانونية المحلية لدولة ما هي نتاج طبيعي لثقافة تلك الدولة ونظمها السياسية والاقتصادية، وتؤثر هذه القوانين على حركة التجارة الخارجية للدولة تصديرا أو استيرادا ولكل دولة قوانينها الخاصة ولوائحها المنظمة لدخول وخروج السلع والخدمات وعناصر الإنتاج.

 أما البيئة القانونية الخارجية فهي البيئة التي توجد في دولة معينة ويرغب رجل التسويق الدولي في استغلال الفرصة التسويقية المتاحة في أسواق تلك الدولة ويتطلب هذا الأمر بناء استراتيجية تسويقية تتلاءم جميع أركانها وخطواتها مع البيئة القانونية لتلك الدولة، وهو ما يشير إلى ضرورة التعرف على كافة القوانين والتشريعات التي تؤثر على أنشطة الإنتاج والتسويق بها.

وفيما يتعلق بالبيئة القانونية الدولية فإنها عبارة عن محصلة الاتفاقيات الدولية بين دولتين فما أكثر وتغطي موضوعات وأنشطة متعددة وهي في حقيقة الأمر تعد انعكاسا لطبيعة التشابك المتزايد في العلاقات السياسية والاقتصادية لدول العالم فضلا عن اتجاهات التدويل الراهنة لأنشطة الإنتاج والبحوث والتطوير والتسويق.

و تتعلق التشريعات عموما بالضرائب الجمركية على الصادرات والواردات وضرائب الإنتاج والمبيعات والاستثمار والأرباح وتتعلق كذلك بفرض أي قيود على دخول الأسواق أو ممارسة أنشطة معينة، أو استيراد سلع معينة كما ترتبط بنوعية المنتجات وطرق تغليفها وأماكن عرضها وتسويقها.وتؤثر كذلك في نظم تسعير المنتجات والإعلان والعلامات التجارية وباقي الأنشطة التسويقية.

إضافة إلى التشريعات الرسمية على رجل التسويق الدولي أن يأخذ في اعتباره الرأي العام وتحركات المستهلكين.وينبغي على الشركة الدولية التي تمارس أنشطتها الإنتاجية والتسويقية على النطاق العالمي أن تعي جيدا طبيعة وخصائص النظام القانوني في كل دولة من الدول التي تتعامل معها ويفضل دائما الاعتماد على محامين من البيئة المحلية لتلك الدول عند الحاجة إلى أية استشارات قانونية مرتبطة بممارسة العمل في هذه الدول أو عند نشوء أي نزاعات بين الشركة وأية أطراف محلية.

البيئة التشريعية وعناصر المزيج التسويقي
هناك بعض التنظيمات الحكومية التي تستهدف الحفاظ على مصالح المجتمع وذلك بحماية المستهلك ومنع الاحتكارات وتوجيه المنافسة، وهذه القرارات أو التنظيمات لا تؤدي فقط إلى زيادة تكاليف الشركات الراغبة في ممارسة النشاط خارج حدودها ولكنه تؤثر أيضا على أنشطتها التسويقية أو استراتيجياتها المختلفة.ويمكن إيجاز كيفية تأثير البيئة التشريعية على عناصر المزيج التسويقي على النحو التالي:
1- البيئة التشريعية والمنتج: تؤثر البيئة القانونية على المنتج من زوايا متعددة أهمها تلك المرتبطة بنوعية المنتج ومدى توافقه مع القيم الدينية والعادات الاجتماعية السائدة في مختلف الدول فهناك بعض المنتجات التي لا يمكن دخولها إلى أسواق يعض الدول، وهناك منتجات متعددة تحتاج إلى إعادة تصميم أو تهيئة لكي تتلاءم مع القوانين المحلية قبل السماح لها بعبور الحدود وقد يكون هذا التعديل مرتبطا بالنواحي الفنية والهندسية كما قد يكون مرتبطا بالشكل والتغليف، وقد لا يسمح بدخول أسواق دولة معينة إذا لم يستوف الشروط الصحية المطلوبة أو أن يكون ملوثا للبيئة إلى غير ذلك من العوامل القانونية التي تؤثر على نوعية المنتج وتصميمه.

2- البيئة التشريعية وقنوات التوزيع: عادة ما نجد أن قنوات التوزيع تتأثر بطبيعة البيئة القانونية السائدة في دولة معينة ففي أسبانيا على سبيل المثال نجد أن هناك قيودا على إرسال الطرود والعينات إلى المنازل، ويتحتم على المستهلكين التوجه بأنفسهم إلى مكاتب البريد لاستلام طرودهم بأنفسهم. وتأخذ قنوات التوزيع شكلا معينا في اليابان إذ أن المتاجر الصغيرة يحميها القانون وذلك بعرقلة إقامة متاجر جديدة كبيرة على مسافة تقل عن 27000قدم وهو ما يحتم الاعتماد على المتاجر الصغيرة واسعة الانتشار.

3- البيئة التشريعية والترويج: تستخدم معظم الدول العديد من القيود على الإعلان بهدف تقليل الطلب ومواجهة التضخم أحيانا، كما أن القوانين تضع تنظيما محددا لنوعية الإعلانات المسموح بها والمادة التي يعرض من خلالها واللغة التي تستخدم في الإعلان، فاليابان مثلا لا تسمح بالإعلان عن السجائر الأجنبية باللغة المحلية. والسعودية وبعض الدول الإسلامية لا تسمح الإعلان بطريقة تخالف الشريعة الإسلامية، أي أن الكثير من الدول تضع من القوانين قيودا على طبيعة وشكل ونوع ولغة الإعلان ذلك أن الإعلانات التي تكون مقبولة في مجتمع معين قد لا تكون مرغوبة في مجتمعات أخرى.

4- البيئة التشريعية والسعر: الرقابة السعرية من الأمور الموجودة في دول عديدة، خاصة بالنسبة للسلع التي تمثل أهمية نسبية كبيرة في دخل المستهلك محدود الدخل، وتوجد هذه الرقابة حتى في الدول ذات الأسواق الحرة وذلك لحماية المستهلك أو لمواجهة التضخم، وفي مثل هذه الحالات فان الشركات ليس لديها الخيار في إتباع القواعد والاجراءات الحكومية المنظمة للأجور والأسعار.

5- البيئة القانونية الدولية وحماية التكنولوجيا: العالم له نظام مرتبط بالسيادة وسيادة الدولة تشير إلى إمكانية السيطرة على الحدود واستقلالية القرارات المتعلقة بالتجارة الخارجية للدولة، وعلى المستوى العالمي فان قواعد القانون الدولي فقط هي التي يمكن الاستناد إليها، ولا تستطيع دولة بمفردها أن تضع قواعد يحتكم إليها عالميا، وتعتبر براءات الاختراع والعلامات التجارية وحقوق النشر والتأليف من أهم الموضوعات التي تتطلب حماية دولية ضد ما يحدث من انتهاكات الاختراع أو الاستخدام التجاري للعلامة دون إذن المالك أو السطو العالمي على الاختراعات في إطار ما يعرف بالجوسسة الصناعية، ويجب على رجل التسويق الدولي أن يكون على علم تام بالاتجاهات الحديثة لظاهرة الجوسسة الصناعية لحماية شركته وتعرف هذه الظاهرة عندما تقوم إحدى الشركات بطرح احد المنتجات في الأسواق في نفس الوقت الذي تستعد فيه شركة أخرى لطرح هذا المنتج في الأسواق.وتلعب نفقات البحوث والتطوير دورا كبيرا في تفاقم ظاهرة الجوسسة الصناعية ذلك أن المنافسة الشديدة بين الشركات المنتجة تؤدي إلى تعرض منتجات هذه الشركات إلى التقادم في فترة زمنية وجيزة ويحتم هذا الأمر اتجاه الشركات إلى تكثيف نشاط البحث عن معلومات ترتبط بأوضاع المنافسين من الناحية الفنية ومدى تقدمهم في مجال البحوث والتطوير ويتحول الأمر بعد فترة إلى محاولة السطو على المعلومات الفنية الخاصة بالمنتجات الجديدة قبل طرحها بالأسواق.ويلاحظ أن الصناعات التي تتعرض لهذه الظاهرة بكثرة هي صناعة الالكترونيات، والكيمياويات، والأسلحة، والصناعة المرتبطة بأنشطة الطاقة النووية وهذه الصناعات تدار عادة في بيئة دولية سريعة التغير، ويتطلب النجاح فيها درجة عالية من المقدرة على الاختراع والتطوير.

نشير في الأخير إلى أهمية البيئة الثقافية والاجتماعية للتسويق الدولي التي يقصد كل ما يحيط بالشركات التي تمارس الأنشطة الإنتاجية والتسويقية على النطاق العالمي من عادات وتقاليد وقيم وممارسات موروثة ومكتسبة، وتمثل ردود أفعال متباينة ومواقف مختلفة في كل دول العالم. والثقافة الاجتماعية تفسر لنا السبب في اختلاف أنماط التفكير والتصرف بين شعوب العالم المختلفة، و اختلاف أنماط الاستهلاك بين الشعوب من حيث كيفية الاستهلاك ووقت الاستهلاك والتفضيلات وحتى طريقة الجلوس وطريقة اللباس وكل الأنماط المكتسبة من السلوك البشري والتي تدخل في ثقافة المجتمع، ولعل الاختلاف الكبير بين ثقافات الشعوب في العالم أمر يؤدي إلى صعوبة مهمة رجل التسويق الدولي إذ ينبغي عليه أن يدرك وبدقة كل الثقافات المرتبطة بأسواق الدول التي يتعامل معها من خلال القيام بتسويق منتجاته إليها، أو نقل جانب أو كل مراحل العملية الإنتاجية إلى تلك الأسواق، والجدير بالذكر أن هناك فروقا ثقافية بين بلدان ومدن وقرى الدولة الواحدة، بل إن المدينة عادة ما تكون لها عادات تختلف عن القرية، هذا الأمر مهم جدا عند تجزئة الأسواق والتعامل مع شرائح محددة داخل المجتمع وهنا فان التعميم بشأن الثقافات الموجودة قد يؤدي إلى نتائج غير مرغوبة.

ومن خصائص الثقافة هو أنها تحدد نمط وطبيعة وحجم القرار الاستهلاكي هذا فضلا عن كونها تعتبر من الأمور غير الموضوعية إذ أن الناس مختلفي الثقافات عادة ما يكون لهم أفكار مختلفة في نفس الموضوع، والأمر المقبول في ثقافة معينة قد يكون مرفوض في ثقافة أخرى.

والثقافة تعتبر من الأمور التراكمية والتي تكونت عبر مئات بل آلاف السنين وكل جيل يضيف إلى ما بعده وتنتقل الثقافة من جيل إلى جيل. ولتحليل التباين الثقافي يمكن لرجل التسويق أن يقوم بتقسيم العالم إلى مجموعات جغرافية ذات خصائص متشابهة مثل العالم العربي –دول أمريكا اللاتينية –جنوب شرق آسيا واليابان والصين –شمال أفريقيا وجنوب غرب آسيا – الولايات المتحدة الأمريكية –دول أوروبا الغربية.ويجري بعد ذلك تحليلا للعناصر الثقافية في كل مجموعة من هذه المجموعات.

وهذا التصنيف ينطوي على خلل بسبب التعميم في التشابه بين الثقافات المختلفة، فرغم أن هناك روابط عديدة بين هذه الدول إلا أن هناك تباينا كبيرا بين هذه الدول في جوانب ثقافية عديدة، ومنه فان هذه الطريقة من التحليل قد تؤدي إلى تولد مفاهيم غير صحيحة لدى رجل التسويق الدولي وتنتهي به إلى نتائج عكسية.ولذلك يجب عليه الاهتمام بتحليل ثقافات الدول بالتركيز على الشرائح المختلفة داخل الدول التي تقع في حيز اهتمامه دون محاولة استعارة المفاهيم الثقافية السائدة في دول أخرى.


ــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر : نوري منير، (2005) "التسويق الاستراتيجي وأهميته في مسايرة العولمة الاقتصادية ( إسقاط على الوطن العربي للفترة 1990-2000)" رسالة دكتوراه، كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، قسم علوم التسيير، جامعة الجزائر.
Admin
Admin
تعليقات