التجارب الدولية والإقليمية العربية لريادة الأعمال



لقد دفعت المزايا والخصائص التي تتمتع بها المشروعات الريادية التي ينشئها الرياديون والدور المتميز لها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية الحكومات ومنظمات الأعمال في مختلف دول العالم إلى تحفيز هذا النوع من المشروعات، وتوفير وسائل الاستقرار والنمو المستدام؛ نظراً لما تتمتع به من دور، ولاسيما في مجال مكافحة مشكلات الفقر والبطالة التي وصلت إلى حوالي (14%) في الدول العربية، ومن هنا كان لزاماً على الدول أن تعمل على دعم المشروعات الريادية ليس من أجل استمرارها فحسب، ولكن لتنفيذ وتفعيل سياساتها وبرامجها التنموية الاقتصادية والاجتماعية خصوصاً في ظل ما تعانيه دول العالم اليوم من أزمات مالية واقتصادية وارتفاع معدلات البطالة (المحروق ،2011 :10).
وقد ظهر تزايد اهتمام الدول بتشجيع هذا النوع من المنظمات الذي يتبين من خلال تجاربها الخاصة في دعم وتشجيع المنظمات الريادية في البلدان المتقدمة والبلدان النامية، وفيما يلي عرضاً مركزاً لأهم تلك التجارب:
1.     تجربة الولايات المتحدة الأمريكية:
يعود اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بالمشروعات الصغيرة التي يديرها الرياديون للمساهمات الإيجابية التي تقدمها للاقتصاد الأمريكي في مواجهة أهم عقبة للتنمية في جميع دول العالم وهي البطالة، وقد أثبتت الدراسات والإحصائيات أن المشروعات الصغيرة هي المولد الأول للوظائف في الولايات المتحدة الأمريكية حتى في أوقات البطء الاقتصادي عام 1990م وفرت المشروعات الصغيرة (9) فرص عمل من بين كل (10) فرص.
كما تُقيم الولايات المتحدة الأمريكية أسبوع الريادة كل عام بهدف تحفيز الشباب على ممارسة العمل الريادي من خلال العديد من الأنشطة مثل تمارين المحاكاة، ومسابقات خطة العمل ومنتديات محلية لأنشطة الريادة وورش العمل المختلفة والمراكز الريادية المنتشرة في الولايات لتقديم التعليم والتدريب للرياديين (Bygrave,2003.p.6) نقلاً عن (المري2013: 77)، كما تسعى الحكومة إلى تنمية التوجه الإيجابي نحو العمل الريادي من خلال قيامها بحملات إعلانية تبث فيها قصص الناجحين من رواد الأعمال لتحفيز الشباب للعمل الحر(مبارك ،2011، 112).
ويمتلئ التاريخ الأمريكي بالكثير من الأمثلة لأصحاب الأعمال الناجحين الذين بدؤوا بمشروعات صغيرة ونجحوا في تحقيق الازدهار لأنفسهم ولبلدهم وعلى سبيل المثال
(الشمري والشراح،2014 :8):
-  شركة فورد لصناعة السيارات بدأت برجل واحد وطريقة جديدة للإنتاج الصناعي.
- أضخم متجر تجزئة في العالم Macy،s بدأ صاحبه كبائع متجول في شوارع نيويورك.
- كل من شركتي Xerox and Polaroid بدأ كمشروع صغير وطريقة أفضل لأداء العمل.
-  شركة Microsoft العملاقة ومؤسسها Bill Gates الذي بدأ من الصفر وأصبح من أغنى أغنياء العالم.
- شركةMcDonald's العالمية التي تنتشر فروعها في جميع أنحاء العالم بدأت بفرد واحد هو الذي نجح في تحقيق معجزة تدرس كنموذج فريد لمنشأة الأعمال الناجحة.
ويشير (النجار والعلي ،2010 :48) إلى أن أكبر 500 شركة صناعية في أمريكا أسسها رياديون برؤوس أموال محدودة جداً، فقد كان سوفت جزاراً، بينما فورد ميكانيكي، كذلك الحال عند كرايسلر فقد كان هو الآخر ميكانيكي في مصنع للسكك الحديدية قبل أن يصبح مهندس محركات، أما جيلمان مؤسس شركة الأطلسي والباسفيك للشاي فقد كان يبيع الشاي بجانب وظيفته.
كما قامت الجامعات بتقديم برامج تعليمية في الريادة حيث تعد جامعة جنوب كاليفورنيا أول جامعة تطرح أول برنامج علمي حديث ومتطور في ريادة الأعمال عام 1971م، ثم تبعتها بقية الجامعات داخل وخارج أمريكا (حامد، أرشيد ،2007: 52ومن أهم الخطط والبرامج الإستراتيجية المتخذة من قبل الولاية لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة
(المبيريك،2009: 287-288):
-        جهاز حكومي مركزي عام1953 م ينفذ السياسة القومية وتنمية وحماية المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
-        إعفاءات ضريبية للمشاريع الصغيرة.
-        وإنشاء منظمات حكومية لمساعدة وتطوير المشروعات الصغيرة مثل (مراكز لتطوير المنشآت تضم متخصصين لتقديم المشورات.

1- تجربة الصين (الشمري والشراح ،2014 :9-13):
أدهشت التجربة الصينية العالم بإنجازاتها التي كان لها أثر واضح على الاقتصاد العالمي، ويتوقع أن تصبح هذه التجربة الأكبر اقتصادياً في العالم بحلول عام 2030م، فقد بلغت صادرتها أربعة مليارات ، ووارداتها ثلاثة مليارات دولار عام 1972م ، ووصل كل منهما إلى 194.9، 165.8 مليار دولار على التوالي عام 1999م، وكانت الصين أكبر دائن لأمريكا؛ حيث أصبح فائض الميزان التجاري بينهما لصالحها بنحو 400 مليار دولار، وفي عام 1997 م بلغت التجربة الصينية ذروتها؛ حيث حققت أعلى معدل نمو على الإطلاق لأي دولة وهو 9.7 % ومن عوامل نجاح هذه التجربة الاعتماد على العلوم والتكنولوجيا والمعلومات الكافية عن جميع الأسواق التي تصدر إليها بالإضافة للعمل الجاد المستمر؛ حيث تظهر الصناعات الصغيرة دوراً هاماً في تخفيف حدة البطالة في المدن والقرى الصينية حيث توفر ثلاثة أرباع فرص العمالة
 وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة مساهمة المشروعات الصغيرة التي تصنف جميعها كمشروعات ريادية (الصناعات الغذائية، صناعة ورق الطباعة، صناعة الملابس والجلود والألعاب الرياضية والبلاستيكية والمعدنية، صناعة الأثاث في الناتج المحلي في الصين موزعة كالتالي (Yu Jianguo, 2002):54% المشروعات الجماعية و25% المشروعات الفردية و13% المشروعات الأجنبية و8% المشروعات الحكومية.
ويتضح مما سبق أن اقتصاد الصين يعتمد بدرجة أساسية على المشاريع وهذا يعكس أهمية الأفراد الرياديين في رفع معدلات النمو عبر مشاريعهم الإبداعية الخلاقة التي سينعكس أثرها الإيجابي على الوضع الاقتصادي بشكل عام.


2- تجربة بريطانيا (المري،2013: 79):
اهتمت بريطانيا بتدريس الريادة في مناهجها التعليمية الجامعية وركزت على نقل المعرفة والتقنية بشكل خاص في جميع مراحل التعليم سواء العالي منها أو العام بهدف تعزيز قدرات طلابها على ممارسة العمل الريادي في سن مبكرة من خلال الإبداع والابتكار كوسائل لمنح القيمة الإضافية لهذا العمل، ولتشجيع وبدء المشاريع الريادية
(Global Entrepreneurship Monitor,2003.P-3) وقد طورت جامعة شيفيلد
 
University of Sheffield) ) التعليم الريادي وجعلت الريادة ضمن برنامجها الدراسي وربطة بموضوعات العلوم والهندسة ونشر ثقافة الريادة عبر الجوانب العلمية للبحث العلمي
(Final Proceedings,2006.p-26) كما تم تخصيص مبلغ (28.9) مليون جنية إسترليني في عام 2000م لدعم 12 مركز ريادي في بريطانيا بهدف تأسيس مراكز ريادية لتسويق الأبحاث، وتبني الريادة العلمية ودمج ثقافة الريادة في المساقات العلمية، وفي عام 2001 تم صرف (15) مليون جنية إسترليني إضافي لتعزيز النجاحات التي تحققت في العام السابق كما أسست الحكومة البريطانية المجلس الوطني لخريجي الريادة لتعزيز ثقافة الريادة و الشراكة بين المجتمع الأكاديمي وقطاع الأعمال في بريطانيا، وحملات توعوية وطنية مستمرة لتعزيز مفهوم الريادة لدى الشباب واستقطاب جيل جديد ملهم في الريادة والإبداع، وإشراك العديد من الرياديين في المدارس لتعزيز التوجه الريادي لدى الطلاب.


4- تجربة اليابان:
سعت في القضاء على ظاهرة البطالة، واعتمدت على نشر ثقافة ريادة الأعمال عبر وسائل الإعلان من خلال حملات إعلامية مكثفة، وضعت معايير جديدة للنظام التعليمي والتربوي لتشجيع الإبداع والابتكار والريادة كما وضعت مقررات مستقلة بريادة الأعمال ضمن مراحل التعليم العام والجامعات والمعاهد مع تقديم برامج تعليمية متكاملة تمنح درجات الدبلوم والماجستير والدكتوراه، حصر سنوي لأهم الجهود الريادية ومدى تطويرها، أتاحت وسائل اتصال متنوعة مع عقد لقاءات دورية بين الرياديين وخبراء الريادة ، وأنشئت عدد كبير من المراكز الريادية أكثر من اثنين وأربعين مركزاً لتقديم برامج تعليمية وتدريبية للرياديين، تقديم جوائز مادية وشهادات تقدير للمتميزين في المشروعات الريادية (جامعة إشكاوا)، وركزت بشكل أكبر على دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، استهدفت جميع شرائح المجتمع في برامجها الريادية، تولت الدولة والحكومات المركزية مسؤولية متابعة المشروعات الريادية من خلال حاضنات الأعمال، منحت إعفاءات ضريبية للمشاريع الصغيرة تصل إلى (25%)، أصدرت نظام تمويل المنشآت الصغيرة جداً بقروض التشغيل بفائدة سنوية (7%) دون أي ضمانات، تمويل الحكومات المحلية والمركزية للمنشآت الصغيرة (صندوق تحديث الماكينات ونظام تأجير الماكينات) أصدرت نظام الأخصائي الإرشادي لتقديم الخدمات الإرشادية لأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة، تقديم الدعم المالي من المؤسسات المالية والبنوك وشركات القطاع الخاص بشكل قروض ميسرة السداد بفائدة سنوية منخفضة مع إيجاد سياسة حماية المنشآت الصغيرة والمتوسطة من الإفلاس يقوم على تطبيقها مجموعة من المؤسسات المالية والتأمينية
(المري ،2013 :87-92).


4- تجربة الهند: (حسين،2013: 403-404)
عند الحديث عن تجربة الهند نذكر الرواد في الصناعة الهندية مثل (شركة تاتا، امباني، بريمجي، مورثي) بعد نمو الاقتصاد في عام 1990 م الذي ساعد في خلق مشاريع جديدة نتيجة زيادة عدد السكان في سن العمل وكان معدل النمو 7% سنوياً، وإذا بقي مستمراً فإن هناك حاجة لمليون وظيفة في الشهر فعدد السكان ضعف عدد سكان الولايات المتحدة، وفي ذلك الوقت كان هناك طلب على طلاب الكليات الذين يشاركون في تنظيم المشاريع مما دعا الشركات لمبادرة (الشبكة الوطنية للريادة NEN ) التي أسستها مؤسسة ادواني وبعض الجامعات الرائدة في الهند والآن هناك ما يقارب (70000) طالب وطالبة في NEN، والدراسة التي أجراها(معهد ليجاتوم)2011م، وجدت أن رجال الأعمال الهنود متفائلين لمستقبل بلدهم رغم المشاكل الموجودة في حقل التنفيذ للعقود والتعامل مع تراخيص البناء والتجارة عبر الحدود والعائق الأكبر هو عدم وجود السلطة والبنية التحتية والطرق والمياه والنقل العام التي تعد من ضمن مسؤوليات الحكومة مما ولد الاحتجاجات التي سيستفاد منها أصحاب المشاريع لخلق فرص عمل جديدة والانتقال نحو الأفضل.


5- تجربة الأردن
شجعت الأردن الأفكار الريادية إذ تقوم كلٌ من الجهات الرسمية وغير الرسمية بتقديم مسابقات وجوائز للشباب ذوي الأفكار الريادية الأفضل التي ممكن أن تنشأ من خلالها مشاريع ناجحة، فهذه الجوائز لها أثار غير مباشرة في نشر ثقافة الريادة وتغيير الفكر العام حول إنشاء المشاريع وأهميتها، وأهمية مساهمة الفكر الشبابي في الاقتصاد والمجتمع بشكل عام
(حامد ،أرشيد،2007 :18)،
كما تعد تجربة المملكة الأردنية الهاشمية من التجارب الرائدة في التنمية على مستوى الدول العربية ودول المنطقة بشكل عام، وتم تبني العديد من المبادرات أبرزها الآتي (المحروق،2011: 25 ):
-   شبكة مراكز الإبداع الأردنية-حاضنات الأعمال: وتستهدف تحويل الأفكار الإبداعية إلى ثروة من خلال دعم الأفكار الريادية ورواد الأعمال لإنشاء أعمال قابلة للحياة وقادرة على الوقوف بمفردها.
-   صندوق لإقراض المرأة: يقدم الصندوق خدمات مالية عن طريق القروض الفردية والجماعية وخدمات غير مالية مثل الحماية والتأمين والقروض التعليمية وخدمات تطوير الأعمال والتسويق لصاحبات المشاريع الصغيرة من ذوات الدخل المحدود.
-   الصندوق الوطني لدعم المؤسسات: لغرض مساعدة المشاريع الريادية إدارياً ومالياً وفنياً لتصبح أكثر كفاءة وقدرة على المنافسة محلياً وعالمياً.
-   الشركة الأردنية لتمويل المشروعات الصغيرة (تمويلكم): يركز على تقديم خدمات مالية عن طريق توفير قروض صغيرة، وخدمات غير مالية تتمثل في ربط العملاء وتسويق منتجاتهم بالإضافة إلى تقديم المنح التعليمية للفئات المستهدفة.
-  برنامج تطوير الإنتاجية(ريادة) (وزارة التخطيط الدولي،2005) نقلاً عن
(النجار والعلي،2010 :41).
يسعى هذا المشروع لتعزيز الإنتاجية في الأردن مع التركيز على المناطق الأقل حظاً من خلال الآتي:
§       توفير البنية التحتية اللازمة لدعم الاستثمار وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية.
§       توفير كافة المتطلبات المالية والإدارية والفنية اللازمة لإنشاء المشروعات الإنتاجية الريادية الجديدة وتوسيع المشروعات القائمة لخلق فرص عمل جديدة والحد من البطالة في كافة مناطق المملكة.
§        تشجيع القطاع الخاص والمنظمات الغير حكومية في المملكة لتوفير فرص عمل وتنمية المجتمع المحلي.
كما يسعى البرنامج لتحقيق تحول اجتماعي واقتصادي في المملكة حيث ستسهم هذه المشاريع بفائدة للمواطن عبر خلق فرص عمل والحد من البطالة.
ومن الجهود التي بذلتها أيضا لتعزيز ريادة الأعمال (مبارك ،2011، 127-128):
-          إنشاء مركز الملكة رانيا للريادة عام 2004م كمنظمة غير حكومية غير ربحية لدعم النمو الاقتصادي من خلال توفير الخدمات اللازمة لتنمية الريادة، كما اتجهت جهود المركز نحو طلبة الجامعات والمخترعين والمبادرين لتعزيز قدراتهم، ومدهم بالاستشارات لتطوير الروح الريادية لديهم.
-          تأسيس جمعية الرواد الشباب عام1998م، هدفها إيجاد شباب رياديين من خلال تبادل الآراء والبعثات والتدريب والتعليم، لتعزيز مستواهم الريادي.
-          دعم الريادة من خلال دعم الشباب في شتى المجالات وتوفير بيئة أسرية داعمة ورعاية الطفل، وتوفير المبادرات المحفزة للروح الريادية مثل المجلس الوطني الشبابي للإبداع والتميز.

6- تجربة فلسطين:
تصنف النشـاطات الريادية بحسب دوافعها إلى ريادة مدفوعة بالضرورة وريادة مدفوعة باسـتغلال الفرص، ويشير تقرير الريادة الفلسطيني لعام 2012 م إلى أن 42% مـن الرياديين الفلسطينيين من جميع الأعمار أقاموا مشروعاتهم بدافع الضرورة الاقتصادية، مقارنة بـ 30% في الجزائر و33.6% في مصر، و35.5% في تونس، وأن 58% من الرياديين الفلسطينيين أقاموا مشروعاتهم باستغلال الفرص وبخصـوص الرياديـين الشـباب في دولة فلسطين المحتلة، بينت نتائج مسح السكان البالغـين في العـام 2012 م، أن 46% مـن الرياديـين الشـباب في المراحل المبكـرة دفعتهم الضرورة الاقتصادية أي أعـلى من نسبة ريـادة الـضرورة لجميـع فئات العمر بـ( 4 )نقاط مئوية كما بينت أن 88% من مشروعات الشباب المستقرة نشأت بدافع استغلال الفرص وتبين وجود فجـوة كبيرة بين ريادة النسـاء وريـادة الرجال مـن حيث الدوافـع، حيث تبين أن  62% من مشروعات النسـاء في المرحلة المبكرة نشأت بدافـع الضرورة بينما كانت 46% مجموع أفـراد الفئة العمرية
 )18-35) لمشروعات الرياديـة للشباب (الذكور) في المرحلة المبكرة فـإن دافـع الفرصة كان مسؤولاً عن إنشاء 58% منها، وفيـما يخـص العلاقـة بـين التحصيـل العلمي، ومستوى الأداء الريـادي للشـباب، أظهـرت نتائـج المسـح أنـه كلـما زاد مستوى التحصيل العلمي زادت نسبة النشـاط الريادي في المرحلـة المبكرة، وبـرز دور التحصيل العلمي العـالي (ماجستير فأعـلى )، في ارتفاع معدل النشـاط الريادي للشـباب الذكور في مرحلة الاستقرار التي بلغت 10%، كما تشـير نتائـج مسـح السـكان البالغـين لعـام
(2012) م إلى زيادة انتشـار النشـاطات الرياديـة بـين الشـباب القادمـين مـن أسر ذات دخل منخفض، فقـد تبـين أن
68% من الرياديين الشـباب، يقل دخل أسرهـم عن
(
(11.4 ألف دولار سنوياً، لكن هنـاك بعـض الفروقات بين الشـباب الحاصلين على مؤهلات علمية  (دبلوم متوسط، بكالوريوس)، وبـين الحاصلين عـلى شـهادة الثانوية العامة أو أقـل، وينتمي 41% من رياديي الأعمال الشباب مـن حملـة الدبلـوم المتوسط أو البكالوريـوس، إلى أُسر يتراوح دخلها بـين(5.7-11.4) ألف دولار سنوياً، بينما ينتمـي الرياديـون مـن حملـة شـهادة الثانويـة العامـة أو أقـل 64% إلى أُسر يقل دخلها عن
(5.7)ألف دولار سنوياً وتفسر تلك الأرقام أسـباب زيادة أعداد الرياديين الشـباب بدافع الضرورة الاقتصادية للمنتمين إلى أُسر فقيرة أو فقيرة جداً، بالمقابـل، يغلـب على مشروعات الشباب مـن الأُسر ذات الدخل المرتفع أنَّها تنشـأ بدافع استغلال الفرص

(علي ،2015:
88-92-93).


7- تجربة البحرين (آل خليفة والربيعان،2015):
أنشئت البحرين خلال السنوات العشر الماضية العديد من المشروعات والمبادرات الوطنية الداعمة لريادة الأعمال، أبرزها"تمكين"، وبنكين متخصصين، لتقديم التمويل الصغير والمتناهي الصغر لرواد الأعمال، وبحسب تقرير أصدرته شركة فخرو لعام (2014 م) تشير الإحصائيات الواردة فيه بأن نسبة مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد تبلغ 28% من إجمالي الناتج المحلي لمملكة البحرين محركاً ذلك النمو الاقتصادي من خلال خلق فرص عمل جديدة والحد من البطالة ومحفزاً النشاط الاستثماري للاقتصاد الوطني.
 وتعد الشركات الصغيرة والمتوسطة ذات أهمية كبيرة في مملكة البحرين؛ إذ تمثل الوظائف فيها ما نسبته 77% من وظائف القطاع الخاص، على الرغم من ضعف مشاركتها النسبية في إجمالي الناتج المحلي، وتهيمن الشركات الصغيرة والمتوسطة على99% من إجمالي شركات الدولة.
 وبلغ حجم التمويل الذي صرفه بنك البحرين لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة والبرامج التمويلية الأخرى 15 مليون دينار خلال الربع الأول من عام(2014م)؛ حيث أظهر تقييم منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) للنموذج البحريني لريادة الأعمال أنه الأفضل على مستوى العالم في تنمية الشباب واعتمدت الأمم المتحدة (2007 م) النموذج البحريني لتنمية رواد الأعمال نموذج رائدً لدعم ريادة الأعمال على مستوى المنطقة العربية والشرق الأوسط.
 وقد استفاد من برامج المركز العربي الدولي لريادة الأعمال والاستثمار في البحرين منذ تأسيسه حوالي 50 ألف رائد عمل من آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، فيما تقدمت إيطاليا وروسيا بطلبين رسميين لنقل تجربة ريادة الأعمال البحرينية إليها.
كما بلغ عدد فرص العمل التي وفرتها المشروعات الممولة من قبل بنك البحرين للتنمية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والبرامج التمويلية الأخرى (895) فرصة عمل خلال عام
(2014م) أي بنسبة زيادة بلغت 34%، وأشارت ورقة بحثية حديثة من مجلس التنمية الاقتصادية إلى ارتفاع مشاركة المرأة في اقتصاد المملكة، إذ بينت أن عدد النساء البحرينيات الملتحقات بالقطاع الخاص قد ارتفع في عام 2010م بالمقارنة بعام 2002 م بنسبة 73.5%؛ إذ بلغ 25 ألف امرأة.
لذا تعد تجربة البحرين من التجارب العربية المتميزة ومن أهم برامجها الآتي
 
(سلمان وآخرون،323):
-        برنامج تنمية وتدريب رياديي الأعمال: من خلال تدريبات عملية مكثفة تركز على كيفية إنشاء وتطوير وتنمية المشروعات الريادية.
-        مركز البحرين لتطوير الصناعات الناشئة: يهدف لدعم نمو المشروعات الريادية من خلال فريق عمل متخصص يضم نخبة من الخبراء، وبالاستعانة بالهيئات المحلية والعالمية من خلال تنظيم دورات تدريبية وإرشادية وتأهيلية لأصحاب المشروعات الريادية ضماناً لإستمراريتها.

8- تجربة الكويت:
سعت الحكومة الكويتية إلى دعم ريادة الأعمال في 18 ديسمبر 1998م؛ وذلك بتخصيص (100) مليون دينار كويتي لإنشاء محفظة صندوق الاستثمار وتأسيس الشركة الكويتية لدعم المنشآت الصغيرة التي عملت على تفعيل دور القطاع الخاص ودفع الشباب نحو العمل الحر حيث؛ مولت الشركة (51) مشروع في مختلف القطاعات برأس مال مقدر بـ:(10.5) مليون دينار كويتي، كما أصدرت الحكومة الكويتية عام 1998م قانون يقضي بإنشاء محفظة مالية لدى بنك الكويت الصناعي بقيمة (50) مليون دينار كويتي ولمدة (20)عام؛ وذلك لدعم النشاط الحرفي والمشروعات الصغيرة ،(المبيريك ،2009: 290)؛ وذلك وعياً منها لأهمية الريادة في أي نهضة.
وكانت أهداف الشركة لدعم ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة كالآتي(حسن ،2001: 189) نقلاً عن (المري، ،2013 :85):
-       نشر الوعي الاستثماري من خلال تحويل العمل الحر من خيار ثانوي إلى ضرورة وخيار أساسي للمواطنين الكويتيين.
-       دراسة المشروعات الصناعية والتجارية والمهنية والحرفية الصغيرة، ذات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية بهدف تحقيق التنمية المطلوبة للبلاد.
-       تطوير السوق المحلي من خلال بث روح التنافس، ودعم الأعمال الإبداعية وتوفير أدوات استثمارية جديدة ومتنوعة.
-       دعم وتمويل المهارات لدى المواطنين وتحفيزهم على ممارسة العمل الحر.
-       تطوير القطاعات الاقتصادية المختلفة من خلال تشجيع المبادرات الفردية وذوي الخبرة والتخصصات الفنية والمهنية لمزاولة الأعمال ذات الجدوى الاقتصادية والفائدة العامة.

9- تجربة مصر:
شرعت مصر إلى إصدار قوانين لحماية المشاريع الصغيرة الذي ينشئها الرياديون، وتشجيع الاستثمارات، فبالرجوع إلى قانون تنمية المشروعات الصغيرة المصري البند الرابع من مادة الإعفاءات نجد إعفاء المشروعات من كافة أنواع الضرائب لمدة 10 سنوات (مراد 2004م) نقلاً عن (حامد، ارشيد،2007: 18)، وهذا يشير إلى اهتمامها بالريادة لأنها توجه نحو مشاريع جديدة تدعم الاقتصاد وتساهم في استقرار المجتمع.


وقامت الحكومة بالعديد من الإجراءات إسهاماً منها لدعم المشروعات الريادية ممثلة بالآتي (المبيريك ،2009: 289):
-       إنشاء صندوق اجتماعي للتنمية عام 1991م، ليسهم في حل مشكلة البطالة عبر تقديم الدعم المالي والفني والاستشاري لهذه المشاريع.
-       تقديم القروض لهذه المشاريع من قبل البنوك التجارية (بنك مصر، البنك الأهلي، بنك فيصل الإسلامي بنك ناصر الاجتماعي).
-       تقديم برنامج ضمان بنسبة (50%) من الائتمان المصرفي لمثل هذه المشاريع عن طريق شركة ضمان مخاطر الائتمان المصرفي.
-       مساهمة بنك التنمية الصناعية في دعم الصناعات الحرفية والصغيرة، من خلال برامج التمويل الميسرة.


10-تجربة المملكة العربية السعودية:
تهدف هذه التجربة إلى تعزيز السلوك الريادي وغرسه في نفوس الشباب والأطفال في سن مبكرة، ولإنشاء أجيال تسعى للتفكير والإنجاز والتحسين والتطوير المستمر من خلال تعزيز الأنشطة والفعاليات الريادية، وطرح المسابقات التعليمية ومنح الجوائز الريادية التي تشجع على الاستمرار في الإبداع والابتكار، وفي جامعة الملك سعود لتعزيز الإبداع وريادة الأعمال    (السديري، 1957: 25) كانت التجربة تطمح بأن تكون ريادة الأعمال فكر وسلوك يتبناه القطاعان العام والخاص؛ وذلك بما ينسجم مع جهود الدولة نحو دعم أصحاب الشركات الناشئة وتوفير البيئة الاستثمارية المناسبة للشباب كي يصبحوا رواد أعمال يوفرون الفرص الوظيفية لهم ولغيرهم من أبناء وبنات الوطن باعتبارهم  شريحة مهمة لمستقبل الاقتصاد الوطني والتنمية الاجتماعية، فقد كانت التجربة ممثلة  بإنشاء مركز ابتكارات يهدف إلى تعزيز الابتكار في مجتمع الجامعة وتشجيع الطلبة على تقديم أفكارهم وتحويلها إلى ابتكارات ذات قيمة اقتصادية، تحفيز المبدعين والاستثمار في ابتكاراتهم ومواهبهم بهدف خدمة المجتمع، تسويق الابتكارات والأفكار البحثية المتميزة، توفير فرص عمل للمبتكرين، خلق ثقافة روح الريادة بين منسوبي الجامعة، وأسفرت التجربة في توليد الرياديون من طلبة الجامعة ابتكارات جديدة، فقد بلغ عدد الابتكارات في عام 1431 هـ (47) ابتكار، وعام 1432هـ (62) ابتكار، وفي عام 1433 هـ (66)(السديري، 1957: 23)، وبالرغم من حداثة التجربة السعودية إلا أنها تميزت بتوفير بيئة ملائمة لنمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة، من خلال تعدد جهات وصناديق دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ودعم المشروعات الخاصة بالمرأة كنموذج للأسر المنتجة، بالإضافة إلى منح قروض ميسـرة دون فوائد، بجانب ترويج إنتاجات ومبتكرات رواد الأعمال المتفوقين من خلال إشراكهم في المحافل الدولية لريادة الأعمال ودعم حصول بعضهم على جوائز تقديرية (المبيريك و الجاسر ،2014: 32)؛ ومن الإسهامات التي قدمتها هذه التجربة القضاء على ظاهرة البطالة، إنشاء الهيئة السعودية لدعم و تنمية المنشآت الصغيرة و المتوسطة، وتوجيه البنوك التجارية والمؤسسات الخاصة لدعمها بقروض حسنه دون فوائد،  وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال الأجهزة الحكومية كبنك التسليف و البنك الزراعي و الصندوق الخيري و صندوق التنمية الصناعية، وصنـدوق تنميـة الموارد البشرية، تقديم الدعـم المالي والفني والاستشارات والتدريب من المؤسسات المالية والبنوك والصناديق في شكل قروض ميسرة السداد دون أية فائدة من قبل الغرف التجارية الصناعية وبرامج عبد اللطيف جميل، وصندوق القروض الدوارة وصندوق الأمير سلطان لدعم المنشآت الصغيرة للسـيدات وحاضنات الأعمال.(المبيريك، الجاسر ،2014: 32-33).


11- تجربة الجزائر:
قامت الجزائر بإنشاء عدة هيئات بعد عام 1994م لتقديم المساعدات الاقتصادية والفنية لصالح المنظمات منها :(الزين ،2010: 15-16)
-          الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب عام(1996م).
-          الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار عام (2001م).
-          إنشاء مشاغل المنظمات المتوسطة لاحتضان المشاريع الجديدة وذلك بتقديم الخدمات اللازمة عام (2003م).
-          إنشاء المجلس الوطني الاستشاري لترقية المنظمات الصغيرة والمتوسطة عام (2003م).
هذا وقد قامت بإنشاء صناديق ضمان القروض لدعم المشروعات الجديدة
(الزين،2010 :16):
-              صندوق ضمان قروض المنظمات الصغيرة والمتوسطة (2002م).
-              صناديق تساهم في خدمة أصحاب المشروعات.
وقد انعكس أثر هذه الجهود على التنمية في الجزائر؛ حيث بلغ عدد المنظمات الصغيرة والمتوسطة الخاصة في نهاية (2008م) حوالي (321387) منظمة، بمعدل (34.9%) وفيما يلي بعض مؤشرات التنمية التي ساهمت بها هذه المشروعات خارج نطاق المحروقات
(الزين ،2010 :20):
-        المساهمة في تكوين القيمة المضافة بنسبة (43.86%) عام (2007م).
-        المساهمة في الناتج الداخلي الخام بنسبة (80.80%) عام (2007م).
-        نمو معدل الإنتاج نمواً مطرداً قُدر بحوالي (11%) عام (2007م) مقارنة بعام (2003م).
-        معدلات نمو بلغت ما بين 8% و9% في عام(2007م).
-        توفير فرص عمل بمعدل 2.8% بين عامي(2006-2007م).


يتضح من التجارب السابقة أن هناك إجماع بين الدول على أهمية ريادة الأعمال، لدورها  الإيجابي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحقيق الثروة والاستقرار لكافة المجتمعات سواء الإقليمية منها أو الدولية، وعليه يتضح أن هناك من شرع في إصدار قوانين لحمايتها، وآخرون سعوا نحو إنشاء صناديق تمويلية، ومراكز تطويرية تقدم دورات تدريبية وبرامج تعليمية؛ وذلك لأن برامـج تعليم ريادة الأعمال تهتم بتنمية القدرة على توفير وظيفة للذات وللغيـر، من خلال إقامة مشروعات ريادية جديدة تساعد في تقليل نسب البطالة ورفع الضغط عن الحكومات في وظائفها المحدودة.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-