السياسات المالية
سوف نقسم لكم أعزائنا القراء المقال إلى فصلين:
الفصل الأول : السياسات الاقتصادية الكلية.
الفصل الثاني : تطور السياسة المالية ومفهومها، أهميتها، أهدافها.
الفصل الأول : السياسات الاقتصادية الكلية.
الفصل الثاني : تطور السياسة المالية ومفهومها، أهميتها، أهدافها.
الفصل الأول: السياسات الاقتصادية الكلية
أثبتت أزمة الكساد العالمي العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي، فضلاً عن النظرية الكينزية والنظريات اللاحقة لها، أن الحاجة إلى السياسات الاقتصادية الكلية أصبحت ضرورة مسلم بها. كما أنه لا يوجد أي اقتصاد في وقتنا الحاضر يستطيع تحقيق الأهداف الاقتصادية للمجتمع تلقائياً بالمستوى المطلوب والمرغوب فيه بدون وجود سياسات اقتصادية كلية تساعد على ذلك.كما أن الحاجة إلى السياسات الاقتصادية الكلية تزداد بدرجة أكبر ونحن في بداية الألفية الثالثة، حتى تستوعب هذه السياسات الاقتصادية التحولات والتحديات الاقتصادية التي تواجه الدول وهي في سعيها لتحقيق التنمية الاقتصادية. فالتحول نحو آليات السوق من خلال برامج الإصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي، فضلاً عن الخصخصة والاتجاه نحو اقتصاديات السوق الحر، وتحرير التجارة من خلال منظمة التجارة العالمية ( WTO ) وتبني استراتيجيات للتنمية ذات توجه خارجي للتصدير في معظم دول الع وفقاً للمزايا النسبية، وسيطرة الاستثمار الأجنبي المباشر والشركات متعددة الجنسية، كل هذا يدعو إلى مزيد من الاهتمام بدراسة السياسات الاقتصادية الكلية.
وتعرف السياسة الاقتصادية الكلية "بأنها مجموعة القواعد والأدوات والإجراءات والوسائل التي تضعها الحكومة وتحكم قراراتها في سبيل تحقيق هدف أو مجموعة من أهداف الاقتصاد القومي خلال فترة زمنية معينة". وقد يتم استخدام سياسة واحدة أو أكثر من سياسة بهدف التأثير في متغير أو عدد من المتغيرات الاقتصادية على المستوى القومي، وذلك في سبيل تحقيق هدف أو مجموعة من الأهداف على المستوى القومي، مثل: تحقيق مستوى مرتفع من النمو الاقتصادي و/أو التوظف الكامل و/أو استقرار الأسعار.
وبالتالي، فإن السياسات الاقتصادية الكلية توضع لتحقيق أهداف الاقتصاد الكلي، ومن ثم، علاج جوانب القصور والعجز في تحقيق هذه الأهداف، وبالتالي، علاج المشكلات الاقتصادية الناتجة عن عدم تحقيق هذه الأهداف الكلية بالمجتمع. وعدم تحقق تلك الأهداف يفاقم من تلك المشكلات، ولعل أهم المشكلات الاقتصادية التي يمكن أن يعاني منها أي مجتمع، وتستخدم السياسات الاقتصادية الكلية في علاجها، تتمثل فيما يلي:
• مشكلة البطالة بأنواعها المختلفة.
• مشكلة التضخم وعدم الاستقرار في الأسعار.
• تدني معدلات النمو الاقتصادي.
• تزايد عجز ميزان المدفوعات وتدهور قيمة العملة الوطنية.
• تزايد عجز الموازنة العامة للدولة.
• مشكلة الديون الخارجية وتزايد التزاماتها.
• اختلال توزيع الدخل القومي.
• اختلال هيكل الإنتاج.
• سوء تخصيص الموارد الاقتصادية المتاحة بالمجتمع.
أهم السياسات الاقتصادية الكلية فيما يلي:
1- السياسة المالية : تتمثل أدوات السياسة المالية في الإنفاق الحكومي والضرائب، وتغيير أي منهما يؤثر في مستوى الطلب الكلي في المجتمع، وبالتالي، يؤثر في مستوى النشاط الاقتصادي. ويتضح من ذلك أن السياسة المالية تتمثل أدواتها في مكونين: المكون الأول للسياسة المالية وهو الإنفاق الحكومي: ويشتمل على الإنفاق على كافة السلع والخدمات مثل شراء المعدات الحربية، والإنفاق على كل المرافق والخدمات العامة. ويحدد الإنفاق الحكومي الوزن النسبي لكل من القطاع العام والقطاع الخاص في الدولة، ويمثل الإنفاق العام أحد مكونات الطلب الكلي، ومن خلال تغيير الإنفاق الحكومي يتم التأثير في مستوى الطلب الكلي، وبالتالي، التأثير في مستوى الناتج القومي ومستوى التوظف والمستوى العام للأسعار.
المكون الثاني للسياسة المالية وهو الضرائب: وتتضمن كلاً من الضرائب المباشرة والضرائب غير المباشرة. وتختص الأولى بتلك الضرائب التي تفرض على دخول الأفراد، والثانية هي تلك التي تفرض على السلع والخدمات. ويؤثر تغيير الضرائب في الطلب الكلي ـ بصورة غير مباشرة ـ من خلال التأثير في مستوى الاستهلاك والاستثمار اللذان يمثلان مكونين رئيسيين من مكونات الطلب الكلي، وبالتالي، يؤثر هذا في مستوى الناتج القومي ومستوى التوظف والمستوى العام للأسعار وغيرها.
وفي ظل ظروف الركود أو الكساد تركز أهداف السياسات الاقتصادية الكلية على الارتفاع بمستوى الناتج القومي ومعدل النمو فيه، فضلاً عن الارتفاع بمستوى التوظف. ولذا، يتم إتباع سياسة مالية توسعية من خلال زيادة الإنفاق الحكومي و/أو تخفيض الضرائب؛ مما يؤدي إلى زيادة الطلب الكلي، وبالتالي، يزداد كل من مستوى التوظف ومستوى الناتج القومي، ويرتفع معدل النمو الاقتصادي. ويحدث العكس في ظل ظروف التضخم؛ حيث يتم إتباع سياسة مالية انكماشية من خلال تخفيض الإنفاق الحكومي و/أو زيادة الضرائب؛ مما يؤدي إلى انخفاض الطلب الكلي، ويحد هذا من معدلات التضخم.
2- السياسة النقدية : تتمثل أدوات السياسة النقدية في تغيير العرض النقدي في المجتمع، ويتمثل العرض النقدي في إجمالي وسائل الدفع في المجتمع سواء في صورة نقود قانونية بكافة أنواعها، أو نقود مصرفية أو التزامات. والائتمان المصرفي، ويؤثر هذا في مستويات أسعار الفائدة، وبدوره في مستوى الاستثمار، ومن ثم، في الطلب الكلي، وبالتالي، يؤثر في مستوى النشاط الاقتصادي. ويقوم على هذه السياسة ويتولى إدارتها البنك المركزي، حيث يتحكم في العرض النقدي في المجتمع من خلال التأثير في عديد من المتغيرات التي تحكم قدرة البنوك على منح
الائتمان، فضلاً عن التحكم في الإصدار النقدي الجديد. ويؤثر هذا في أسعار الفائدة، ومن ثم، في حجم الاستثمار الذي يمثل مكوناً من مكونات الطلب الكلي. ففي ظل ظروف الركود أو الكساد الاقتصادي يتبع البنك المركزي سياسة نقدية توسعية ويزيد من العرض النقدي في المجتمع، ويترتب على ذلك الأمر انخفاض في أسعار الفائدة، ومن ثم، يزداد الاستثمار، وبالتالي، يزداد مستوى الطلب الكلي؛ مما يؤدي في النهاية إلى زيادة مستوى الناتج القومي ومستوى التوظف، فضلاً عن ارتفاع معدل النمو الاقتصادي. بينما في ظل ظروف التضخم فإن البنك المركزي يتبع سياسة نقدية انكماشية ترمي إلى تخفيض العرض النقدي بالمجتمع، ومن ثم، ارتفاع أسعار الفائدة، وبالتالي، ينخفض مستوى الاستثمار وبدوره مستوى الطلب الكلي ، وهذا يحد في النهاية من الارتفاع في المستوى العام للأسعار.
3- السياسات الاقتصادية الخارجية أو الدولية: وتحكم هذه السياسات علاقات الدولة مع العالم الخارجي، وتنقسم إلى مجموعتين من السياسات هما: أولهما : السياسة التجارية وتتكون أدوات السياسة التجارية من التعريفة الجمركية ونظام الحصص، وإعانات الصادرات وغيرها من الأدوات التي تهدف التأثير في الواردات والصادرات. ويؤثر هذا بدوره في مستوى الطلب الكلي، وبالتالي، يؤثر في مستوى النشاط الاقتصادي. فإذا كانت الدولة تواجه عجزاً في الميزان التجاري، فإنها تتبع هذه السياسات من خلال فرض و/أو رفع التعريفة الجمركية على الواردات و/أو فرض قيود كمية على الواردات ـ مثل حصص الواردات ـ فضلاً عن تقديم دعم وإعانات للصادرات بهدف زيادة قدرتها التنافسية في الأسواق الخارجية، وكل ذلك يهدف إلى زيادة الصادرات والحد من الواردات، وبالتالي، تقليل أو التخلص من عجز الميزان التجاري. غير أن أثر هذه السياسات لا يتوقف عند هذا الحد ـ فقط ـ بل يؤدي إلى رفع مستوى الطلب الكلي بالمجتمع، وبالتالي، زيادة مستوى الناتج القومي ومستوى التوظف، وكذلك رفع معدل النمو الاقتصادي بالمجتمع. ثانيهما : سياسة الصرف الأجنبي وتتمثل أدوات هذه السياسة في تغيير سعر الصرف والخاص بتحديد قيمة العملة الوطنية بالنسبة للعملات الأجنبية. ويؤثر هذا على التجارة الخارجية للدولة، أي على الصادرات والواردات، ويؤثر هذا بدوره في مستوى الطلب الكلي، وبالتالي، يؤثر في النهاية في مستوى النشاط الاقتصادي. وتتبع الدول نظماً مختلفة في تنظيم وإدارة أسواق الصرف الأجنبي فيها؛ حيث تتبع بعض الدول نظام سعر الصرف الحر الذي يتحدد وفقاً لتفاعل قوى العرض والطلب؛ بينما تتبع دول أخرى نظام سعر الصرف الرسمي الثابت. وتهدف هذه السياسة ـ عادة ـ إلى تحقيق الاستقرار في سعر صرف عملتها بالنسبة للعملات الأخرى في المدى الطويل. غير أنه عندما تواجه الدولة بعجز في الميزان التجاري، فإنها قد تلجأ إلى خفض سعر عملتها بالنسبة للعملات الأخرى؛ مما يؤدي إلى أن تصبح صادراتها أرخص نسبياً، ووارداتها أغلى نسبياً، ويترتب على ذلك زيادة الصادرات والحد في الواردات، وبالتالي، تقليل أو التخلص من عجز الميزان التجاري، كما يؤثر ذلك الإجراء أيضاً في مستوى الطلب الكلي، وبالتالي، في مستوى الإنتاج والتوظف ومستوى الأسعار بالمجتمع.
4- سياسة الدخول : تتمثل أدوات هذه السياسة في التأثير بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة على كل من الدخول والأسعار، بهدف تحقيق الاستقرار في الأسعار والحد من التضخم الشديد. ويطلق على هذه السياسات بشكل أكثر تحديداً سياسات الأجور والأسعار. ويتم علاج التضخم الشديد وفقاً للفكر التقليدي من خلال إتباع سياسات مالية ونقدية انكماشية، غير أن هذا الأمر يترتب عليه في الوقت نفسه ـ أيضاً ـ خفض كل من مستوى الناتج ومستوى التوظف، وهذا يسهم بدوره في الارتفاع بمعدل البطالة في المجتمع. وهذا الأمر تكون تكلفته عالية جداً على المجتمع. وقد يتطلب ذلك من الحكومات أن تبحث عن وسائل وأدوات بديلة ذات تكلفة أقل لمواجهة التضخم المتزايد. وقد تراوحت هذه الأدوات ما بين التحكم كلية في الأجور و/أو في الأسعار إلى استخدام مؤشرات اختيارية تحد من الزيادة في كل من الأجور والأسعار. وتعد هذه السياسات بمثابة تدخل مباشر في قوى السوق للحد من التضخم، ولذا، يثار بشأنها جدل كبير فيما بين الاقتصاديين.
وتجدر الإشارة قبل الانتهاء من هذا العرض الخاص بالسياسات الاقتصادية إلى أنه غالباً ما يوجد تعارض في تحقيق أهدافها؛ حيث يصعب تحقيق هذه الأهداف معاً في نفس الوقت. إذ أن تحقيق هدف معين أو مجموعة من الأهداف قد يكون على حساب التضحية بهدف أو مجموعة أخرى من الأهداف. فمثلاً، في ظل ظروف الركود الاقتصادي؛ فإنه يتم إتباع سياسات مالية ونقدية توسعية بهدف زيادة كل من مستوى الناتج ومستوى التوظف، فضلاً عن الارتفاع بمعدل النمو الاقتصادي. غير أن هذا يترتب عليه زيادة مستوى الطلب الكلي، ومن ثم، ارتفاع مستوى الأسعار، أي حدوث تضخم. ويحدث العكس في حالة علاج التضخم وإتباع سياسات مالية ونقدية انكماشية.
وبالتالي، فإن هذا الأمر، يتطلب من متخذي السياسات الاقتصادية الاختيار فيما بين أهداف الاقتصاد الكلي والتوفيق فيما بينها، والقبول بالتضحية بحد أدنى مقبول في هدف معين أو مجموعة من الأهداف في سبيل تحقيق هدف آخر أو مجموعة أخرى من الأهداف وفقاً لظروف المجتمع التي يمر بها، وكذلك وفقاً لأولوياته في تحقيق هذه الأهداف.
الفصل الثاني: تطور السياسات المالية ومفهومها، أهميتها، أهدافها.
تسعى الحكومة في أي مجتمع إلى تحقيق عديد من الأهداف ولعل أهم هذه الأهداف يتمثل في: تحقيق مستوى مرتفع من الناتج والوصول بالاقتصاد إلى مستوى التوظف الكامل، والاستقرار في مستوى الأسعار، وتحقيق معدل مرتفع لنمو الدخل، وتحقيق العدالة في توزيع الدخل، والاستقرار الخارجي. ولا يمكن لأي اقتصاد أن يحقق هذه الأهداف بصورة تلقائية بالمستوى المطلوب والمرغوب فيه، وهذا ما أثبته الواقع والتجارب التاريخية خاصة منذ أزمة الكساد العالمي العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي وظهور النظرية الكينزية، ولذا، يتطلب الأمر تدخل الحكومة باستخدام السياسات الاقتصادية المختلفة لتحقيق أهداف المجتمع ومعالجة جوانب الضعف والقصور في الاقتصاد التي تحول دون تحقيق هذه الأهداف.
سوف يتم في هذا الفصل استعراض مفهوم السياسة المالية وتطورها عند كل من الكلاسيك وكينز، ومفهوم السياسة المالية وأهدافها وكذلك أدواتها، فضلاً عن اتجاهات السياسة المالية، وذلك على النحو التالي.
وتتمثل السياسة الاقتصادية في مجموعة الأدوات والوسائل والإجراءات التي تستخدمها الحكومة لتحقيق هدف أو مجموعة من الأهداف. ويتوقف تحقيق الأهداف الاقتصادية المرغوبة في المجتمع على مدى كفاءة وفاعلية السياسات المستخدمة. ولعل أهم السياسات الاقتصادية وأكثرها استخداماً سياستان هما: السياسة المالية والسياسة النقدية. ويتمثل الدور الأساسي للسياسات الاقتصادية المالية أو النقدية ـ في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وخاصة علاج الانكماش والتضخم في الاقتصاد.
أولاً - السياسة المالية عند الكلاسيك:
يعتمد التحليل الكلاسيكي على عدد من الافتراضات الأساسية لعل أهمها:
(1) سيادة الحرية الاقتصادية وعدم تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي إلا في أضيق نطاق ممكن.
(2) سيادة ظروف المنافسة الكاملة سواء في أسواق السلع أو أسواق خدمات عوامل الإنتاج.
(3) سيادة ظروف التوظف الكامل.
(4) تحقيق المصلحة الخاصة.
وفي ظل هذه الافتراضات؛ فإن التفاعل التلقائي لقوى السوق. أي جهاز الثمن يترتب عليه تحقيق الاستغلال الأمثل والكامل للموارد، وبالتالي، يتوازن الاقتصاد دائماً عند مستوى التوظف الكامل، وذلك تمشياً مع فكرة قانون " ساى " للأسواق الذي ينص على أن " كل عرض يخلق الطلب عليه " حيث أن أي زيادة في الإنتاج تقابلها زيادة في الدخول، وهذا يؤدي بدوره إلى زيادة في الطلب على السلع والخدمات بما يضمن استيعاب الزيادة المبدئية التي حدثت في الإنتاج. وهذا يعني أن زيادة الإنتاج لا تؤدي إلى زيادة العرض الكلي فقط، بل تؤدي أيضاً إلى زيادة الطلب الكلي بنفس المقدار، ومن ثم، لا يوجد عجز في الطلب الكلي أو فائض في العرض الكلي. وهذا يضمن تحقيق المستوى التوازني للدخل في الاقتصاد عند مستوى التوظف الكامل دائماً، وبالتالي، لا توجد بطالة في المجتمع. وأي اختلال يترتب عليه ابتعاد الاقتصاد عن مستوى التوظف الكامل يكون اختلالاً عارضاً أو مؤقتاً سرعان ما يصحح نفسه بصورة تلقائية، ويعود الاقتصاد إلى وضع التوازن المستقر عند مستوى التوظف الكامل. وبالتالي، لا يتطلب الأمر تدخل الحكومة في النشاط الاقتصادي للتأثير في مستوى الناتج أو الدخل أو مستوى الأسعار، وأن يكون هذا التدخل في أضيق نطاق ممكن لرعاية ما يسمى بالأرامل الأربعة وهي: الدفاع الخارجي، والأمن الداخلي، والعدالة، والمرافق العامة ـ تلك المجالات التي لا يرتادها القطاع الخاص الذي يهدف إلى الربح ـ وبالتالي، لا يكون هناك أي دور للسياسة المالية، ولذا، يرى الاقتصاديون الكلاسيك ضرورة الحياد المالي للحكومة، وبذلك تتعادل إيرادات الحكومة مع نفقاتها، ومن ثم، تعمل على مراعاة تحقيق التوازن في الميزانية العامة للدولة بصورة دائمة.
ثانياً - السياسة المالية عند كينز:
نتيجة لأزمة الكساد العالمي العظيم التي حدثت في ثلاثينيات القرن الماضي (1929-1933) وما اقترن بها من زيادة في معدلات البطالة وانخفاض في مستوى الناتج القومي ومعدل النمو به، واستمرار ذلك لفترة زمنية طويلة نسبياً ـ حوالي أربع سنوات ـ بدأ الاقتصاديون يتشككون في تحقق الافتراضات الكلاسيكية وتحقيق التوازن في الاقتصاد بصورة تلقائية عند مستوى التوظف الكامل، هذا فضلاً عن بداية ظهور النظرية الكينزية.
وقد أوضح كينز أن الاقتصاد القومي يتوازن عند أي مستوى للدخل، وقد يكون ذلك دون مستوى التوظف الكامل، ومن ثم، توجد بطالة، أو أعلى من مستوى التوظف الكامل، ومن ثم، يعاني الاقتصاد من ارتفاع في معدل التضخم. وبالتالي، بدأ كينز والاقتصاديون التابعون له يؤمنون بضرورة تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي من خلال السياسة المالية الملائمة بهدف التأثير في مستوى النشاط الاقتصادي، وذلك لتحقيق هدفي التوظف الكامل والاستقرار في الأسعار، فضلاً عن تحقيق الأهداف الأخرى في المجتمع.
وقد قام الفكر الكينزي بالتركيز على جانب الطلب الكلي ومكوناته، ومن خلال السياسة المالية يتم التأثير على الطلب الكلي في الاتجاه المرغوب تحقيقاً لأهداف المجتمع كما سوف يتضح في النقاط التالية.
وفقاً لذلك، فإن الفكر الكينزي يؤمن بعدم الحياد المالي، وبالتالي، عدم الالتزام بتوازن الميزانية، حيث قد تعمد الحكومة إلى إحداث عجز مقصود أو فائض مقصود بالميزانية تمشياً مع متطلبات السياسة المالية ووفقاً لظروف النشاط الاقتصادي.
اشتق مصطلح السياسة المالية أساساً من الكلمة الفرنسية "Fisc" وتعني حافظة النقود أو الخزانة، ويراد بالسياسة المالية في معناها الأصلي كل من المالية العامة وميزانية الدولة، وتعزز استخدام هذا المصطلح الأكاديمي على نطاق واسع بنشر كتاب "السياسة المالية ودورات الأعمال" للبروفيسور Alain. H. HANSEN .
سوف يتم في هذا الفصل استعراض مفهوم السياسة المالية وتطورها عند كل من الكلاسيك وكينز، ومفهوم السياسة المالية وأهدافها وكذلك أدواتها، فضلاً عن اتجاهات السياسة المالية، وذلك على النحو التالي.
وتتمثل السياسة الاقتصادية في مجموعة الأدوات والوسائل والإجراءات التي تستخدمها الحكومة لتحقيق هدف أو مجموعة من الأهداف. ويتوقف تحقيق الأهداف الاقتصادية المرغوبة في المجتمع على مدى كفاءة وفاعلية السياسات المستخدمة. ولعل أهم السياسات الاقتصادية وأكثرها استخداماً سياستان هما: السياسة المالية والسياسة النقدية. ويتمثل الدور الأساسي للسياسات الاقتصادية المالية أو النقدية ـ في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وخاصة علاج الانكماش والتضخم في الاقتصاد.
1- السياسة المالية عند كل من الكلاسيك وكينز:
أولاً - السياسة المالية عند الكلاسيك:
يعتمد التحليل الكلاسيكي على عدد من الافتراضات الأساسية لعل أهمها:
(1) سيادة الحرية الاقتصادية وعدم تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي إلا في أضيق نطاق ممكن.
(2) سيادة ظروف المنافسة الكاملة سواء في أسواق السلع أو أسواق خدمات عوامل الإنتاج.
(3) سيادة ظروف التوظف الكامل.
(4) تحقيق المصلحة الخاصة.
وفي ظل هذه الافتراضات؛ فإن التفاعل التلقائي لقوى السوق. أي جهاز الثمن يترتب عليه تحقيق الاستغلال الأمثل والكامل للموارد، وبالتالي، يتوازن الاقتصاد دائماً عند مستوى التوظف الكامل، وذلك تمشياً مع فكرة قانون " ساى " للأسواق الذي ينص على أن " كل عرض يخلق الطلب عليه " حيث أن أي زيادة في الإنتاج تقابلها زيادة في الدخول، وهذا يؤدي بدوره إلى زيادة في الطلب على السلع والخدمات بما يضمن استيعاب الزيادة المبدئية التي حدثت في الإنتاج. وهذا يعني أن زيادة الإنتاج لا تؤدي إلى زيادة العرض الكلي فقط، بل تؤدي أيضاً إلى زيادة الطلب الكلي بنفس المقدار، ومن ثم، لا يوجد عجز في الطلب الكلي أو فائض في العرض الكلي. وهذا يضمن تحقيق المستوى التوازني للدخل في الاقتصاد عند مستوى التوظف الكامل دائماً، وبالتالي، لا توجد بطالة في المجتمع. وأي اختلال يترتب عليه ابتعاد الاقتصاد عن مستوى التوظف الكامل يكون اختلالاً عارضاً أو مؤقتاً سرعان ما يصحح نفسه بصورة تلقائية، ويعود الاقتصاد إلى وضع التوازن المستقر عند مستوى التوظف الكامل. وبالتالي، لا يتطلب الأمر تدخل الحكومة في النشاط الاقتصادي للتأثير في مستوى الناتج أو الدخل أو مستوى الأسعار، وأن يكون هذا التدخل في أضيق نطاق ممكن لرعاية ما يسمى بالأرامل الأربعة وهي: الدفاع الخارجي، والأمن الداخلي، والعدالة، والمرافق العامة ـ تلك المجالات التي لا يرتادها القطاع الخاص الذي يهدف إلى الربح ـ وبالتالي، لا يكون هناك أي دور للسياسة المالية، ولذا، يرى الاقتصاديون الكلاسيك ضرورة الحياد المالي للحكومة، وبذلك تتعادل إيرادات الحكومة مع نفقاتها، ومن ثم، تعمل على مراعاة تحقيق التوازن في الميزانية العامة للدولة بصورة دائمة.
ثانياً - السياسة المالية عند كينز:
نتيجة لأزمة الكساد العالمي العظيم التي حدثت في ثلاثينيات القرن الماضي (1929-1933) وما اقترن بها من زيادة في معدلات البطالة وانخفاض في مستوى الناتج القومي ومعدل النمو به، واستمرار ذلك لفترة زمنية طويلة نسبياً ـ حوالي أربع سنوات ـ بدأ الاقتصاديون يتشككون في تحقق الافتراضات الكلاسيكية وتحقيق التوازن في الاقتصاد بصورة تلقائية عند مستوى التوظف الكامل، هذا فضلاً عن بداية ظهور النظرية الكينزية.
وقد أوضح كينز أن الاقتصاد القومي يتوازن عند أي مستوى للدخل، وقد يكون ذلك دون مستوى التوظف الكامل، ومن ثم، توجد بطالة، أو أعلى من مستوى التوظف الكامل، ومن ثم، يعاني الاقتصاد من ارتفاع في معدل التضخم. وبالتالي، بدأ كينز والاقتصاديون التابعون له يؤمنون بضرورة تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي من خلال السياسة المالية الملائمة بهدف التأثير في مستوى النشاط الاقتصادي، وذلك لتحقيق هدفي التوظف الكامل والاستقرار في الأسعار، فضلاً عن تحقيق الأهداف الأخرى في المجتمع.
وقد قام الفكر الكينزي بالتركيز على جانب الطلب الكلي ومكوناته، ومن خلال السياسة المالية يتم التأثير على الطلب الكلي في الاتجاه المرغوب تحقيقاً لأهداف المجتمع كما سوف يتضح في النقاط التالية.
وفقاً لذلك، فإن الفكر الكينزي يؤمن بعدم الحياد المالي، وبالتالي، عدم الالتزام بتوازن الميزانية، حيث قد تعمد الحكومة إلى إحداث عجز مقصود أو فائض مقصود بالميزانية تمشياً مع متطلبات السياسة المالية ووفقاً لظروف النشاط الاقتصادي.
2- مفهوم السياسة المالية
اشتق مصطلح السياسة المالية أساساً من الكلمة الفرنسية "Fisc" وتعني حافظة النقود أو الخزانة، ويراد بالسياسة المالية في معناها الأصلي كل من المالية العامة وميزانية الدولة، وتعزز استخدام هذا المصطلح الأكاديمي على نطاق واسع بنشر كتاب "السياسة المالية ودورات الأعمال" للبروفيسور Alain. H. HANSEN .
ويعكس مفهوم السياسة المالية تطلعات وأهداف المجتمع الذي تعمل فيه، فقد استهدف المجتمع قديماً إشباع الحاجات العامة وتمويلها من موارد الموازنة العامة، ومن ثمَّ ركز الاقتصاديون جُل اهتمامهم على مبادئ الموازنة العامة وضمان توازنها، ولما كان اختيار الحاجات العامة المطلوب إشباعها يتطلب من المسؤولين اتخاذ قرارات، وأن هذه الأخيرة قد تحدث آثاراً متعارضة أحياناً فتثير مشكلة كيفية التوفيق بين هذه الأهداف المتعارضة وتحقيق فعاليتها على نحو مرغوب، وفي ضوء تلك التوفيقات والتوازنات يتكون أساس ومفهوم السياسة المالية.
يزخر الفكر المالي بتعريفات مختلفة لمفهوم السياسة المالية نسوق بعضها على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر. فيعرف البعض السياسة المالية بأنَّها مجموعة السياسات المتعلقة بالإيرادات العامة والنفقات العامة بقصد تحقيق أهداف محددة. بينما يعرفها البعض الأخر بأنَّها سياسة استخدام أدوات المالية العامة من برامج الإنفاق والإيرادات العامة لتحريك متغيرات الاقتصاد الكلي مثل الناتج الوطني، العمالة، الادخار، الاستثمار، وذلك من أجل تحقيق الآثار المرغوبة وتجنب الآثار غير المرغوبة فيها على كل من الدخل والناتج ومستوى العمالة وغيرها من المتغيرات الاقتصادية.
يتضح أن السياسات المالية تمر عبر قنوات ثلاثة هي:
1- الإيرادات العامة، من عوائد الأملاك العامة للأمة وخراج وضرائب، وزكاة وغيرها. ومعلوم أن بعض هذه الإيرادات العامة مخصص لأهداف محددة، وبعضها غير مخصص.
2- الإنفاق العام، ويشمل ذلك جميع النفقات العامة للحكومة وأجهزتها وهيئاتها، سواء أكانت نفقات عادية أم إنمائية.
3- إدارة العجز (أو الفائض) في الميزانية، وكيفية تمويله ومصادر ذلك التمويل.
يتمثل المفهوم الرئيسي للسياسة المالية في دور الحكومة في استخدام الضرائب والإنفاق الحكومي العام، وذلك لأن تغيير الضرائب يؤثر في القوة الشرائية لدى الأفراد والمؤسسات، وهذا يؤثر بدوره في مستوى الطلب الكلي في الاتجاه المرغوب، وكذلك تغيير الإنفاق الحكومي يؤثر في الطلب الكلي في الاتجاه الذي ترغبه الحكومة.
وبناء علي ذلك يمكن تعريف السياسة المالية بأنها " مجموعة من الأساليب والقواعد والإجراءات والتدابير التي تتخذها الدولة لإدارة النشاط المالي لها بأكبر كفاءة ممكنة، لتحقيق مجموعة من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية خلال فترة زمنية محددة". كما يقصد بها الطريق الذي تنتهجه الحكومة في تخطيط الإنفاق العام وتدبير وسائل تمويله كما يظهر في الموازنة العامة للدولة. وقد تطور هذا المفهوم حسب الدور الذي كانت تلعبه الدولة في النشاط الاقتصادي فقد كانت السياسة المالية سياسة محايدة ولكن بعد ظهور النظرية العامة الكينزية أصبحت السياسة المالية متداخلة.
وتعد السياسة المالية من أهم السياسات الاقتصادية الكلية التي تعتمد عليها الحكومة في تحقيق أهداف المجتمع، ولعل أهم الأهداف التي يمكن تحقيقها من خلال السياسة المالية يتمثل في:1 ـ تحقيق التوظف الكامل.
2 ـ تحقيق معدلات نمو مرتفعة في الدخل.
3 ـ تحقيق الاستقرار في المستوى العام للأسعار.
4. تحقيق العدالة في توزيع الدخل.
3- أدوات السياسة المالية
تتمثل أدوات السياسة المالية فيما يلي:1 ـ تغيير الإنفاق الحكومي.
2 ـ تغيير الضرائب.
3 ـ المزج بين الأداتين معاً.
ويؤثر هذا في مستوى الطلب الكلي بالمجتمع، وبالتالي، يؤثر في مستوى النشاط الاقتصادي في الاتجاه المرغوب تحقيقه.
4- اتجاهات السياسة المالية
يوجد اتجاهان للسياسة المالية إحداهما توسعي والآخر انكماشي.
أولاً ـ الاتجاه التوسعي ويسمى بالسياسة المالية التوسعية: ويظهر هذا الاتجاه عندما يعاني الاقتصاد من حالة الركود أو الكساد، حيث يكون هناك انخفاض في مستوى التوظف، وتراجع في معدل نمو الناتج، ويعزي ذلك إلى قصور الطلب الكلي. ولذا، يتطلب الأمر اتباع سياسة مالية توسعية تهدف إلى زيادة الطلب الكلي، وبالتالي، زيادة مستوى تشغيل الموارد العاطلة والارتفاع بمستوى التوظف، مما يترتب عليه زيادة في مستوى الإنتاج والدخل، وبالتالي، ارتفاع معدل النمو في الدخل، والقضاء علي البطالة. ويتم ذلك من خلال:
• زيادة الإنفاق الحكومي.
• تخفيض الضرائب.
• المزج بين الأداتين معاً.
أي تعمل الحكومة على إحداث عجز مقصود بالميزانية، ويمول هذا العجز من خلال الاقتراض إما من الجمهور أو الجهاز المصرفي، أو البنك المركزي من خلال التوسع في الإصدار النقدي، وهذا النوع الأخير من تمويل عجز الميزانية يترتب عليه زيادة عرض النقود بالمجتمع، ومن ثم، قد يؤدي إلى زيادة معدل التضخم به.
ويترتب على هذه الوسائل السابقة للسياسة المالية التوسعية زيادة الطلب الكلي بحيث يتساوى مع العرض الكلي عند مستوى التوظف الكامل، وبالتالي، يزداد مستوى الدخل ويتم علاج قصور مستوى التشغيل والبطالة بالمجتمع.
ثانياً ـ الاتجاه الانكماشي ويسمى بالسياسة المالية الانكماشية: ويظهر هذا الاتجاه عندما يعاني الاقتصاد من ارتفاع في المستوى العام للأسعار أي ارتفاع معدل التضخم، وما يترتب على ذلك من عديد من الآثار السلبية المتمثلة في اختلال توزيع الدخل والثروة بين فئات المجتمع، وسوء توجيه الاستثمارات، واختلال في معدلات نمو الناتج فيما بين القطاعات المختلفة وغيرها من الآثار السلبية الأخرى، ويكون ذلك ناتج عن زيادة الطلب الكلي.
ورغم افتراض ثبات الأسعار في ظل هذا التحليل، غير أنه عندما يكون الطلب الكلي أعلى من مستوى الناتج عند مستوى التوظف الكامل، تتجه الأسعار إلى الارتفاع. ولذا، يتطلب الأمر تدخل الحكومة باتباع سياسة مالية انكماشية لإزالة فائض الطلب الكلي والحد من التضخم في المجتمع، وبالتالي، تحقيق الاستقرار في مستوى الأسعار، ويتم ذلك من خلال:
• تخفيض الإنفاق الحكومي.
• زيادة الضرائب.
• المزج بين الأداتين معاً.
أي تعمل الحكومة على إحداث فائض بالميزانية يستخدم في تغطية عجز السنوات السابقة.
ويترتب على هذه الوسائل السابقة تخفيض الطلب الكلي بحيث يتعادل مع العرض الكلي عند مستوى الدخل المناظر لمستوى التوظف الكامل.
4- أهداف السياسة المالية:
وتعد السياسة المالية من أهم السياسات الاقتصادية الكلية التي تعتمد عليها الحكومة في تحقيق أهداف المجتمع. ولعل أهم الأهداف التي يمكن تحقيقها من خلال السياسة المالية هي:
1- تحقيق الاستقرار الاقتصادي
2- تحقيق تخصيص الموارد الاقتصادية.
3- تحقيق إعادة توزيع الدخل الوطني.
4- تحقيق التنمية الاقتصادية.
وفيما يلي توضيح هذه الأهداف تفصليا وذلك علي النحو التالي :
1- دور السياسة المالية في تحقيق الاستقرار الاقتصادي: والاستقرار الاقتصادي هو تحقيق التشغيل الكامل للموارد الاقتصادية المتاحة، وتفادي التغيرات الكبيرة في المستوى العام للأسعار مع الاحتفاظ بمعدل نمو حقيقي مناسب في الناتج الوطني، أي أن مفهوم الاستقرار الإقتصادي يتضمن هدفين أساسين تسعى السياسة المالية مع غيرها من السياسات تحقيقهما. وهما :
- الحفاظ على مستوى التشغيل الكامل للموارد الاقتصادية المتاحة.
- تحقيق درجة مناسبة من الاستقرار في المستوى العام للأسعار.
وتلعب السياسة المالية دورا هاما في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وخاصة وقت الكساد أو وقت الرواج نظرا لتأثيرها في كل من مستوى التشغيل ومستوى الأسعار ومستوى الدخل الوطني.
2- دور السياسة المالية في تخصيص الموارد الاقتصادية: يقصد بتخصيص الموارد الاقتصادية عملية توزيع الموارد المادية ( رأس المال والموارد الطبيعية) والموارد البشرية ( العمل والتنظيم) بين الأغراض أو الحاجات المختلفة، بغرض تحقيق أعلى مستوى ممكن من الرفاهية لأفراد المجتمع. ويشمل التخصص العديد من التقسيمات:
- تخصيص الموارد بين القطاع العام والقطاع لخاص.
- تخصيص الموارد بين سلع الإنتاج ( آلات ومعدات) وسلع الاستهلاك.
- تخصيص الموارد بين الاستهلاك العام والخاص.
- تخصيص الموارد بين الخدمات العامة والخدمات الخاصة.
أي أن مشكلة تخصيص الموارد تتلخص في الاختيار بين العديد من أوجه التفضيل، مثل التفضيل بين حاجة وأخرى أو بين غرض وآخر، أو قطاع اقتصادي وآخر، وفي جميع الأحوال يتضمن الاختيار التضحية ببعض الحاجة والأغراض في سبيل إشباع الحاجات التي تنال تفضيل الأفراد.
3- السياسة المالية ودورها في إعادة توزيع الدخل الوطني: يتحدد توزيع الدخل في كل مجتمع بالشكل السائد لملكية وسائل الإنتاج، يتحقق التوزيع بالدرجة الأولى لصاح أولئك الذين يملكون وسائل الإنتاج أي أن عملية توزيع الدخل تتأثر بتوزيع ملكية عوامل الإنتاج وقد لا يكون توزيع الدخل بين الأفراد عادلا من جهة نظر المجتمع، ومن ثمة فتدخل الدولة ينصب في اتجاه التوزيع العادل للثروة بين مختلف أفرادها.
4- السياسة المالية ودورها في التنمية الاقتصادية: تعرف التنمية الاقتصادية، كسياسة اقتصادية طويلة الأجل لتحقيق النمو الإقتصادي، بأنها عملية يزداد بواسطتها الدخل الوطني الحقيقي للاقتصاد خلال فترة زمنية طويلة، وإذا كان معدل التنمية أكبر من معدل نمو السكان، فإنّ متوسط دخل الفرد الحقيقي سيرتفع.
ما هى أنواع الإهلاك ؟
تتمثل انواع الإهلاك فى :
1 – إهلاكات مرتبطة بالأصول الثابتة : وتتمثل فى إهلاكات الآلات والمعدات، إهلاكات المبانى والإنشاءات، إهلاكات الأثاثات والتجهيزات، إهلاكات الأجهزة الكهربية، إهلاكات الأجهزة المكتبية، إهلاكات وسائل النقل والإنتقال ...إلخ
2 – إهلاكات أخرى: وتتمثل فى : إهلاك مصروفات التأسيس، إهلاك المصروفات السابقة على بدء النشاط، إهلاك النفقات الإيرادية المؤجلة.
ما هى طرق حساب الإهلاك ؟ وما هى مميزات وعيوب كل طريقة ؟ وما هى الأنشطة التى تناسب كل منها ؟
تتمثل طرق حساب الإهلاك فى الآتى :
1 – طرقة القسط الثابت
2 – طريقة القسط المتناقص
3 – طريقة إعادة التقدير
4 – طريقة معدل النفاذ
5 – طريقة معدل إهلاك الساعة
6 – طريقة الدفعات السنوية
7 – طريقة بوليصة التأمين
8 – طريقة قسط الإهلاك المستثمر
وسوف نتناول بالشرح طرقة تطبيق كل طريقة من هذه الطرق ومميزات وعيوب كل طريقة والأنشطة التى تناسب كل منها ؟
أولا : طريقة القسط الثابت:
وتقوم هذه الطريقة على افتراض أن الإهلاك يتوقف كلية على عامل الزمن أى أن قيمة الأصل تتناقص بقيمة ثابتة من سنة لأخرى ومن ثم يتم توزيع القيمة الواجب إهلاكها للأصل بالتساوى على عمره الإنتاجى المتوقع ، وبالتالى فإن الإهلاك السنوى يكون ثابت من سنة لأخرى
مميزات هذه الطريقة: تتميز هذه الطريقة بالسهولة فى التطبيق
عيوب هذه الطريقة
1 – أن هذه الطريقة لا تأخذ فى الاعتبار إلا عنصر الزمن فقط عند حساب الإهلاك دون أخذ مقدرة الأصل الإنتاجية فى الاعتنبار .
2 – أنه بأخذ مصروفات صيانة الأصل فى الاعتبار ـ حيث تتزايد مصروفات الصيانة كلما تقدم العمر بلأصل وبالتالى فإن عبء الأصل من الإهلاك + م الصيانة فى السنوات النهائية بكون أكبر منه فى السنوات الأولى لتشغيل الأصل ) فإن هذه الطريقة لا تكون عادلة فى تحميل كل سنة بما تستحقه من القيمة الإهلاكية للأصل .
3 – أن هذه الطريقة تقتضى إمساك سجلات للأصول الثابتة لمعرفة تكلفة الأصل وما حدث له من اضافات وإهلاكات وإزالات وغير ذلك .
الأصول التى تناسبها هذه الطريقة
هذه الطريقة تناسب الأصول التى يمكن تقدير حياتها الإنتاجية بدقة من واقع الخبرة السابقة مثل الأثاث والمبانى وحقوق الاختراع .
والآن لنا عودة لنستكمل معاحديثنا عن طرق حساب الإهلاك، تحدثنا فى اللقاء السابق عن طريقة القسط الثابت ومميزاتها وعيوبها والأصول التى تناسبها هذه الطريقة، واليوم نستكمل الشرح بإعطاء مثال لهذه الطريقة:
- فبفرض أن ثمن شراء أصل ثابت وليكن مبنى 55000 جم وقدر له عمر إنتاجى 10 سنوات وأن قيمة النفاية المقدرة له 5000 جم فإنه طبقا لطريقة القسط الثابت فإن قيمة قسط الإهلاك السنوى = ( 55000 – 5000 ) ÷ 10 سنوات = 5000 جم.
ثانيا: طريقة القسط المتناقص
وبمقتضى هذه الطريقة يتم حساب قسط الإهلاك السنوى على قيمة الأصل الخاضعة للإهلاك الصافية ، أى على أساس قيمة الأصل الخاضعة للإهلاك بعد استنزال الإهلاكات السابقة وتؤدى هذه الطريقة إلى تحميل السنوات الأولى بالعبء الأكبر من الإهلاك وتقليل هذا العبء بمضى المدة .
مميزات هذه الطريقة:
1 – تناقص قسط الإهلاك السنوى مع تزايد مصروفات الصيانة كلما تقدم عمر الأصل ، وبالتالى يميل العبء السنوى المحمل لحساب النتيجة إلى التساوى وبالتالى تتحقق العدالة
2 – تناقص الإهلاك السنوى يتوافق مع تناقص القدرة الإنتاجية للأصل الثابت كلما تقدم به العمر
عيوب هذه الطريقة:
1 – ضرورة استخدام معدل إهلاك مرتفع فى السنوات الأولى من عمر الأصل ، حتى يمكن إهلاك قيمة الأصل بالكامل فى نهاية عمره الإنتاجى ، مما ينتج عنه تحميل السنوات الأولى بعبء يفوق طاقتها دونما سند أو مبرر .
2 – ضرورة الاحتفاظ بسجلات تفصيلية للأصول حتى يمكن تتبع ما يطرأ على الأصل من تغيرات خلال عمره الإنتاجى .
3 – أن طول العمر المنتج الذى تتطلبه هذه الطريقة لا يتمشى مع تطور الاختراعات الحديثة والتقدم التكنولوجى الذى يسود فى العصر الحالى وما يترتب على ذلك من سرعة فى استبدال الأصول.
الأصول التى تناسبها هذه الطريقة:
تستخدم هذه الطريقة بالنسبة للآلات زالسارات وغيرها من الأصول التى يتبقى منها مخلفات يمكن بيعها فى نهاية العمر الإنتاجى للأصل ، وكذلك بعض الأصول التى يحدث انخفاض فى انتاجها مع الزمن بشكل ملحوظ مثل أفلام السينما .
مثال على هذه الطريقة :
بفرض أن القيمة الخاضعة للإهلاك لأحد الأصول تبلغ 20000 جم ، وأن معدل إهلاكه 10 % سنويا : فيكون
قسط إهلاك السنة الأولى = 20000 × 10 % = 2000 جم
قسط إهلاك السنة الثانية = 18000 × 10 % = 1800 جم
قسط إهلاك السنة الثالثة = 16200 × 10 % = 1620 جم
قسط إهلاك السنة الرابعة = 14580 × 10 % = 1458 جم
وهكذا ( يلاحظ أنه يتم خصم قيمة الإهلاكات السابقة قبل حساب الإهلاك الجديد ) .
بفرض أن القيمة الخاضعة للإهلاك لأحد الأصول تبلغ 20000 جم ، وأن معدل إهلاكه 10 % سنويا : فيكون
قسط إهلاك السنة الأولى = 20000 × 10 % = 2000 جم
قسط إهلاك السنة الثانية = 18000 × 10 % = 1800 جم
قسط إهلاك السنة الثالثة = 16200 × 10 % = 1620 جم
قسط إهلاك السنة الرابعة = 14580 × 10 % = 1458 جم
وهكذا ( يلاحظ أنه يتم خصم قيمة الإهلاكات السابقة قبل حساب الإهلاك الجديد ) .
إعداد الطالب: منصور زيد