لقد كان للأزمات المالية وقع و أثر كبيرين على اقتصاديات البلدان، إذ أنها غالبا ما سببت تدهورا حادا في الأسواق المالية، نظرا لفشل الأنظمة المصرفية المحلية في أداء مهامها الرئيسية و الذي ينعكس في تدهور كبير في قيمة العملة و في أسعار الأسهم. وبالتالي التأثير السلبي على قطاعات الإنتاج والعمالة، وما ينتج عنه من إعادة توزيع الدخول والثروات فيما بين الأسواق المالية الدولية ككل.
وفي هذا المقال سوف نقوم بالإجابة عن التساؤلات الآتية:
- ما المقصود بالأزمات المالية ؟.
- ما هي أسباب ظهور تلك الأزمات ؟.
- ما هي أهم الأزمات التي عرفتها دول العالم في السابق ؟.
- كيف حدثت الأزمة الآسيوية ؟ وماذا نتج عنها ؟وكيف كانت تأثيراتها؟
- ما هي الدروس التي أمكن استخلاصها من الأزمات السابقة ؟
مفهوم الأزمة المالية
هي اضطراب فجائي يطرأ على التوازن الاقتصادي في دولة ما أو عدة دول. وهي تطلق بصفة خاصة على الاضطراب الناشئ عن اختلال التوازن بين الإنتاج والاستهلاك. والأزمة إما أن تكون عنيفة أو بطيئة، وقد تكون أزمة محلية يقتصر أثرها على بلد أو دولة معينة أو تكون عامة شاملة لعدة دول أو العالم بأسرهِ، وتعرف أيضاً بأنها توقف في ارتفاع الأسعار للسلع والخدمات.
ويمكن تعريفها على أنها تلك التذبذبات التي تؤثر كليا أو جزئيا على مجمل المتغيرات المالية ، حجم الإصدار، أسعار الأسهم والسندات، وكذلك اعتمادات الودائع المصرفية، و معدل الصـرف.
هـذا الاختلاف في تقديـر الظواهر الخاصة بالارتفاع و الانخفاض يستلزم فترة طويلة لتفسيرها. وعادة ما تحدث الأزمات المالية بصورة مفاجئة نتيجة لأزمة ثقة في النظام المالي مسببها الرئيسي تدفق رؤوس أموال ضخمة للداخل يرافقها توسع مفرط و سريع في الإقراض دون التأكد من الملاءة الائتمانية للمقترضين، وعندها يحدث انخفاض في قيمة العملة، مؤديا إلى حدوث موجات من التدفقات الرأسمالية إلى الخارج.
وقد عرف الاقتصاد الدولي عدة أزمات مالية إبان فترة الكساد العظيم خلال الفترة 1929 - 1933 حيث ارتبطت أسباب هذه الأزمة بالظروف العالمية السائدة حقبة ما بعد الحرب العالمية الأولى، و بالفكر الكلاسيكي السائد آنذاك. كما تعرضت بورصة نيويورك سنة 1987 إلى الانهيار و حققت خسارة قدرها 500 مليار دولار، ثم المكسيك سنة 1994 و الكثير من البورصات الأخرى و التي سنتطرق إلى أهم أزماتها.
تصنيف الأزمات المالية
تم تصنيف الأزمات إلى ثلاث أزمات وهي أزمة النقد الأجنبي، الأزمة المصرفية وأزمة الديون وهي كالآتي:
1- أزمة النقد الأجنبي
تحدث الأزمة في النقد الأجنبي أو العملة، عندما تؤدي إحدى هجمات المضاربة على عملة بلد ما إلى تخفيض قيمتها أو إلى هبوط حاد فيها،أو ترغم البنك المركزي على الدفاع عن العملة ببيع مقادير ضخمة من احتياطاته، أو رفع سعر الفائدة بنسبة كبيرة.
و يميز بعض المحللين بين أزمات العملة ذات" الطابع القديم " أو "الحركة البطيئة" و بين الأزمات ذات "الطابع الجديد"، إذ أن الأولى تبلغ ذروتها بعد فترة من الإفراط في الإنفاق، و الارتفاع الحقيقي في قيمة العملة التي تؤدي إلى إضعاف الحساب الجاري غالبا في سياق من الضوابط المتزايدة على رأس المال، بما يؤدي في النهاية إلى تخفيض قيمة العملة.
أما في الحالة الثانية، فإن القلق الذي ينتاب المستثمرين بشأن جدارة ميزانيات جزء مهم من الاقتصاد ( سواء كان عاما أو خاصا ) بالثقة، يمكن أن يؤدي في مناخ الأسواق المالية و الرأسمالية الأكثر تحررا و تكاملا إلى الضغط سريعا على سعر الصرف.
2- الأزمة المصرفية
تحدث الأزمات المصرفية عندما يؤدي اندفاع فعلي أو محتمل على سحب الودائع من أحدى البنوك، أو إخفاق البنوك، إلى قيامها بإيقاف قابلية التزاماتها الداخلية للتحويل، أو إلى إرغام الحكومة على التدخل لمنع ذلك، بتقديم دعم مالي واسع النطاق للبنوك، و تميل الأزمات المصرفية إلى الاستمرار وقتا أطول من أزمات العملة ، و لها آثار أقسى على النشاط الاقتصادي، وقد كانت الأزمات نادرة نسبيا في الخمسينات و الستينات بسبب القيود على رأس المال و التحويل ، و لكنها أصبحت أكثر شيوعا منذ السبعينات، و تحدث بالترادف مع أزمة العملة.
3- أزمة الديون
تحدث أزمة الديون إما عندما يتوقف المقترض عن السداد، أو عندما يعتقد المقرضون أن التوقف عن السداد ممكن الحدوث و من ثم يتوقفون عن تقديم قروض جديدة، و يحاولون تصفية القروض القائمة .
و قد ترتبط أزمة الديون بدين تجاري (خاص)، أو دين سيادي (عام)، كما أن المخاطر المتوقعة بأن يتوقف القطاع العام عن سداد التزاماته، قد تؤدي إلى هبوط حاد في تدفقات رأس المال الخاص إلى الداخل، و إلى أزمة في الصرف الأجنبي.
أسباب حدوث الأزمات
قد تحدث الأزمات لأسباب عديدة يمكن التنبؤ ببعضها، و البعض الآخر يصعب قياسه بدقة، و تفيد الخبرات المتراكمة في تقدير الاتجاهات البورصية ( مثال: مؤشر داو جونز، كما حدث في الأسبوع الماضي لأزمة نيويورك 1929 ، و قد ترجع أسباب الأزمات إلى :
- التغيرات الدولية، من الكوارث و الحروب و الأزمات الاقتصادية والحروب التجارية.
- المتغيرات المحلية في معدل التضخم (أسواق السندات )، وأسعار الصرف ( أسواق العملات الحرة)، وأسعار الأسهم، و تغير أسعار الفائدة.
- التغيرات التكنولوجية مثل المنتجات الجديدة و الاختراعات، و تحول الطلب على المنتجات و الخدمات و هياكل محفظة الاستثمار.
- الإشاعات و المعلومات الملوثة غير الحقيقية.
- المضاربة غير المحسوبة.
و يترتب على الأزمات تدهور في الأسعار و الخسائر، و تدهور التداول في البورصة، و فقدان الثقة في بعض الأوراق المالية، لذا يفيد الإفصاح المالي في الكشف عن حقيقة التغيرات في البورصات و يمكن مواجهة الأزمات البورصية إما بالانتظار أو بالانسحاب، أو بتطبيق التخطيط الاستراتيجي الفعال كما هو موضح في الشكل، حيث يوضح الشكل أساليب التعامل مع الأزمات، و تشغيل آليات البورصة سواء من حيث الانفراد بالقرارات أو التشاور ، أو تحقيق درجة عالية من قبول العاملين و المتعاملين في البورصة، أو عدم تحقيق ذلك.
أهم الأزمات المالية التي حدثت وأسبابها ونتائجها
شهد العالم موجات متتالية من الأزمات، أدت في غالب الأحيان إلى إحداث ثغرات ضخمة في الاقتصاديات الدولية ، مما يتطلب إعادة هيكلة جذرية للسياسات الاقتصادية المنتهجة، و ضياع أصول هائلة من المستثمرين في الأسواق المالية لهذه الدول. و بهدف التعرف على أهم الأزمات المالية التي زعزعت اقتصاديات هذه الدول، ارتأينا دراسة بعضها من خلال ثلاث مطالب نتعرض في كل منها لإحداها.
أولاً: أزمة وولستريت 1929
بعد الأزمة التي اجتاحت معظم دول العالم خلال سنوات الحرب العالمية الأولى، شهدت فترة ما بعد الحرب نوعا من الاستقرار في العلاقات النقدية و المالية الدولية، و استفاد المواطنون من زيادات في المستوى المعيشي والاقتصادي عن طريق بعض سياسات الإقراض المسهلة آنذاك و ذلك نتيجة للإصلاحات النقدية و المالية التي شهدتها هذه الفترة، لكن هذا الاستقرار ما لبث أن اختفى مع انفجار أزمة أكتوبر 1929 .
مظاهر أزمة وولستريت 1929
هذا الرخاء، أدى بالمواطن الأمريكي إلى التوسع في الاقتراض من أجل شراء مختلف المواد الاستهلاكية و الأجهزة، فزاد ذلك من حدة الديون. و كانت الآراء الاقتصادية و اعتمادا على الفكر الكلاسيكي، تدعم فكرة أن قوى العرض و الطلب سوف تؤدي تلقائيا إلى إعادة التوازن و القضاء على الكساد القائم، خاصة عند اتخاذ البنك الفدرالي الأمريكي قرار التوسع النقدي، الذي أدى إلى ارتفاع إنتاج السلع الاستهلاكية و انخفاض البطالة مؤقتا، كما اتجه سوق الأوراق المالية إلى صعود لا نهاية له.
و نتيجة للأوضاع المذكورة، انصبت المضاربة على سوق الأوراق المالية، وارتفعت أسعار الأوراق المالية ،و أدت هذه السلوكات إلى ارتفاع أسعار أسهم أردأ الشركات، و أصبحت البنوك تضارب بأموال زبائنها، وزاد عدد المتدخلين في السوق المالي إلى أعداد ضخمة من أفراد، مضاربين، شركات سمسرة، و أسر أمريكية.
وقد استمرت الحكومة بتوفير القروض السهلة، حتى الوقت الذي اندلعت فيه الأزمة، وقد زادت أيضا في تقديم القروض الأجنبية بقصد المزيد من ربط الاقتصاديات لدى الأقطار الأوربية برأس المال الأمريكي، و هكذا ارتفعت الإصدارات الجديدة من الأوراق المالية للقيام بالاستثمارات الإضافية في مختلف القطاعات من 4000 مليون$ سنة 1923 غالى 10000 مليون $ سنة 1929.
وكانت الأمور تبدو و كأن الرخاء هو السائد و أن السياسة النقدية و المالية تجري في الطريق الصحيح، و قبل انتهاء السنة، كانت الأسواق المالية الأمريكية قد غمرتها الأزمة، و هبطت أسعار الأوراق المالية هبوطا حادا، و أخذت أسعار السلع في السوق العالمية تجنح إلى الهبوط السريع، و في سنة 1930 تبين حقيقة أن الاقتصاد الأمريكي يواجه أزمة خطيرة و ليس مجرد ركود طفيف، و استمرت الدوائر الأمريكية الحاكمة في إصدار المزيد من السندات لتمويل الأشغال العامة للمحافظة على الاستخدام و القوة الشرائية، و في نفس السنة، ارتفعت البطالة إلى 8% بعدما كانت0,9 % عام 1929، و استمرت بالارتفاع في السنوات التالية إلى غاية 25,1% سنة 1933.
خصائص أزمة وولستريت 1929
تميزت هذه الفترة بمجموعة خصائص تمثلت في:
- تسببت في زعزعة الاستقرار النسبي في النظام الأمريكي بأكمله.
- استمرار هذه الأزمة لفترة طويلة نسبيا.
- عمق وحدة هذه الأزمة بشكل استثنائي، ففي الولايات المتحدة مثلا، انخفضت الودائع لدى البنوك بمقدار 33% ، كما انخفضت عمليات الخصم و الإقراض مرتين، و كان عدد البنوك التي أفلست منذ بداية عام 1929 حتى منتصف عام 1933 أكثر من 10000 بنكا، أي حوالي 40% من إجمالي عدد البنوك الأمريكية، وقد أدى هذا إلى ضياع الكثير من مدخرات المودعين، خاصة الصغار منهم.
- الانخفاض الكبير في مستويات أسعار الفائدة في البنك المركزي لنيويورك إلى2,6% في الفترة (1930-1933) مقابل 5,2% سنة 1929.
في بداية الأزمة، كان الارتفاع في أسعار الفائدة ناجما عن تزايد الطلب على النقود لسداد القروض، لكن مع استمرار الأزمة، انخفضت الطلبات على القروض بسبب زيادة عرض رؤوس الأموال.
آثار أزمة وولستريت على الدول الصناعية 1929
أحدثت الأزمة انهيارات كبيرة في الأسعار لدى الدول الصناعية، حيث انتقلت أسعار الجملة في ألمانيا من137% سنة 1929 إلى 93% سنة 1933. أما في فرنسا، فقد انتقلت السعار من 137% سنة 1929 إلى 94% سنة 1933، و كذا في اليابان من 166% سنة 1929 إلى 136% سنة 1933.
هذا الانخفاض، له انعكاسات مباشرة على انخفاض الأرباح و تراكم رأس المال، و على النشاط الاقتصادي ككل، يتبع ذلك ارتفاع في معدلات البطالة وانخفاض الأجور، ففي انكلترا، انخفضت الأرباح من 120 مليون جنيه إسترليني سنة 1929، إلى 75,8 مليون جنيه إسترليني سنة 1932، و كذا بالنسبة لألمانيا، كانت الأرباح 315 مليون مارك عام 1929 لتنخفض إلى 72 مليون مارك عام 1932 .
وهذه المعطيات تعطي فكرة عن الميل إلى الانخفاض القوي لمدا خيل الطبقة الرأسمالية، و كل هذا له انعكاسات مباشرة ليس فقط على نشاطات رأس المال الداخلية الخاصة بكل بلد، و لكن كذلك على تصدير رأس المال الذي انخفض من 1325 مليون $
عام 1928 إلى 1,6 مليون $ عام 1933 بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، أما في انكلترا، فقد كان 219 مليون جنيه إسترليني سنة 1928 لينخفض إلى 30 مليون جنيه إسترليني
سنة 1933 .
وإضافة إلى هذا، فإنه بين سنتي 1929 و 1933 ، انخفضت أسعار المنتجات بـ %45,7 ، وبصفة عامة، فقد شهدت هذه البلدان الصناعية الأساسية الستة ( وم أ ، اليابان، فرنسا، ألمانيا، انكلترا، وايطاليا) انخفاضا في دخلها الوطني يقدر بالنصف، كما عرفت التجارة الخارجية انكماشا بـ 40% مقارنة بسنة 1929، و بـ 74% مقارنة بحجمها العادي.
ثانياً: أزمة وولستريت 1987
ظروف حدوث أزمة وولستريت 1987
إن الأزمة التي شهدتها أسواق رأس المال الدولية في أكتوبر 1987 ، و المتمثلة في الانخفاض الكبير و المستمر في أسعار الأوراق المالية، فقد نتجت عن اتجاه أسعار الفائدة نحو الارتفاع، و توقع حدوث أزمة اقتصادية عامة بسبب تراجع مؤشرات النمو الاقتصادي في معظم الدول، بالإضافة إلى عوامل أخرى، منها تدهور قيمة الدولار في أسواق الصرف،
إن الأزمة التي شهدتها أسواق رأس المال الدولية في أكتوبر 1987 ، و المتمثلة في الانخفاض الكبير و المستمر في أسعار الأوراق المالية، فقد نتجت عن اتجاه أسعار الفائدة نحو الارتفاع، و توقع حدوث أزمة اقتصادية عامة بسبب تراجع مؤشرات النمو الاقتصادي في معظم الدول، بالإضافة إلى عوامل أخرى، منها تدهور قيمة الدولار في أسواق الصرف،
كما تعرضت أسعار الأوراق المالية( خاصة الأسهم) إلى انخفاضات متتالية و متسارعة، مما دفع بحملة الأوراق المالية إلى البيع تجنبا انخفاضات أخرى في أسعارها، الشيء الذي كان يثير القلق في الأوساط المالية خاصة و أن معظم أصحاب الأوراق المالية كانوا يرغبون في البيع و لا يوجد مشترون.
و قد أدى تفاقم الأزمة، في الأسواق المالية إلى أزمة الدولار الأمريكي، نظرا لأن جزءا هاما من الأوراق المالية محرر بالدولار،و لجوء حملتها إلى بيعها مقابل عملات أخرى قوية، زاد ذلك من العرض و تسبب في استمرار انخفاض قيمة الدولار الأمريكي مقابل العملات الأخرى.
و كان للجوء الحكومة الألمانية إلى فرض ضريبة بنسبة 10% على الادخارات و الاستثمارات تأثيرا سالبا على أسعار الأوراق المالية هناك نتيجة انخفاض عوائدها، بينما يعود ارتفاع أسعار الأوراق المالية في و م أ في بداية 1986 إلى زيادة إرباح الشركات الأمريكية و دخول الاقتصاد الأمريكي في نمو اقتصادي متسارع أفضل مما كان متوقعا.
ثم أدى الانخفاض الحاد في أسعار البترول إلى إثارة قلق في الأوساط المالية خاصة البنوك الكبيرة التي قدمت قروضا ضخمة لبعض الدول المنتجة للبترول كالمكسيك.
أسباب حدوث أزمة وولستريت 1987
لقد اختلفت الآراء حول تحديد الأسباب الحقيقية التي أدت إلى حدوث أزمة أكتوبر 1987 ، فنجد في هذه الحالة أسباب تتعلق بكفاءة السوق و أسباب أخرى، وسوف نتطرق لهذه الأسباب فيما يلي:
أ- أسباب تتعلق بكفاءة السوق: هناك ثلاث تفسيرات، و هي:
- الإنهيار هو انعكاس لردود الأفعال المبالغ فيها، حيث تتابعت موجات المضاربة للشراء اللاعقلاني المبالغ فيه في أوساط المتعاملين في البورصة، و انتقال المدخرين من الإستثمارات الحقيقية إلى الاستثمارات المالية.
- الإنهيار عبارة عن تصحيح الأوضاع السابقة، أي تصحيح ارتفاع أسعار الأسهم إلى قيم تفوق بكثير قيمتها، لتعود إلى المستويات التي ينبغي ان تكون عليها.
- انتشار المعلومات التي تدل على أزمة وشيكة الوقوع بسبب استمرار العجز في ميزان المدفوعات المريكي.
ب- أسباب أخرى من بينها:
- استمرار العجز في الموازنة الأمريكية، و في هذا الصدد فكرت حكومة "ريقان"، بتخفيض العجز بـ 23 مليار $ ، و ذلك بتخفيض النفقات و زيادة الضرائب، و بعد فشل الوعود بإصلاح الأوضاع، أدى ذلك إلى فقدان الثقة بالحكومة.
- رفع أسعار الفائدة، بسبب استمرار العجز في الموازنة الأمريكية، لذلك اضطر البنك الفدرالي الأمريكي إلى رفع أسعار الفائدة على السندات طويلة الأجل من أجل بيع الإصدارات الجديدة من سندات الخزينة، و قد أقدمت كل من اليابان و الدول الأوربية إلى ذلك لمنع خروج رؤوس الأموال، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الطلب على الأسهم وهبوط أسعارها .
- تدهور سعر الدولار الأمريكي أمام العملات الرئيسية، وذلك منذ سنة 1985 ، بنسب جد عالية، و قد لعبت تصريحات وزير الخزينة الأمريكي دورا هاما في إقبال قوي على بيع الأسهم ، حيث أقر أنه يفضل انخفاض أسعار صرف الدولار على رفع أسعار الفائدة ، مما أدى بالكثير من المستثمرين إلى التخلص من الأسهم التي بحوزتهم مقابل السندات و الودائع ذات العائد الثابت.
- اعتماد الأسواق المالية على أجهزة الكمبيوتر، حيث تبرمج هذه الأجهزة على أساس أوامر الشراء و البيع، كما تحتوي على برامج تعطي مؤشر إنذار مبكر بمجرد هبوط الأسعار إلى حد معين، فيقوم الكمبيوتر بإصدار أوامر بالبيع، كما أن التغيرات في أسعار العملات، و الأسهم، زادت من عرض الأسهم و انخفاض الطلب عليها مما أحدث فوضى أدت إلى المزيد من الانهيار.
نتائج أزمة وولستريت 1987
استنادا إلى المؤشرات السابق ذكرها، توقع العديد من الاقتصاديين وقوع أزمة تفوق في حدتها أزمة 1929 ، و في يوم 17 أكتوبر 1987 ، بلغت أسعار الأوراق المالية أدنى مستوى لها ،حيث فقد مؤشر "داو جونز" 502 نقطة مخلفا خسارة تقدر بـ 500 مليار $، خاصة و أن بورصات القيم المنقولة كانت تستعمل النظام الآلي لإصدار أوامر البيع و الشراء، و بعد أسبوع من ذلك أمر الرئيس "ريقن" بتشكيل لجنة لمراقبة هذا النظام، في حالة ما إذا كان التغير في مؤشر "داو جونز" يفوق 50 نقطة.
و لقد أدى إلى سرعة انتشار هذه الأزمة مجموعة من الأسباب أهمها:
- الروابط الوثيقة بين الأسواق المالية.
- التعامل عن طريق أحدث الوسائل والأساليب الإلكترونية مما سهل انتقال الأزمة و بسرعة من سوق إلى أسواق أخرى.
- التطور الهائل في نشاط هذه الأسواق .
ثالثاً: أزمة المكسيك 1994
لقد ظهر السوق المالي المكسيكي في الحقبة الزمنية التي سبقت الأزمة كفرصة استثمار مثالية للأجانب، نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة، و الذي نجم عن الإصلاحات الإقتصادية الشاملة بالبلد، تمثلت أهم هذه الإصلاحات في خوصصة المؤسسات، و رفع القيود على التجارة الخارجية، إضافة إلى إصلاحات أخرى في السياسة المالية.
ولقد أفضى هذا الوضع إلى تهاطل رؤوس الأموال الأجنبية لشراء العقارات و القيم المنقولة، مما أدى إلى خلق عجز في ميزان المدفوعات المكسيكي، و نظرا لاستقرار العملة المكسيكية بسبب ارتباطها بعملة أخرى، توسع الإئتمان المصرفي، مع تواصل العجز في ميزان المدفوعات المكسيكي، حينها بدأ التوقع بحدوث أزمة مالية، ونتيجة لهذه المؤشرات، اضطرت الحكومة إلى الرفع المتزايد لأسعار الفائدة من أجل دعم العملة، لكن و بمجرد تعويم العملة، انخفضت قيمة البيزو، وتباطأ التوسع الائتماني نتييجة ارتفاع أسعار الفائدة. هذه الأوضاع، أدت إلى انفجار أزمة مالية لم يسبق لها مثيل في المكسيك، زاد من حدتها عبء ديون ضخمة تطلبت إعادة هيكلة استعجالية كعنصر أساسي لحل الأزمة.
رابعاً: أزمة جنوب شرق آسيا
شهدت الأسواق المالية لدول جنوب شرق آسيا( النمور الآسيوية) انهيارا كبيرا منذ يوم الاثنين 1997/10/2والذي أطلق عليه بيوم الاثنين المجنون حيث ابتدأت الأزمة من تايلاند ثم انتشرت بسرعة إلى بقية دول المنطقة حينما سجلت أسعار الأسهم فيها معدلات منخفضة بشكل حاد، فانخفض مؤشر(Hang Seng) بنحو 1211نقطة لأول مرة منذ أكثر من ثلاثين سنة، إضافة إلى انخفاض مؤشرات بقية بورصات دول المنطقة، دون أن يكون متوقعا انهيار هذه الأسواق بهذه الدرجة و السرعة نظرا لما تتمتع به اقتصاديات الدول المعنية من معدلات نمو مرتفعة في السنوات الأخيرة ( %8 - %7 كمتوسط)، وتنوع قاعدتها التصديرية، واندماج أسواقها و اقتصادياتها في الأسواق العالمية.
أسباب أزمة جنوب شرق آسيا
وفقا لمؤشرات اقتصادية كلية، فقد ظهرت علامات مبكرة للأزمة والتي ساعدت في انفجارها الاختلالات التالية في الاقتصاد التايلندي:
- الإنخفاض الحاد في قيمة الـ(Bhat)-العملة الوطنية التايلندية- بعد فترة طويلة من الاعتماد على نظام سعر الصرف الثابت، وهذا ما حفز على الإقتراض الخارجي وعرّض قطاع الأعمال والمال إلى المخاطر.
- فشل السلطات العامة في تقليل الضغوط التضخمية الجامحة و المتجسدة بحالات العجز الخارجي الواسع و اضطراب أسواق المال.
- ضعف الإشراف و الرقابة الحكومية و بالتالي تصاعد الشكوك السياسية حول التزامات الحكومة، و مدى مقدرتها على إجراء الإصلاحات المناسبة لمواجهة الأزمة.
- إضافة إلى ما سبق، فقد ساهمت التطورات الخارجية في تفاقم الأزمة، وأهمها: أولاً: التدفقات الضخمة لرؤوس الأموال إلى تايلاند وبقية دول المنطقة، في منتصف التسعينيات، بسبب انخفاض أسعار الفائدة لدى الدول الصناعية في تلك الفترة. ثانياً: أدى الانخفاض في قيمة الدولار الأمريكي إلى منافسة العملات الآسيوية التي ترتبط به بشكل أو بآخر، ثم إلى تضاءل درجة منافسة الدول الآسيوية في الأسواق العالمية.
كما أن الدول التي تعرضت للأزمة، كانت تعاني من اختلالات اقتصادية داخلية، وذلك ما ساعد على تفشّي الأزمة، ومن تلك الاختلالات:
- الاعتماد المفرط على التصدير لتحقيق النمو.
- الاعتماد الكبير على التدفقات المالية من الخارج، سواء في شكل قروض أو استثمار أجنبي مباشر، إلى جانب الاقتراض الخارجي غير المغطى من قبل القطاع الخاص المحلي.
- الإنخفاض الحاد في قيمة العملات المحلية.
- ضعف الثقة بالأنظمة الاقتصادية و المالية نتيجة لضعف الثقة بالأنظمة السياسية القائمة أساسا.
- نقص الشفافية، ويقصد بها عدم كفاية ودقة البيانات و المعلومات عن أداء الكثير من الشركات و المؤسسات العامة و الخاصة، خاصة فيما يتعلق بالكشف عن الحجم الحقيقي للإحتياطات الدولية للبلدان المعنية من النقد الأجنبي، مما تسبب في فقدان كبير للثقة، وهروب رأس المال للخارج.
انفجار أزمة جنوب شرق آسيا
لقد أعطى نظام سعر الصرف الثابت في بلدان جنوب شرق آسيا ( تايلاند - إندونيسيا - الفلبين - كوريا....) إحساسا زائفا بالأمن، مما شجع هذه البلدان على إبرام ديون ضخمة مقومة بالدولار، إضافة إلى هذا فإن صادرات هذه البلدان كانت ضعيفة في منتصف السبعينيات بسبب ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني و قيام الصين بخفض قيمة عملتها في عام 1994، وقد انعكست تدفقات رؤوس الأموال الضخمة إلى الداخل و ضعف الصادرات في اتساع عجز الحساب الجاري إضافة إلى أن قسما كبيرا من التدفقات كان في صورة اقتراض قصير الأجل، ما جعل هذه البلدان معرضة للصدمات الخارجية.
وبفعل عمليات المضاربة على سعر العملة وتدني الأرباح في أسواق الأسهم، اضطرت السلطات النقدية في تلك الأسواق إلى رفع سعر الفائدة بهدف وقف التحويلات من العملة الوطنية إلى العملات الأجنبية خاصة الدولار الأمريكي و محاولة تشجيع مختلف المستثمرين الحائزين للدولار الأمريكي على تحويل المبالغ الموجودة لديهم إلى العملات الوطنية. وعليه فقد ارتفعت أسعار الفائدة إلى حد %25 في تايلاند، و%35 في كوريا، وظلت عند هذا الحد لعدة أيام، مما اضطر بالمستثمرين في هذه الأسواق إلى التخلي عن الأوراق المالية وإيداع قيمتها في البنوك للاستفادة من سعر الفائدة المرتفع. مما نتج عنه زيادة المعروض من الأوراق المالية في السوق دون أن يقابله طلبات شراء و هذا ما أدى إلى انخفاض شديد في أسعار الأسهم وصل إلى%25 و %50 من الأسعار السائدة في السوق.
وانفجرت الأزمة في تايلاند بعد الهجوم على الـ(BAHT) التايلندي في جويلية 1997 من خلال قيام ستة (6) أفراد من تجار العملة في بانكوك بالمضاربة على خفض سعر هذه العملة بعرض كميات كبيرة منها للبيع، أدت إلى انخفاض قيمته بالنسبة للعملات الأخرى. وتزامن هذا مع فشل الحكومة في الحفاظ على قيمة عملتها بعد تآكل الإحتياطي النقدي الأجنبي لديها، مما أدى بها إلى خفض رسمي في قيمة العملة تسبب و بصورة فورية في تراجع حاد لأسعار الأسهم بعد أن قرر الأجانب الانسحاب من السوق.
انعكاسات الأزمة الآسيوية على الأسواق الأخرى
منذ أن وقع أول هجوم على الـ(BAHT) التايلندي في جويلية 1997، انخفضت أسعار العملات والأصول في كل آسيا نتيجة هروب رؤوس الأموال من أسواق هذه البلدان.مما كان له تأثير مدمر وواسع المدى على اقتصاديات العديد من دول المنطقة و حتى البعيدة منها. وكانت كل من دول كمبوديا، جمهورية اللاوس...من بين الدول الأكثر تضررا من انتشار عدوى هذه الأزمة:
ففي هاتين الأخيرتين تباطأت قوة دفع الإصلاحات بصورة كبيرة و بالتالي لم يتم علاج نقاط الضعف الأساسية في اقتصادياتها، حيث فقدت الإصلاحات الهيكلية في كمبوديا القوة الدافعة مع ازدياد التوترات السياسية خلال النصف الأول من عام 1997. وتباطأت إلى حد كبير في النصف الثاني من نفس العام، بسبب تفاقم نقاط الضعف في تعبئة الإيراد و إدارة الإنفاق العام، فبدأت الدول المانحة (المقرضة) توقف مدفوعاتها بسبب عدم الاستقرار السياسي، وأخذت ثقة المستثمر الخاص تضعف، كما كانت إصلاحات جمهورية لاوس مثبطة منذ 1997 وتفاقم ضعف الإدارة الإقتصادية نتيجة بطء بناء توافق الرأي في عملية اتخاذ القرار، مما صعب من مهمة تصدي سلطات البلاد بسرعة للتدهور الإقتصادي الذي انتاب الإقتصاد المحلي.
وفي أعقاب هذه الأزمة انخفضت تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية نحو جمهورية لاوس بنسبة %91، وتعرضت كمبوديا لانخفاض يقدر بنسبة %45 بسبب هذه الصدمة، إضافة إلى الاضطراب السياسي المحلي الذي بلغ ذروته بالإطاحة برئيس الوزراء الأول الأمير "نوردوم راناريده" في جويلية 1997، والذي كان له تأثير كبير على الأداء الاقتصادي لكمبوديا. وإضافة إلى هذه التحولات و الانهيارات بدأت عملتي البلدين تفقدان قيمتهما، حيث هبطت في بداية الأمر قيمة الريال الكمبودي بسرعة أقل من سرعة تغير العملات الآسيوية الأخرى نتيجة للدولرة المكثفة للاقتصاد الكمبودي.
غير أن عملة الـ(كيب) في جمهورية اللاوس تأثرت بصورة خاصة بتقلبات أسعار الصرف التي هزت المنطقة نظرا لارتباطها الوثيق جدا بالـ(باهت) التايلندي، وفيما بين جويلية 1997 و جوان 1998 فقد الـ(كيب) ما يصل إلى %70 من قيمته أمام الدولار، وبدأ التضخم في الارتفاع، وبدرجة أكبر في اللاوس مقارنة بكمبوديا، و كان الأثر الإجتماعي كبيرا، وفي كلا البلدين، أطلق تزايد ضعف الثقة في الاقتصاد الكلي و أيضا في العملتين العنان لتدفق الأموال إلى خارج النظام المصرفي.
ومن بين الآثار الإجتماعية لأزمة آسيا في البلدين مايلي:
أولاً: في كمبوديا
أفضى الجفاف و الصادرات غير القانونية، الواسعة النطاق للأرز إلى تايلاند و فيتنام إلى نقص حاد في الأغذية في بعض المناطق، وبالإضافة إلى هذا قلل الإنكماش الإقتصادي من فرص استكمال الأفراد لدخولهم.
زادت الهجرة من المناطق الريفية إلى الحضرية مما زاد الضغوط على البنية الأساسية والموارد الإجتماعية و الإقتصادية المحدودة، وتتفشى الأمراض المرتبطة بالأوضاع السكنية البائسة، وعدم كفاية فرص الحصول على مياه نظيفة وسوء التغذية.
ثانياً: في جمهورية اللاوس
أفضى التضخم السنوي المؤلف من ثلاثة أرقام و الزيادات الكبيرة في أسعار السلع الأساسية إلى تقليل الدخول الحقيقية و القدرة الشرائية، مما فرض إجراء تغيرات في أنماط الاستهلاك و الادخار وتم تعديل النظم الغذائية وتخفيض الإنفاق على الكساء.
زادت تكلفة اللوازم المدرسية و الأدوية بصورة كبيرة فوق طاقة الكثير من الأسر الريفية الفقيرة.
تبدلت الأنماط التقليدية لهجرة العمل، وتناقص عدد العمال الصينيين الذين كانوا يهاجرون من قبل جنوباً إلى أودوماكسي للعمل في صناعة التشييد مع ازدياد ضعف الـ(كيب)، مما وفر وظائف في هذه الصناعة لعمال لاوس وفي نفس الوقت تعرض عمال لاوس في تايلاند المجاورة لضغط العودة إلى وطنهم.
آثار أزمة جنوب شرق آسيا
أولاً: آثار الأزمة على الدول المعنية بها:
أدت الأزمة المالية لدول جنوب شرق آسيا إلى إلحاق العديد من الأضرار على اقتصادياتها و على مناخها السياسي و الإجتماعي، ولعل من أهمها:
- تضاؤل الثقة بالأنظمة الاقتصادية -خاصة المالية منها- والسياسية القائمة.
- الانسحاب المفاجيء لرؤوس الأموال الأجنبية في الوقت الذي ساهمت هذه الأموال في رفع معدلات النمو لهذه الدول خلال السنوات الأخيرة و خاصة في القطاعات الموجهة للتصدير.
- ثم إن هذه التحويلات الرأسمالية للخارج ستنسحب إلى خفض في الإنفاق العام و الخاص وزيادة عجز الحساب و تفاقم في المديونية للخارج.
ثانيا: آثار الأزمة على الصعيد العالمي:
يمكن القول أن آثار الأزمة المذكورة على الصعيد العالمي يحتمل أن تأخذ البعدين التاليين معا:
- أدّت الأزمة إلى تدهور في مؤشرات البورصات الأوروبية، وانخفاض في أسعار الأسهم و خاصة لكبريات الشركات متعددة الجنسيات، وبالتالي من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى هبوط عام في الأسعار و إلى حدوث بطالة قد تجر إلى ثورات اجتماعية.
- غير أن هذا الإنخفاض في قيمة عملات الدول المعنية بالأزمة، سينجم عنه تزايد في عرض المنتجات الآسيوية في الأسواق العالمية نظراً لانخفاض أثمانها، و إذا ما استمر هذا الحال سيعود الانتعاش الإقتصادي ثانية لدول المنطقة على المدى الطويل.
وإدراكاً بالآثار المحتملة للأزمة الآسيوية على حركة التجارة و المال الدولي، بادرت بعض المؤسسات المالية إلى معالجة الأزمة لتضيق نطاقها إلى الدول الأخرى، حيث قام صندوق النقد الدولي و البنك الدولي بالتنسيق مع بعض الدول المتقدمة بتقديم تسهيلات مالية إلى الدول المعنية بعد أن فرض مشروعيته التي تضمنت إجراء جملة من التغييرات الهيكلية على الاستراتيجيات الإنمائية التي تبنتها هذه الدول في السنوات السابقة و خاصة في الميدانين التاليين:
- إعادة تقييم العملات الآسيوية.
- إغلاق عدد من البنوك الآسيوية.
الدروس التي أمكن استخلاصها من الأزمات السابقة
وبعد تطرقنا للأزمات المالية السابقة، خاصة أزمة دول جنوب شرق آسيا، ارتأينا استخلاص عدد من الدروس أو النقاط بغية تفادي مثل تلك الأزمات مستقبلا:
الدرس الأول: ضرورة الإهتمام المبكر بتصحيح الإختلالات الإقتصادية الكلية، بمجرد ظهورها، وهذا لم يحدث في إندونيسيا وتايلند بالرغم من التحذيرات المتكررة في هذا الصدد.
الدرس الثاني: بمقدور الدول المجاورة التي تعرضت إلى الأزمة ذاتها أن تأخذ جانب الحذر مقدما وذلك من خلال تعزيز سياساتها الإقتصادية.
الدرس الثالث: لقد تجلى من الأزمة الآسيوية صعوبة تجديد الثقة لدى الجمهور، وهو ما يستدعي بالضرورة التزاما رسميا صارما بإجراء الإصلاحات الاقتصادية حتى و إن تطلب ذلك بعض النتائج المؤلمة.
الدرس الرابع: إن معدلات النمو الاقتصادي التي حققتها دول الأزمة إنما كانت تخفي بعض المشاكل، ومنها العجز الكبير في الحساب الجاري و تدفق الاستثمارات الأجنبية عبر نظم اقتصادية اعتمدت على نحو واسع على تقديم قروض بالعملات الصعبة بأسعار فائدة منخفضة للغاية لصالح قطاعات غير منتجة.
الدرس الخامس: إن التطورات الأخيرة لأسواق رأس المال الآسيوية لا تكشف النقاب عن مخاطر الأسواق العالمية فحسب، بل في كيفية التعامل معها بصورة مسئولة من خلال إتباع سياسات اقتصادية تقوم على أسس متينة من الإصلاحات الهيكلية التي يمكن أن تقود إلى تجديد الثقة، وبالتالي تساعد على تخصيص الموارد بصورة كفوءة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع
- منير ابرهيم هندي،الأوراق المالية و أسواق رأس المال، توزيع منشأة المعارف الإسكندرية، مصر 1997.
- محمد لخضر بن حسين، الأزمات الاقتصادية، فعلها و وظائفها في البلدان الرأسمالية المتطورة و البلدان النامية، ترجمة أحمين شفير، الجزائر ، المعهد الوطني للثقافة العمالية وبحوث العمل، 1995.
- مروان عطون، الأسواق النقدية و المالية (البورصات و مشكلاتها في عالم النقد والمال ) ، الجزء الثاني، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1993.
- فريد النجار، البورصات و الهندسة المالية، مؤسسة شباب الجامعة للنشر، 1998 – 1999.
- ستاد نيجنكو، الأزمة النقدية في النظام الرأسمالي : أصلها و تطورها، ترجمة محمد عبد العزيز، مطبعة جامعة بغداد، بغداد، 1979.
-الصافي وليد أحمد، سوق الأوراق المالية و دورها في التنمية الاقتصادية، رسالة ماجيستير علوم اقتصادية، معهد العلوم الاقتصادية، 1997.
-مجلة التمويل و التنمية، جوان 1999، سبتمبر1999، ديسمبر 2002.
- Barthalon Eric, Crises financières: Revue problèmes économiques, n° 2595 , 1998