استراتيجيات الريادة من أجل الابتكار


دراسة مقدمة في المؤتمـر العلمي الدولي السنوي الريادية في مجتمع المعرفـة 2010

تأليف
د/صليحة مقاوسي  Mekaoussi_2007@yahoo.fr
أ/هند جمعوني
د/ كمال عايشي

ملخص الورقة البحثية باللغة العربية بعنوان: استراتيجيات الريادة من أجل الإبتكار
 ينطلق المؤتمـر من إشكالية تطرح موضوعا جديدا وحيويا، وتبرز أهميته في جوانب متعددة ذات العلاقـة الوثيقة بمنهج عمل مبني على مهارات الإبداع والابتكار، خاصة في بيئة المجتمع المعرفي الذي يعد بمثابة الإطار الطبيعي للريادية.
ولقد بات واضحا حاجة المجتمعات و المنظمات و الأفراد  للمنهج الريادي لتوفير نظام فعال من القيم  و الاتجاهات، مع تبني المفهوم بأبعاده الإستراتيجية كأحد مقومات النجاح،  وتوسيع أفق الأفراد في المجتمع نحو الإنجاز و التجديد و المخاطرة .
وإدراكا منا بأهمية هذا الموضوع بأن الإستراتيجية الريايدية تساهم في رفاهية المجتمع وتعزيز فرص النجاح من خلال إحداث تحول نوعي ابتكاري في الأداء بالمنظمات لتحقيق رغبات وحاجات الزبائن والقدرة على التكييف و التنافس أمر حاسم لتجديد الابتكار.


المفاهيم كوحدات للتحليل
إن الوضوح و النضج في المفاهيم يؤدي بالباحث في أي موضوع إلى التحكم نسبيا في الكيفية التي يقدم بها تصوراته وآرائه، ومن ثم إعطائه القيمـة التي يستحقها عمله في الحقل العلمي التخصصي، أو المجال الذي يتم فيه دراسة ومعالجة القضايا في الحقل العلمي مرتبطة بمنظمات مختلفة، ومن منطلق هذا الموقف أو القناعة سوف نقوم بتحديد بعض المفاهيم الأساسية واتخاذها كوحدات للتحليل على النحو الآتي:



1-الإستراتيجية:

هي خطة ضرورية شاملة وقد تكون فرعية لكنها متكاملة في تركيبة عناصرها لأي إنجاز مجتمعي أو مؤسساتي أو فردي.

ومادامت الإستراتيجية تعني فن التفكير و الاستخدام الأمثل للإمكانيات(1)، ففي هذه الحالة يلزم الإخلاص في العمل لأجل تحقيق الأهداف من أجل الحصول على ميزة المنظمـة، وعليه فاللإستراتيجية مستويات هي(2):
· الإستراتيجية على مستوى الشركـة: وتتعلق بنطاق المنظمـة ووحدات الأعمال في المنظمـة.
· إستراتيجية وحدة الأعمال: وتتعلق بكيفية نجاح منظمات الأعمال في منافسة الأسواق المميزة للسلع و الخدمات.
   

2-استراتيجيات الريادة:
فهي تبني على كل شئ جديد و القيام بالابتكار و القدرة على التكيف وكذلك على التنافس وتحقيق الميزة التنافسية (3)، شريطة ان تبحث المنظمات الريادية عن الفرص المناسبة بالأسواق و الموارد الملائمة.

كما تعرف بأنها تلك الاستراتيجيات التي تشجع المنظمات على الإبداع و الابتكار والتفرد واخذ المخاطرة و المبادأة وكذلك تشجيع العاملين على اتخاذ القرارات والمسؤولية.



3-الريادة:
يقصد بالريادة خصائص وسلوكيات تتعلق بالإبتداء بعمل و التخطيط له وتنظيمه وتحمل مخاطره و الإبداع في إدارته(4).

4- الريادية:
يشير هذا المفهوم إلى الشخص المبدع و المبتكر في مجال الأعمال من خلال المشروع الذي أنشأه، واكتشاف الفرص الجديدة و الاستقلالية و المخاطرة و العزيمـة والمبادرة و الحاجـة إلى الإنجاز.

5- الرائـد:
هو فرد يتمتع بقدارت على تحمل المخاطر ورؤية الفرص و التخطيط و الإدارة الإبداعية لعمل خاص، فالدولة التي يكثر فيها الرواد تزدهر اقتصاديا، ولذا فإن الدول من خلال مؤسساتها التعليمية تسعى إلى تنمية ما يسمى بالروح الريادية Entrepreneurial لدى الأفراد و المنظمات، لذا فالرواد ليسوا صنفا واحدا (5).

6-الإبــداع:
وهو تطوير الأفكار الابتكارية و تعكس الحاجات المدركة وتستجيب للفرص في المنظمـة(6)، لأنه يعتبر الخطوة الأولى للابتكار، حيث تستعمل مفاهيم الإبداع و الإبتكار والخلق... كمترادفات وتعني ولادة شئ جديد غير مألوف، فالتحديث يشير إلى التوصل إلى فكرة جديدة ترتبط بالتكنولوجيا، في حين ان الإبداع يعني التجديد، أما الابتكار فهو حل جديد لمشكلة ما أو فكرة جديدة، أما التحسين فهو إدخال تعديلات وتغييرات على العمليات أو المنتجات الحالية.

يتبين لنا أنه بعد الشرح المختصر لمجموعة المفاهيم ذات الارتباط القوي بالموضوع الذي توقف عليه اختيارنا أنها امتداد لبعضها من الناحية العلمية، وبالتالي تليق أن ترقى لدرجـة اتخاذها وحدات للتحليل باعتبار وجود قضايا شائكة تطرح نفسها على الساحـة البحثية.

7-خصائـص الرواد:
يسعى الرواد إلى تحقيق نجاح كبير معتمدين في ذلك على توفر صفات معينة لهم، ومن أهمها :

- القدرة على التحكم الذاتي و الاستقلالية.
- الشعور بحاجـة كبيرة لتحقيق إنجازات متميزة
- يسعون إلى تحقيق أهداف وأداء متميز
- يتمتعون بطاقة عمل هائلة و الرغبـة في تحقيق النجاح
- مرونة التفكير و العمل واستعداد قبول حالات الفشل
- عدم الاتكال على الآخرين.
- ثقة عالية في النفس وطاقة كبيرة للمنافسة و الاستعداد لاتخاذ القرار.



ثانيا: أهمية الريادة:
أكد ماسلو على أن أهم محرك للنمو الاقتصادي هو توفر الرياديين وأصحاب الأفكار الابتكارية المتميزة، أما بورتر يشير إلى أن الابتكار و الريادة هما جوهر وصلب ثروة الأمم

وهكذا يبدو دور الريادة في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية بشكل عام من خلق فرص عمل جديدة ورفع مستوى الإنتاجية، وتنويع الإنتاج بتنوع مجالات إبداع الرياديين، وتحقيق التنافسية وإبجاد أسواق جديدة.


ثالثا: الريادة من أجل الابتكار

لماذا الريادة من أجل الابتكار؟
إن الريادة أمر حاسم بالنسبة للابتكار و التجديد فإذا كانت المشاريع ناجحة يعود الفضل إلى الرياديين أصحاب الكفاءات العالية، أما إذا حدث العكس عندها تفشل المشاريع تشير إلى إدارة المخاطر و النفور.

وعليه ينبغي للرياديين و الإلتزام بالمسؤوليات و الأدوار الخاصة بتجديد الإبتكار ولتحقيق أهداف المنظمـة، فالريادة التنظيمية قائمة على ثلاث مستويات : التشغيلية، والإستراتيجية و التكتيكية.

بالنسبة للمستوى التشغيلي يتولى الرواد مسؤولية شاملة لبقاء ونجاح المنظمـة ولفترة غير محددة من الزمن، أما على المستوى الاستراتيجي فالتركيز يقع على الريادي ذو مكانة وكذلك فإن الأهداف و الجهود الريايدية منسقة مع بعضها البعض ومن الصعب فصل الريايدية عن المنظمات .

ومن هذا المنطلق فإن النجاح في السوق العالمية الحالية يتطلب من كبار المسؤولين التنفيذيين توفير الريادة من أجل الابتكار باعتبارها ذات الأولوية للمنظمات ، وينبغي للريادي تحمل المسؤولية للعمليات الثلاث المترابطة، الابتكار وتطوير الاستراتيجية، وصيانة الثقافة، وتشمل هذه العمليات الرؤية الواضحة للتنظيم و الإبتكار والأفكار الجديدة(7).

بالإضافة إلى تطوير الكفاءات للإبداع أي الاستثمار في الكفاءات، وهذا بالإضافة إلى إنشاء وصيانـة ثقافـة الإبتكار التي تتميز بالانفتاح والتعاون وتحفيز العمل، ولذلك فإن تأمين تدفق المعلومات أمر حاسم في الإبداع و التعلم.

أما بالنسبة لتطوير استراتيجيات الابتكار ينبغي أن يكون هادف، و الملاحظ أن الكثير من المنظمات لا تمتلك استراتيجيات الابتكار الواضحة فهذه المنظمات لديها استراتيجيات لعمليات التمويل و التسويق دون تخطيط مخصص(8).



رابعا: استراتيجيات الريادة:
تتميز استراتيجيات الريادة بأهمية كبيرة في ظل المنافسة في الأسواق بين منظمات الأعمال والتي تتمثل في الإبداع والإبتكار وأخذ المخاطر كما هو موضح في الشكل الآتي:

المصدر: بلال خلف السكارنه، مصدر سابق، ص73.



4-1 الإبــداع:

إذا كان الإبداع تطوير الأفكار الإبتكارية في المنظمـة فإنه يعتبر الخطوة الأولى للإبتكار كما يساهم في نجاح المنظمـة بالإضافـة إلى أنه يحسن من عملية صنع القرار. وعموما فالإبداع نوعان(9) :

- الإبداع الجذري ويتمثل في التوصل إلى المنهج الجديد أي بمثابة تقدم كبير مفاجئ دورة إبداعية ذات مستوى أعلى.

- أما الإبداع التدريجي وهو التوصل إلى المنتج الجديد جزئيا من خلال التحسينيات التي يتم إدخالها على المنتجات الحالية.



ومن هذا المنطلق يتخذ الإبداع أشكالا متعددة وله خصائص معينة:

- كالتمايــز وهو الإتيان بما هو مختلف عن الأخرين من المنافسين المباشريين
- يعتبر المحرك الأول في السوق و التوصل إلى ما هو جديد
- قادرة على اكتشاف الفرص ورؤية خلاقـة لاكتشاف قدرات المنتج الجديد

4-2 علاقـة الإبداع بالريادة:
تتجلى العلاقـة الرابطـة بين الإبداع و الريادة في قدرة المنظمات على اختراق الأسواق و السيطرة عليها وظهور دورها الريادي ويبدو ذلك من خلال أنواع الإبداعات الريادية جزئية جديدة.



4-3 الإبتكار:
بحيث يتمثل في ابتكار المنظمـة لأشياء ذات قيمـة في الخدمات والأفكار والعمليات بمعنى الابتكار النظمي، فالمدخلات و المخرجات للمنظمة الإبتكارية تؤدي إلى الإبداع من خلال التحسينات. وتعتبر شركة (psion) للكمبيوتر مثالا على توضيح العلاقة بين الابتكار والإبداع، وجاءت بأفكار جديدة وتنفيذ هذه الأفكار يعد إبداعا من خلال قيادة الإبداع للإنتاج ويوضح الشكل التالي نمط إستراتيجية الابتكار المستخدم من قبل الشركة والتي تشمل ما يلي: (10).

أ- نموذج القيادة: إعطاء الأهمية للعاملين و إعطاء تخصصات في العمل وقبول القيادة و الثقة بالإدارة.

ب- العاملون الأكفاء: وهي تلك القوى العاملة التي تملك المواهب و القدرات على العمـل و الأداء العالي.

ج- تكامل التسويق والتكنولوجيا: والذي يساعد على تمييز حاجات وطلبات الزبائن و ارتباطهم بخدمات المنظمـة.

حيث اعتبر البعض بأن الإبتكار يوجد في ثلاثة أشياء وهي: الأفراد، الإجراءات والمنتج، بحيث يمتلك الأفراد مواهب وسمات تكون لهم ابتكاراً. وأما الإجراءات فهي تتعلق بالاتصالات و التعليم و التفكير، بينما المنتج خاص بالجودة والبيئة المحيطة.

حيث أصبح من الضروري تنمية عمليات الابتكار والإبداع في المنظمات على اختلاف أنواعها، وتسمى هذه التنمية ثقافة الإبتكار و الإبداع .

الشكل الآتي: يوضح إستراتيجية الابتكار في شركـة (psion)


المصدر: بلال خلف السكارنه، مرجع سابق، ص 54.

4-4 التميز ( التفرد):
يتكون التفرد في منظمات الأعمال من خلال إمكانية التميز عن غيرها من المنظمات الأخرى المنافسة لها في نفس القطاع بالنسبة للإنتاج والخدمات مما يمكنها من تحقيق الميزة التنافسية و الاستمرارية وتحقيق منتجات أفضل.

4-5 أخذ المخاطرة:
بمعنى إمكانية التعرض للخسارة(11)، ولذلك تعد الريادة جزءا من أخذ المخاطرة ولقد أثبتت بان الرياديين أكثر ثقة في عملية اتخاذ القرارات من المديرين في المنظمات الأعمال الكبيرة، كما ينبغي للرياديين تقييم الأهداف يوميا بعد إنجاز كل مهمة.

4-6 المبادأة:
بمعنى القدرة على أخذ مخاطرة عالية أكثر من ظروف البيئة المحيطة بالمنظمات ويتضمن عناصر أساسية هي(12):
- محاولة التعاون مع المنافسين من أجل احتوائهم.
- المفاضلة بين المحاولات الحقيقية في الإبداع.


النتائج والتوصيات:

- تعزيز سياسات التكوين و التدريب للقوى العاملة
- إقامـة مشاريع ريادية
- تدعيم البحث العلمي كأساس للتطور
- إستراتيجية التعليم و التفكير الإبداعي وتنمية الروح الريادية
- ضرورة إسهام الريادي في تطور المجتمع.



الخاتمة:
ينبغي النظر في مدى أهمية أدوار الريادي القائم بالإبداع وجهود الإبتكار على الصعيد التشغيلي والاستراتيجي، كما ينبغي تحمل المسؤولية لنجاح المنظمـة المبتكرة.  وعلى هذا الأساس يجب أن ندرك بأن الريادة والإبداع أصبح خيارا استراتيجيا وضرورة ملحة لبناء المجتمعات في ظل التغيرات العالمية و الإنفتاح الإقتصادي.




المراجع:
1-حسن شحاتة وزينب النجار: معجم المصطلحات، الطبعة الأولى، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 2003، ص 39-44.

2-بلال خلف السكارنه: الريادة وإدارة منظمات الأعمال، ط1، دار الميسرة للنشر والتوزيع و الطباعة، عمان، 2008، ص 44.

3-نفس المرجع ، ص 44. 45.

4-صالح مهدي محسن وآخرون: الإدارة والأعمال، ط1، دار وائل للنشر و التوزيع، عمان، 2007، ص 168.

5- نفس المرجع و الصفحة

6- DAFT,R,NOE (2002) Organizational Behavior, dyden press Standiego, har-Court College. puplishers, u.s.a.p 120.

7-AMEBILE, TM.AND GRY .SKIEWISCZ-SS , TECHNICAL-REPORT 30 , Creative leadership 1987.

8-KANTER.R.M KAO.J. AND WIRSEMA ;F ( EDITORS) INNOVATION, BREAKTHROUGH IDEAS AT 3M DU PORT , NEW YORK ; 1997.

9- RAMI SHAMI AND J.BLOU. 1994.CONTENPORARY APPLIED MANAGEMENT.ILLINOIS P 25.

10-بلال خلف السكارنه: مرجع سابق، ص 54.

11-Wervre k.Marck ,2002, Assessing the environment.

www.edscoht.com.html.cited 2004. P20.

12-بلال خلف السكارنه: مرجع سابق ص 65.




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-